مخاطر النوم لساعات قليلة

كشفت دراسة صحية جديدة، أنَّ قلة النوم لنصف ساعة يوميًا في الأسبوع تزيد من احتمال الإصابة بأمراض السكري والسُمنة.

وأظهرت الأبحاث التي تمولها وزارة "الصحة" البريطانية، أنَّ الأشخاص الذين تقل عدد ساعات نومهم 30 دقيقة كل ليلة في الأسبوع يصبحون أكثر عرضة للإصابة بالسمنة والمعاناة من مشاكل صحية أخرى متصلة بها بنسبة 72%.

وأوضحت الدراسة أنَّ المعاناة من قلة النوم لأكثر من 6 أشهر تسبب زيادة كبيرة في مقاومة الأنسولين، الذي يمكن أن يؤدي إلى حالة ما قبل السكري، وتزيد من احتمالية أن يتطور إلى مرض السكري من النوع2.

وأشارت إلى أنَّ مرض السكري يحمل أخطارًا متزايدة متعلقة بالعمى، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، فضلًا عن الأضرار المتعلقة بالأعصاب والأوعية الدموية.

وتهدف الدراسة إلى تحديد الآثار الصحية التي تترتب على حياتنا الحديثة المزدحمة، والتي تنطوي بشكل كبير على الاستغناء عن النوم خلال الأسبوع، والقضاء ساعات كبيرة من النوم في عطلات نهاية الأسبوع.

وصرَّح البروفيسور من كلية طب "وايل كورنيل" في قطر، شهراد طاهري، "وجدنا أن نقص 30 دقيقة في النوم يوميًا يمكن أن يكون له آثار كبيرة على البدانة، ومقاومة الأنسولين".

وشدَّد الباحثون على أنَّ تجاهل الساعة البيولوجية للجسم ناجم عن فقدان إفرز النوم الطبيعي للهرمونات، ما يؤدي إلى مشاكل صحية، وأظهرت دراسات سابقة أنَّ العمل في أوقات متناوبة من اليوم يزيد من احتمال مرض السكري.

وذكر علماء من جامعة "بريستول" وكلية طب "وايل كورنيل"، أن تقييم "قلة النوم" إجراء لمعرفة الفرق في ساعات نوم الليل طوال أيام الأسبوع وفي عطلة نهاية الأسبوع، وأجريت الدراسة على 552 شخص.

وكشفت النتائج في الاجتماع السنوي لجمعية "الغدد الصماء" في سان دييجو الأسبوع الماضي، كاليفورنيا، عن الآثار الصحية المترتبة على قلة النوم.

وأبرزت النتائج أَّن المشاركين في بداية الدراسة كانوا يعانون من فقدان النوم، ورأت الدراسة أنهم أكثر عرضة للسمنة بنسبة 72%، مقارنة مع الذين ينامون جيدا، وبعد مرور 6 أشهر من قلة النوم، كما أظهرت النتائج، وجدوا أن هناك فارقًا كبيرًأ في مخاطر الإصابة بالسمنة ومقاومة الأنسولين.

وأشارت إلى أنَّ مقاومة الأنسولين تحدث عند مستويات مرتفعة من الهرمون، وتسبب حساسية تؤدي إلى قلة كفاءتها، ما يمكن أن يؤدي إلى بوادر الإصابة بالسكري التي ترتبط بشكل وثيق بالسمنة، وهي الحالة التي يكون فيها مستويات الجلوكوز في الدم تقترب من مستوى السكر.

ونوَّهت بأنَّ مقدمات السكري ومقاومة الأنسولين يمكن أن يؤدي إلى مرض السكري النوع 2، وهي حالة مرضية تستمر طوال الحياة وتحمل مخاطر صحية عديدة تسبب أضرارًا تصيب الأعصاب، والكلى، ومشاكل البصر.

وبيَّن البروفيسور طاهري، أنَّ"قلة النوم منتشر في المجتمع الحديث، ولكن لم ندرك عواقبه في التمثيل الغذائي سوى العقد الماضي فقط"، مضيفًا "نتائجنا تشير إلى أن تجنب النوم قد يكون له فوائد إيجابية لمحيط الخصر، والتمثيل الغذائي، وإذا دمجنا تدخلات أسلوب الحياة في النوم لخسران الوزن، ومرض السكري ربما يؤدي إلى تحسن نتائجهم الإيجابية".

ودعا خبراء لتجارب أكبر متعلقة بتحديد ما إذا كانت قلة النوم أثناء الأسبوع يمكن أن تعوض في عطلة نهاية الأسبوع، لأن ذلك يضع صحتنا على المحك، وكانت دراسة قد أجريت العام الماضي ذكرت أن العمل في نوبات عمل يزيد من مخاطر تطور مرض السكري النوع 2 بنسبة أكثر من الثلث.

وصرَّح المحاضر البارز في جامعة "سري" الدكتور دينيس روبرتسون، عن الدراسة بأنها "مثيرة للاهتمام، ومتوافقة مع البيانات المتوقعة للأفراد الأصحاء غير المصابين بالسكري من النوع2".

وأشار روبرتسون إلى أنَّ الدراسة التي ربطت بين طول مدة النوم والسمنة والتمثيل الغذائي بحاجة إلى "الطبقة التالية من الأدلة"، ملمحا إلى احتمالية وجود تأثير  كبير على الصحية بسبب هذه "التدخلات" في النوم.

وحذر علماء في أيار/ مايو الماضي من جامعة أكسفورد، وكامبردج، وجامعة هارفارد، ومانشستر، وجامعات سوري، من أنَّ تقليل ساعات النوم يؤدي إلى مشاكل صحية خطرة، وحذروا من أن الحياة العصرية والمجتمع المتيقظ 24 ساعة يعني أنَّ كثيرًا من الناس يعيشون ضد ساعات جسمهم.

وتمتلك كل الكائنات الحية آلية داخلية تعرف باسم الإيقاع اليومي، أو ساعة الجسد البيولوجية، التي تتزامن مع نمط وظائف الجسم طوال الـ24 ساعة، وتنظمها الحواس في كل من البشر والثدييات الأخرى بشكل بالغ الأهمية ويتضمن الطريقة التي تنظر بها العين إلى الضوء والظلام، والجلد الذي يشعر بتغيرات درجة الحرارة.

وتعتبر التكنولوجيا الحديثة مسؤولة عن إبقائنا متيقظين لوقت متأخر من الليل، وقلة النوم.

يوضح تلك المسألة أكثر البروفيسور تشارلز كيزلر من جامعة "هارفارد"، قائلًا "إنَّ الضوء بات يمتلك سلطة أكبر في تنظيم الساعة البيولوجية الداخلية الخاصة بالإنسان، مثل المصابيح الكهربائية الموفرة للطاقة، والهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والحواسيب الشخصية، كل تلك الأجهزة تمتلك مستويات عالية من الضوء بشكل كبير يمكنه من تعطيل الساعة البيولوجية للجسم.

وأضاف كيزلر "التعرض للضوء، خصوصًا للموجة الضوئية الزرقاء في المساء يعيد ضبط إيقاعات الساعة البيولوجية لوقت متأخر من الليل، ويؤخر إطلاق هرمون الميلاتونين المعزز للنوم، ما يزيد من مشقة النوم حتى ننهض في الصباح".