بريطانيا تقدم اختبار حمل للكشف عن الإصابة بمتلازمة داون دون التعرض للإجهاض

طرحت هيئة الخدمات الصحية الوطنية، اختبار أكثر أمنًا لمتلازمة داون، يسمح للمرأة الحامل بإجراء الفحص دون التعرض إلى خطر الإجهاض. وأوضح وزير الصحة البريطاني أن الاختبارات غير التداخلية ستبدأ في 2018، وسيتاح لمعظم النساء اللاتي تكون أجنتهم أكثر عرضة إلى الإصابة بمتلازمة داون، لتنجب اختبارات "بزل السلى"، الذي يتم من خلال إزالة كمية صغيرة من السائل الأمنيوسي من الرحم.

وأحدث هذا التغيير جدلًا كبيرًا بشأن هذه الاختبارات، لأنه من المتوقع أن تستخدمه عدد كبير من النساء اللاتي يتجهن إلى عمليات إجهاض الأجنة المعرضة إلى الإصابة.  وأضاف الوزير  "نريد أن تكون المرأة قادرة على استخدام أكثر اختبارات الفحص المتاحة أمانًا، استنادًا إلى الأدلة السريرية، وافقنا على استخدام اختبار ما قبل الولادة غير التداخلي الجديد، للكشف عن متلازمات داون وإدوارد، ومن المقرر أن يقلل طرح هذا الاختبار عدد النساء الحوامل اللاتي يقمن بإجراء الفحوصات العادية التي تتسبب في خطر الإجهاض".

وسيتاح هذا الاكتشاف الجديد لخدمة عشرة آلاف سيدة سنويًا، واللاتي يعانين من احتمالات مرتفعة، لإنجاب أطفال مصابة بمتلازمة داون أو غيرها من الأمراض الوراثية الأقل شيوعًا، مثل متلازمتي إدوارد وباتاو. وتستمر جميع النساء الحوامل في إجراء  الفحص الأولي عند الأسبوع الثاني عشر، والذي يشمل  فحوصات الموجات فوق الصوتية وفحوصات الدم، في حين سيتوفر الفحص الجديد للنساء اللاتي لديهم مستوى عالي من المخاطر بعد الفحص الأولي.

ومن المعروف أن نسبة إنجاب طفل بمتلازمة داون، يكون مرتفعًا بالنسبة إلى النساء ما فوق سن الـ38، كما أن أعدادهم تتزايد بشكل مطرد. وتفضل بعض النساء عدم استخدم اختبار "بزل السلى" خوفًا من فقدان أطفالهم، وذلك لما له من خطر صغير في حدوث إجهاض، بينما الاختبار الجديد غير التداخلي لا يحمل أي مخاطر إجهاض. وسيستمر تقديم الاختبار التداخلي، الذي يقدم التشخيص النهائي، إذا كان اختبار ما قبل الولادة غير التداخلي إيجابي.

ويقدر عدد الأطفال الذين يولدون مصابين بمتلازمة داون إلى ما يقرب من 775 طفل مصاب في إنجلترا وويلز كل عام. ويعتبر اختبار الدم الجديد قائم على أساس السلامة، ومن المتوقع أن يزداد عدد الآباء الذين يريدون القيام به، لمعرفة ما إذا كان سينجبون طفلًا مصابًا بمتلازمة داون أم لا. ومن ناحية وجود أي أضرار أخلاقية ناتجة عن الاختبار، أكد مجلس نوفيلد للأخلاقيات البيولوجية في يوليو/تموز الماضي عدم وجود أي قضايا أخلاقية ناجمة عن استخدام الاختبار الجديد.

ويأتي هذا الإعلان بعد 10 شهور من توصية إيجابية قدمها خبراء لجنة الفحص الوطني في المملكة حيال الاختبار. ولن يتم إجراء الاختبارات الأولية حتى عام 2018، لإتاحة الوقت الكافي للموظفين لتلقي التدريب المناسب. وذلك مع العلم أن الاختبارات تتعلق بقضية حساسة وأن على هيئة الخدمات الصحية الوطنية التقدم في هذا الصدد بحرص.

وأثير الجدل حول الاختبار الجديد، عقب بث فيلم وثائقي بعنوان "العالم بدون متلازمة داون" على فضائية هيئة الإذاعة البريطانية هذا الشهر للممثلة سالي فيليبس، الذي كان ابنها "أولى" لديه متلازمة داون. وتحدثت عن السعادة التي أدخلها "أولى" على الأسرة، وأبدت قلقها إزاء اختبار الفحص الجديد، وتعجبت من محاولة أي امرأة في أن تختار عدم إنجاب طفل يعاني من هذه الحالة.

وأوضح الدكتور آن ماكي، مدير برامج لجنة الفحص الوطنية في بريطانيا، قائلًا "نحن بصدد طرح اختبارات ما قبل الولادة غير التداخلية، لتوفر لنا فهم أفضل لتأثيره على قرارات النساء وأزواجهم بعد معرفة نتائج الاختبار". وأضاف ماكي "نحن نعمل على تطوير التفاصيل الكاملة لعملية بدء طرح الاختبار، بما في ذلك عدد المواقع المعنية وكذلك عملية جمع النتائج والمعلومات، ويضمن العمل الذي نقوم به مع المجموعات والخبراء والعلماء والأطباء المثابرين، الحصول على أفضل النتائج، وذلك من أجل مساعدتنا في تطوير الموارد المعلوماتية المتوازنة لضمان الصحة العامة".

وشرح البروفيسور لين تشيتي، خبير في علم الوراثة السريرية والطب الجنيني وتشخيص ما قبل الولادة والذي شارك في إعداد الاختبار "ستكون عملية بدء التنفيذ التدريجي مهمة في السماح لنا بتدريب جميع العاملين في مجال الصحة، للمشاركة في تقديم هذه الخدمة الجديدة لضمان حصول الآباء والأمهات على المعلومات الكافية التي على أساسها يتخذون القرارات المتعلقة بالحمل، وكذلك دعمهم في اتخاذ تلك القرارات".