طفل مريض بالسرطان في العراق


كشفت المفوضية العليا لحقول الإنسان، الثلاثاء، عن المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في محافظة ديالى، مشيرة إلى أن الأطفال يشكلون نحو ‎%‎12 من معدل الإصابات السنوي، إذ سجلت معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق، على مدى الأعوام القليلة الماضية، ارتفاعًا، مقارنة بمعدلاتها في الأعوام الأولى التي أعقبت الاجتياح الأميركي للبلاد عام 2003، وذلك بسب

ب تفاقم مشاكل التلوث البيئي؛ لا سيما في المحافظات الجنوبية.

وقال سيف بدر، المتحدث باسم وزارة الصحة: إن "المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة، بينها 20% إصابات بسرطان الثدي"، فيما أكد مدير مكتب المفوضية في محافظة ديالى، صلاح مهدي أن "مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان أجرى دراسة شاملة لجمع الإحصائيات الرسمية لمعدل الإصابة السنوي بمرض السرطان في مناطق محافظة ديالى بشكل عام".

وضاف مهدي أن "معدل الإصابة السنوي بالمرض في ديالى لكل عام وفق الإحصائيات الرسمية منذ بداية 2013 هو 650 إصابة ‎%‎12 منها أطفال"، مؤكدًا أن "أغلب الأطفال المصابين بالمرض يكتسبون الشفاء لتوفر وحدة تخصصية لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان في مستشفى البتول"، وتابع أن "محافظة ديالى تفتقر إلى مركز متخصص بإمراض السرطان لعلاج المصابين وتقليل عناء وتكاليف السفر إلى خارج المحافظة والبلاد عنهم"، داعيًا وزارة الصحة إلى "ضرورة افتتاح مركز متخصص بأمراض السرطان هناك لمعالجة كافة الفئات العمرية المختلفة التي تصاب بالمرض والبالغ معدلها السنوي 650 إصابة".

وأوضح بدر أن المعدل السنوي يشكل من 11 إصابة إلى 15 إصابة بين كل 100 ألف شخص، وهو ضمن المعدلات الطبيعية المسجلة في المنطقة المحيطة بالعراق، وحتى بعض الدول الأوروبية، ونوّه بأن المجلس الأعلى للسرطان المرتبط بوزارة الصحة سيصدر نهاية العام الجاري إحصائية شاملة بعدد المصابين بمرض السرطان في العراق، وتابع أن الارتفاع الحاصل في الإصابات بين عامي 2003- 2017 يعود إلى ارتفاع عدد السكان الذي يتناسب طرديًا مع الإصابات بالسرطان.

ويعاني العراق من تلوث الماء والهواء والتربة الناجم عن انبعاثات السيارات والمولدات الكهربائية في المناطق المزدحمة، والإسراف في استخدام الأسمدة الكيميائية، إضافة إلى مخلفات الحرب والقصف باليورانيوم المنضب، والسرطان هو أحد أهمّ أسباب الوفيات في أرجاء العالم، وبلغ عدد الحالات الجديدة للإصابة به 14 مليون حالة تقريبًا عام 2012، وحصد، في 2015، أرواح 8.8 مليون شخص، بمعدل حالة وفاة واحدة بين كل 6 حالات وفاة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ولا تعطي الجهات الحكومية في العراق إحصاءات دقيقة وشاملة لعدد مرضى السرطان خلال الأعوام الماضية، إذ تفيد أرقام وزارة الصحة بأن أكثر من 25 ألف إصابة بالسرطان مُسجلة في العراق حتى الآن، أغلبها بسبب مخلفات الحرب وبعض أنواع الذخائر والأسلحة التي استخدمت خلال احتلال العراق عام 2003.

وتزايدت معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق، وخاصة في محافظات الجنوب بعد عام 2003، وفي تصريحات سابقة لعضو مجلس السرطان في العراق "حكومي" جواد العلي عام 2008، قال فيها إن حالات الإصابة بمرض السرطان في المنطقة الجنوبية بلغت 1885 حالة في عام 2005، وارتفعت في عام 2006 إلى 2302 إصابة، وفي عام 2007 بلغ عدد المصابين بالسرطان 3071.

 

ويعزو مختصون هذا الارتفاع إلى التعرّض للتلوث الذي تشهده البيئة في محافظات الجنوب، إضافة إلى مخلفات الحروب المتواصلة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهي: الحرب العراقية-الإيرانية "1980-1988"، وحرب الخليج، عام 1991، والاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية للعراق، عام 2003.

 

من جانبها، اعتبرت منال وهاب، عضوة لجنة الصحة والبيئة في البرلمان، أن أخطاء اقترفتها الحكومة فاقمت أزمة مرض السرطان في البلاد، موضحة أنه بعد دمج وزارة البيئة المختصة بمعالجة الملوثات بوزارة الصحة أصبح عملها منخفضًا، وبالتالي تعاني المحافظات الجنوبية اليوم من نسب مرتفعة من الملوثات البيئة، منها: مياه الصرف الصحي ومياه الأنهار ومخلفات الحروب ومخلفات عمليات الاستخراج النفطي، وأن "بعض المستشفيات، لم تسمها، تلقي مخلفاتها بمياه الأنهار دون أي معالجات تذكر"، وحذرت من أن هذه مشكلة كبيرة، وبالتالي معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق في ارتفاع متواصل؛ بسبب عدم اتخاذ الإجراءات والحلول الكفيلة بخفض نسبة التلوث البيئي في المدن.