لندن ـ ماريا طبراني
يعترف طبيب القلب الرائد الدكتور عصام مالهوترا أنه بمجرد دخول المطعم يصر على النادل ان يجلب له الدجاج والسبانخ والعدس أو أي طبق يطلبه مطبوخ بالسمن وليس بالزيت النباتي، وكانت هذه الفكرة في البداية تثير استغراب الجميع، ولكن عندما شرح لهم أنه طبيب قلب ويعرف أن لا شيء يعرض صحته للخطر اكثر من تناول أطعمة مطهية بالزيوت النباتية على نار عالية بسبب المركبات السامة الناتجة عن الطهي.
وتخلى الكثير من البريطانيين ممن يحبون الطعام المتبل والهنود في شبه القارة عن الطبخ بالسمن التقليدي واتجهوا للطبخ بالزيوت النباتية التي يعتقدون أنها أكثر صحية، ولكن النتيجة كانت ارتفاع معدلات الاصابة بأمراض القلب وداء السكري من النوع الثاني والسرطان.
وتظهر الدراسات أن زيت عباد الشمس وزيت الذرة وغيرها من الخضراوات لا تستقر في درجة الحرارة العالية وتؤدي لاطلاق مواد سامة ترتبط بزيادة مع خطر الاصابة بالسرطان من بين أمور أخرى، وتابعت دراسة حديثة ان الطهي في الزيت النباتي لمدة 20 دقيقة فقط ينتج 20 ضعف من مستويات المواد السامة الدهايد وهو الحد الاقصى التي تسمح به منظمة الصحة العالمية.
وتقود النية الحسنة في اتجاه الناس الى زيت عباد الشمس والزيوت النباتية الاخرى الى الضرر بالصحة، فلسنوات عديدة اعتقدوا انها أفضل من الزبدة، ولكن الادلة العلمية الجديدة تكشف أن منتجات الالبان تقي بالفعل من أمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني، ولكن للأسف تأتي هذه الاخبار في وقت متأخر، حيث ابتعد معظم الناس عن الحليب كامل الدسم والزبدة لأنهم يعتقدون أنها مضرة بصحتهم.
ويشرح الدكتور عصام " اقدم دائما لمرضاي النصيحة التي تنص على ضرورة تجنب تناول أي من الزيوت النباتية المصنعة، ولكن عليهم أن ينتبهوا أن زيت الزيتون البكر البارد يحمي القلب ويعطي الكثير من القوة عندما يتعلق الامر بمضادات الاكسدة التي تساعد على التخلص من الجذور الحرة الضارة في الدم، ولكن الكثير من الزيوت النباتية الاخرى لن تساعد، على الرغم من المطالبات التي تقول أنها تقلل الكوليسترول في الدم.
وخلصت دراسة حديثة نشرت في المجلة الطبية البريطانية أنه حتى لو كان مستويات الكولسترول منخفضة في الدم بسبب النظام الغذائي من السمن النباتي والزيوت النباتية، فلا أثر على كونها مفيدة لصحة القلب وتسبب المزيد من القلق بزيادة خطر الموت.
وتابع " أنصح الجميع بأن يرشوا زيت الزيتون البارد على طعامهم كي يستفيدوا من عناصره، ولكن عليهم أن يطهوا طعامهم باستخدام الزبدة."
وتكمن المشكلة بالأساس في انتاج الدهون والزيوت النباتية لمواد كيميائية عند تسخينها تسبب أمراض القلب والسرطان، ويعتبر زيت الزيتون البارد المشهور في حمية البحر المتوسط عاملا في عيش حياة طويلة وصحية، ولكن في اللحظة التي يسخن فيها فستبدأ خصائصه بالتغير فورا وخصوصا اذا وصل الى نقطة اخراج الدخان، فالمركبات المفيدة تبدأ بالتدهور، وشكل المركبات يمكن أن تصبح مضرة بالصحة، ويصبح الامر أسرع نظرا لأن الزيت يبدأ بإنتاج مواد كيميائية ضارة عند التسخين.
