واشنطن - رولا عيسى
حذّر الأطباء من ظهور سلالة جديدة من الأمراض المقاومة للعقاقير، وهو الأمر الذي يجعل علاج مرض الزهري مستحيلًا بالمضادات الحيوية الأساسية. وبمجرد القضاء على المرض أصبح غالبية الحالات المصابة بالزهري، قابلة للشفاء بحقن البنسلين، ومع ذلك فإن الدراسة الجديدة تكشف عن سلالة جديدة عدوانية بسبب العدوى المنتشرة بشكل كبير، أكثر مما كان يعتقد في السابق وهناك طرق محدودة للسيطرة على هذه السلالة الجديدة.
وهناك نوعان من مرض الزهري هما "نيكولز" و"ستريت ستاين 14"، وقام باحثون من جامعة زيوريخ بتحليل عينات للزهري، ووجدوا أن النوع الأكثر شيوعًا هو "ستريت ستاين -14 Ω" وهو عبارة عن مجموعة فرعية من النوع الأصلي "ستريت ستاين 14"، ومن المثير للقلق أن 90% من عينات هذه المجموعة الفرعية، التي حللها الباحثون كانت مقاومة للمضادات الحيوية. وعلى الرغم من أن العلماء لم يتوصلوا بعد للكشف عن أي سلالة مقاومة للبنسلين، إلا أن هذا الاكتشاف ينذر بالسوء بالتكيف مع الطب الحديث.
ووفقًا لآخر الإحصاءات، فلقد ارتفعت حالات العدوى البكتيرية المزمنة بنسبة 71% في إنكلترا منذ عام 2011، وزادت حالات الإصابة بالزهري في الولايات المتحدة، وارتفعت العدوى 15% بين عامي 2013 و2014، وارتفعت بمعدل 19% أخرى في الفترة بين عامي 2014 و2015 وذلك وفقًا لما أعلنه مركز السيطرة على الأمراض. ولم يتأكد العلماء بعد بشأن كيف لعدد كبير من الحالات أن يتم تصنيفها وفقًا للسلالة الجديدة التي تزداد مقاومتها للمضادات الحيوية الأساسية ولكنهم يقولون إن ظهور أشكال مقاومة للعقار، يصعب من علاج مرض الزهري وهو من الأمراض الفتاكة المنقولة جنسيًا.
وأظهرت الدراسات التي أجريت حول عدوى الزهري في 13 دولة بين عامي 2012 و2013، كيفية انتشار هذه السلالة المقاومة من المرض بصورة أكثر مما كان العلماء يعتقدون في السابق، ويقول الباحثون من جامعة زيوريخ في الدورية العلمية "بيتشر مايكروبيولوجي" أن السلالة الفرعية "ستريت ستاين -14 Ω" مقاومة وبشكل خاص لنوع من المضادات الحيوية يدعى "ماكرولويدس".
ونبه الخبراء أنه تستخدم الاحتمالية الثانية من العقاقير المعالجة في حالة حقن البنسلين بشكل غير مناسب ولكنها قد تفقد فاعليتها، وتقول لولا ستام المتخصصة في علم الأوبئة في جامعة نورث كالورلينا، أن النتائج تعدّ بمثابة تحذير للأطباء بعدم وصف المزيد من المضادات الحيوية، وأضافت "يحتاج الأطباء لأن يكونوا حذرين للغاية بشأن استخدام عقاقير ماكرولويد لعلاج مرض الزهري". واستمرت الدكتورة ستام في شرح تفاصيل المرض، قائلة إن الزهري لم يعدّ مقاوم لأنواع متعددة من المضادات الحيوية ولكن لا يمكن استبعاد هذا السيناريو في المستقبل. ويقول الأطباء إن التهاون والصعوبة في العلاج التي يمكن أن تظل بدون أعراض لأعوام، أدت إلى ارتفاع معدل الحالات حول العالم، وتشير التقديرات أنه كانت توجد 10.6 مليون حالة مصابة بالزهري حول العالم في عام 2008 ولا يدركون أنهم مصابون بالمرض.
وأكدت الدكتورة إيفون دويل من الصحة العامة في إنكلترا أن عودة مرض الزهري مرة أخرى أثار القلق بشكل خاص في لندن، وارتفعت الإصابات بنسبة 163% في عام 2010، وقالت أيضًا "لقد شهدنا زيادات في الإصابة بالإمراض المنقولة جنسيًا في الأعوام الأخيرة وشكل انتشار مرض الزهري بشكل سريع مصدرًا خطيرًا للقلق في العاصمة". وتم الإبلاغ عن حالات مصابة بالمرض بين علاقات جنسية طبيعية والرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين، ولكن المجموعة الأخيرة هذ الأكثر تضررًا، ويعاني الشخص المصاب بالزهري من قرح غير مؤلمة أو طفح على الأعضاء التناسلية والمستقيم وداخل الفم في غصون شهر من التعرض للإصابة ثم يتبعه مرحلة الإصابة بالزهري الثانوي، والذي تتميز أعراضه بالحمى والصداع والتعرق الليلي.
وإذا لم يتم علاج المرض بالمضادات الحيوية فإنه من الممكن أن يتطور إلى مراحلة متأخرة من الزهري، وفي هذه الحالة فإن المرض يسبب مخاطر صحية أكثر خطورة من بينها مشاكل قلبية وعائية وأمراض الجهاز العصبي المركزي والشلل وغيرها من الأمراض التي تثبت أنه مرض فتاك. ويقول الأطباء إن فحوصات الصحة الجنسية بشكل منتظم في الأناس النشطين جنسيًا هي مفتاح الوقاية من المرض، وخلص الأطباء لهذه النتيجة بعد البحث بتكليف من رئيس الوزراء حيث وجد أن السلالات المقاومة للمضادات الحيوية تسببت في وفاة 300 مليون شخص في سن مبكرة. وعلى الصعيد العالمي فإنه يموت على الأقل 700 ألف شخص بسبب مقاومة بعض الأمراض للعقاقير مثل الالتهابات البكتيرية والملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية المسمى بالإيدز والسل، والمزيد من التوعية الصحية والتثقيف الصحي واتباع الوصفات الطبية من قبل الأطباء هي الطرق الأساسية لمكافحة المشكلة.