لندن - كاتيا حداد
تُعدّ العيوب التناسليّة عند الرجال من الأمور الصادمة التي قد تُشعر المرضى بحرج بالغ وتصدّهم عن متابعة الطبيب للعلاج؛ حيث أنَّ مجرد الحديث عن تلك الأعراض يندرج ضمن الأمور البالغة الحساسية.
وتؤثر تلك العيوب على رجل واحد من بين 300 آخرين، بما يفسد علاقاتهم الجنسية الطبيعية، ويصبح لها تأثير وصدمات جسدية ونفسية مدى الحياة.
ومن بين تلك الحالات؛ يُعاني جيمس نيومان (49 عامًا) من حالة تسمى الأحليل أو مبال تحتاني أي عيوب قناة مجرى البول، يظهر على شكل جذع بعيدًا عن قاعدة القضيب، بدلًا من على الحافة، وأحيانًا يميل رأس القضيب إلى الوراء، مما يجعل من المستحيل التبول واقفًا.
وجيمس رجل متزوج ولكنه عقيم بسبب سوء حالته الصحية، فقد تعرض لـ19 عملية مؤلمة منذ كان عمره تسعة أشهر، في محاولة لتصحيح نتائج العمليات السابقة، وتعرض لسلسة من المشاكل مع ثقب قديم ولكنه لايزال يتبول من حفرة تحت قضيبه، كما أنَّ ممارسة الجنس كان كابوسًا مهينًا، ولكن اكتشف مؤخرًا أنه ليس وحده.
وترتبط تلك الحالة أيضًا بعدم نزول الخصيتين، حتى في بعض الأحيان قد تسبب عقمًا للرجل، كما أنَّ الفتيان المصابين بذلك العيب يمتلكون قضيبًا أصغر من المتوسط، وفضلاً عن السخرية والإهانة، إذا اكتشف زملائهم في المدرسة ذلك العيب في غرفة تغيير الملابس يتهمونّهم بالشذوذ، مما يسبِّب صدمات جسدية وعاطفية خلال العلاقة الجنسية.
ولم تُعرف أسباب الإصابة بذلك العيب حتى الآن، إلا أنَّ كثير من الرجال لا يعرفون أنَّ لديهم تلك الحالة من الأساس، رغم أنَّ أبائهم يعرفون ولكن لم يسعوا لمساعدتهم، ولذلك تمّ منع الأطباء من تعقُب أنماط الميراث.
وزاد أرقام المتضررين من هذه الحالة إلى الضعف خلال جيل واحد، مما يجعله حالة شائعة كـ"شفة الأرنب" و"الشق الحلقي".
وأرجع بعض الخبراء هذا إلى الوالدين؛ بسبب استخدام بعض الأمهات لحبوب منع الحمل، مما يؤثر على نحو 125 طفل، ويتطلب عمليات جراحية للتصحيح، ولكنها ليست بتلك البساطة.
تاريخيًا، وحرص عدد كبير من الجراحين غير المتخصّصين على تحذير الآباء من العواقب الوخيمة التي تصيب الأطفال نتيجة لهذه الحالة، ولقد حاولوا دون جدوى تمديد أنبوب البول للوصول إلى رأس القضيب، ولكنه يبدأ في التسرُّب ويحتاج إلى إصلاح متكرر.
وإذا ما انصهر القضيب بالكامل إلى الجسم، فهناك حاجة إلى جراحة تجميلية لفصله أو لبناء أنبوب البول؛ ففي الماضي، كان غالبًا ما يستخدم الجلد مع بصيلات الشعر لهذه الإجراءات، مما يسبِّب الالتهابات والألم الخانق بالإضافة إلى انسداد في المسالك البولية.
ويؤكد بعض المتخصّصين أنَّ التقنيات الجراحية الحديثة يمكنها تجنب هذه المضاعفات، ولكن هناك خلاف حول سنّ إجراء العملية، أو ما إذا كان ينبغي التدخل على الإطلاق في الحالات الشديدة.
ويعترف بعض الأطباء أنه حتى الآن يمكن أنَّ يصنف هذا النوع من الجراحة أنه اعتداء على الأطفال الصغار، ويجب مسبقًا أخذ الموافقة من الوالدين.