ويحذر خبراء الصحة الناس باستمرار من طهي الطعام باستخدام زيت الزيتون، ويعتقدون أن زيت عباد الشمس أكثر امانا في فترة بعد اطلاق الدخان، فهو يقاوم الحرارة أكثر بالتالي ينتج مواد سامة أقل، وتكمن نقطة الدخان بالتحديد لزيت عباد الشمس الى 225 درجة سليزيوس و لزيت الذرة 230 و زيت الزيتون بين 160 و 190 درجة سيليزيوس.
وطلب مجموعة من الخبراء متطوعين من سكان ليستر استخدام مجموعة متنوعة من الدهون والزيوت في حياتهم اليومية وفي الطبخ تحديد، وطلب من المتطوعين جمع مخلفات زيوت الطهي وحللها الخبراء في المختبر، وكان من بينها زيت عباد الشمس والزيوت النباتية وزيت الذرة وزيت بذور اللفت وزيت الزيتون والزبدة والسمن.
وأرسلت العينات الى جامعة مونتفورت دي في ليستر سيتي حيث قام استاذ الكيمياء الحيوية التحليلية مارتن غروتفيليد بتحليل مكوناتها، وكانت النتائج مثيرة للدهشة، وتبين أن الاشخاص الذين اتبعوا النصيحة التقليدية بالطهي باستخدام الزيت انهم على خطأ تماما، واستثني الدكتور مارتن من هذه النتيجة زيت الزيتون فهي في الواقع الأفضل بينها.
ويفترض بزيت عباد الشمس بديل صحي ولكنه أسوأ بكثير، حتى أسوأ من الشحم، ولفهم الامر أكثر، يشرح الدكتور مارتن أن الزيوت تتأكسد عند الحرارة العالية وهذا يعني أنها تتفاعل مع الاكسجين في الهواء لتكوين مواد الدهيدات والبيروكسيدات الدهنية، وتسرع عملية التسخين هذه الاكسدة ويؤدي استنشاق هذه المواد وحتى بكميات صغيرة الى زيادة خطر الاصابة بالسرطان وأمراض القلب.
وتابع " لقد وجدنا أن الزيوت الغير مشبعة مثل زيت الذرة وزيت عباد الشمس تولد الكثير من الالدهيدات، وهذا فاجئني مثل الكثيرين، فقد كنت أعتقد أن زيت عباد الشمس صحي كثيرا، ولكن تبين أنها تصبح ضارة عندما تسخن فهي تطلق مكونات غير صحية مثل الالدهيدات المسببة للسرطان وأمراض القلب والخرف عندما يؤكل أو يستنشق، ووجدنا أنها تصل الى مستويات عالية تصل الى 20 ضعف."
وتعرف أيضا فريق الدكتور مارتن على نوعين من الالدهيدات التي لم تكن معروفة سابقة من خلال اختبارهم لعينات الزيوت، وببساطة ينتج الطبخ باستخدام هذه الزيوت الكثير من المركبات السمية، ولكن زيت الزيتون وزيت بذور اللفت ينتج عدد أقل بكثير من الدهيدات تمام مثل الزبدة، والسبب في ذلك أنه مشبع بالدهون ويكون أكثر استقرار عند تسخينه.
وأضاف عالم الكيمياء " تنتج هذه الزيوت مستويات أقل من المركبات السامة التي لديها تهديد أقل على جسم الانسان بالمقابل، واذا خيرت بين السمن والزيوت فسأختار السمن بالتأكيد" وبالتالي قد يكون القلي باستخدام الدهون الحيوانية أفضل من زيت عباد الشمس أو زيت الذرة.
وفي المقابل تعتبر الزيوت النباتية خيارات صحية اذا لم تسخن، فهي تخفض الكوليسترول السيء وتقلل من خطر الاصابة بالسكتة الدماغية وأمراض القلب، وعلى الرغم من أن الدهون الاكثر استقرار تكون مشبعة ولكنها ارتبطت بزيادة الكوليسترول السيء وأمراض تصلب الشرايين وأمراض القلب.
وخلصت ايضا الدراسات أن تخزين الزيوت بطريقة خاطئة يمكن أن يؤدي الى انتاج مركبات سمية فأشعة الشمس مثلا تخلق نفس التفاعلات الكيميائية الضارة التي تطلق ببطئ، ويجب تخزين الزيوت في خزانة مظلمة وتجنيبها لضوء أشعة الشمس.