خلايا سرطانية

ربَّما يكون لهذا الكشف نتائج مذهلة بالنظر إلى كون التشخيص المبكر عاملاً رئيسيًا في معدلات البقاء عىي قيد الحياة. فقد نجح الباحثون في تطوير إختبار بسيط للدم، والذي بإمكانه الكشف عن وجود خلايا سرطانية قبل ظهور أية أعراض للمرض بشكلٍ ملحوظ، في تطور ثوري جديد قد ينقذ آلاف الأرواح. وقارن العلماء خلال إحتفالية العلوم البريطانية في "سوانزي" Swansea ما بين الإختبار الجديد والكشف عن التدخين نظراً لعدم توصلهم في الواقع إلى وجود خلايا سرطانية وإنما تغير في خلايا الدم الحمراء، وهو الأمر الذي يحدث عند وجود مرض السرطان.

 ويعد إكتشاف الإصابة بمرض السرطان في وقت مبكر أحد العوامل الرئيسية في نجاح العلاج. فإذا ما تم إكتشاف الورم في جزء واحد من الجسم، كانت هناك فرصة أفضل في إمكانية إزالته عبر التدخل الجراحي. بينما إنتشار السرطان في أعضاء أخرى تزيد معه فرص وفاة المريض.

 ولأن إختبار الدم بسيط لا يكلف سوى 35 جنيهًا إسترلينيا فقط، فإنه يمكن إستخدامه لمراقبة الأشخاص الذين يعانون من زيادة مخاطر الإصابة بالمرض. وأوضح العالم غاريث جينكينز الذي قاد الدراسة بأن الإختبار يمكن تشبيهه " بإختبار التحقق من التدخين ولكن لمرض السرطان " بالنظر إلى كونه يكشف وجود مرض السرطان من خلال خلايا الدم المتحولة. ومن ثم ينطبق القول القديم المأثور بأنه لا يوجد دخان بدون نار " حيث لا يوجد سرطان بدون خلايا متحولة "، وأن التحول هو القوة الرئيسية الدافعة إلى تطور مرض السرطان.

 وذكر الباحثون من كلية الطب في جامعة سوانزي Swansea أن الإختبار الجديد يمكنه التحقق من الإصابة بمرض السرطان قبل ظهور الأعراض بشكلٍ ملحوظ. وكيف أن التشخيص المبكر يعد عاملاً رئيسياً في معدلات البقاء على قيد الحياة. كما أكد البيان الصادر بشأن البحث أن الإختبار يستغرق ساعاتٍ معدودة بإستخدام المعدات المعملية القياسية.

وخلال الأربع سنوات الماضية، عكف الباحثون على تطوير الإختبار وقاموا بدراسة 300 شخص من الأصحاء وكذلك المرضى ممن ظهرت عليهم علاماتٍ مبكرة للإصابة بمرض السرطان، فضلاً عن هؤلاء المصابين بمرض سرطان المريء.

 وكشف الإختبار عن وجود تحول في البروتينات على سطح خلايا الدم الحمراء، حيث كان عدد التحولات لهذا النوع بالنسبة للأشخاص الأصحاء كانت بمتوسط خمسة لكل مليون. ولكن مرضى السرطان كانت التحولات يمكن أن تصل من 50 إلى 100 لكل مليون.

 وقال العالم جنكينز إن واحدًا من الأسباب التي جعلت سرطان المريء مميتاً كانت تتمثل غالباً في التشخيص المتأخر. حيث أن متوسط عدد المرضى يبقى علي قيد الحياة لمدة تصل إلى عام بعد القيام بالتشخيص، بينما يبقى 15  بالمائة على قيد الحياة لمدة خمس سنوات. وأشار العالم جنكينز إلى أن هؤلاء المصابين بالمرض، والذين يصل عددهم في بريطانيـا إلى حوالي 7,000 كل عام سوف يكونون " في غاية السعادة " بالخضوع إلى إختبار قادر على إكتشاف الإصابة بالمرض في مرحلة مبكرة.

 وأضاف العالم جنكينز بأنه سوف يكون من الصعب حقيقةً القول بأن الإختبار لن يكون مؤثرا سوى على مرض سرطان المريء، مشيراً إلى أن الإختبار يعمل على أي نوع من أنواع السرطان في حال التحقق مبكراً من وجود خلايا سرطانية يمكن معها إزالتها عبر التدخل الجراحي، وهو ما يعتقد بأنه سوف يكون له تأثير كبير.

 وأعرب الدكتور إين مكارثي وهو المسؤول البارز عن المعلومات العلمية حول مرض السرطان في بريطانيـا عن سعادته بالتوصل إلى طرق جديدة في الكشف المبكر عن السرطان وخاصةً تلك الأنواع التي يصعب علاجها مثل سرطان المريء، وكيف أنه أمر حيوي لزيادة فرص البقاء علي قيد الحياة. إلا أنه شدد أيضاً على الحاجة إلى المزيد من الدراسات على نطاق واسع للتأكيد على النتائج وإظهار أن الإختبار موثوق به قبل أن يتم تطبيقه داخل المعامل.