ويجري نحو 1500 عملية مبال تحتاني كل عام، واحد من كل سبعة تجرى بشكل خاطئ، وغالبًا ما تؤدي إلى مشاكل بولية مدى الحياة، وفي حالات أخرى، تترك الجراحة ندبات قبيحة.
ويسجّل جراحي الأطفال البريطانيين المرضى الذين خضعوا للعملية، وأيضًا يرصدون نحو 400 طريقة للعملية تمّ استخدامها لتحديد الأكثر نجاحًا.
وتوضح البيانات المنشورة للمرة الأولى من قِبل جراحي المسالك البولية للأطفال أنَّ بين العامين 1999 و2010، 14.5% من الأطفال المصابين خضعوا لأكثر من ثلاث عمليات في محاولة لتصحيح التشوه، حيث يؤكد استشاري جراحة المسالك البولية للأطفال في مستشفى ألد هاري، ليفربول، سيمون كيلي، والذي قاد أيضًا حملة تسجيل المرضى: "هذه ليست طريقة خالية من التعقيد، ولكننا سنكون أول دولة في العالم تراقب نتائج العمليات، وسيكون ذلك عونًا كبيرًا لدفع تحسين المعايير الجراحية للمضي قدمًا".
وبفضل منتديات الإنترنت تواصل مع العديد من الحالات الذين تعرضوا لتلك العمليات في سنّ الطفولة، والكثير منهم يصف تلك العمليات بالاعتداء على الأطفال، حيث يؤكد جيمس: "إنها أكثر بكثير من مجرد عملية لتتبول بشكل طبيعي، إنها اعتداء".
وتعرَّض جيمس للعديد من الصدمات، ولكنه تعافى بفضل زوجته، ولكنه يرفض الحديث عن علاقته الجنسية بها.
ويوضح طبيب المسالك البولية في جامعة نيوكاسل، الدكتور ماثيو جاكسون، والذي يعمل مع الجمعية الخيرية للتحليل التحتي في المملكة المتحدة لكشف وجهات نظر الرجال الذين أجريت لهم جراحة خلال الطفولة: "يعاني الرجال لسنوات من تلك المضاعفات، ويذكرون إنهم لم يخيروا للقيام بهذه العملية، كما أنَّ العديد من العائلات لم يناقشوا هذه الحالة مع آبائهم عندما كبروا، فالأولاد هم الشخص الوحيد المتضرر في الغالب".
ويضيف الدكتور جاكسون: "من الصعب جدًا التنبؤ بما هو السن المناسب للجراحة وما هو الشرط الصحيح لتبرير الجراحة أو تحديد النتيجة المطلوبة".
وأيضًا الملحن المحترف ستيف بروكس (42 عامًا)، وحالته أسوأ بكثير من حالة من جيمس؛ فقد ولد مع صغر القضيب، مع الاختلاف من مبال تحتاني، وهو ما يعني أنَّ الجهاز بأكمله كان مربوطًا في جسده من قِبل عصابة من الجلد بين ساقيه، مثل عائلة جيمس، كان والدا ستيف يخجلان جدًا من مناقشة حالته، وأنه كان يتعرض للمضايقات في المدرسة أيضًا.
وتعرَّض بروكس لـ15 عملية في محاولة لتكبير القضيب والسماح له بالتبول واقفًا، وذلك حين كان عمره 11 شهرًا، وفي عمر الـ17 عامًا رفض الخضوع لأيّة عملية جراحية أخرى، ولكن فشلت محاولات الزواج والاتصال الجنسي، وتركته صديقته في عمر الـ21، لأنها كانت تريد أطفال.
ثم تزوج بروكس في سن الـ27، وزوجته معلمة موسيقى تحولت إلى طبيبة نفسية ولديهم ابنة في سنّ الـ14 وولد في سن الـ12، ويضيف: "ظاهريًا حياتي في حالة جيدة، لدي زوجة وعائلة جميلة، وأنا أحب عملي، ولكنني أخضع لعلاج مكثف من الاكتئاب الشديد، أكتشفت حالتي في مرحلة البلوغ، إنَّ الأمر مأسوي حقًا، كثير من الأولاد يشعرون بالخجل".