اكتشاف دواء جديد لفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب

كشف العلماء عن علاج جديد يسخر قوة الأجسام المضادة للإنسان للقضاء على فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"، وقد اختبر بالفعل على القرود، التي تعتبر من الحيوانات غير المعرضة لفيروس نقص المناعة البشرية لذلك أنتج العلماء فيروسًا كان جزءًا من فيروس نقص المناعة البشرية وأطلقوا عليه فيروس نقص المناعة المكتسبة القردي وهو ما يعادل ذلك الذي يصيب الإنسان.

وأعطيت القرود الرضع العلاج لمدة 24 ساعة من التعرض للفيروس الهجين الذي يحمل البروتين المغلف لفيروس نقص المناعة البشرية، وكشف العلماء في مركز ولاية أوريغون القومي للبحوث أنهم اكتشفوا بعد أسبوعين أن العلاج قضى على الفيروس تمامًا، وزاد هذا الاكتشاف الأمل بإنقاذ حياة الآلاف من الأرواح البشرية.

وأظهرت الدراسة أن الأجسام المضادة التي أعطيت للقردة استطاعت أن تمسح الفيروس، بعد أن نقلت القرود المصابة الفيروس لأبنائها عن طريق الرضاعة، بنفس الطريقة التي ينتقل بها الإيدز من الأم إلى الطفل خلال فترة الرضاعة وأثناء الولادة وكذلك في حالات نادرة جدًا أثناء الحمل، وتعطى النساء الحوامل والأمهات والرضع علاجات مضادة للفيروسات الرجعية، واستطاعت الولادة القيصرية تقليل انتقال الفيروس من الأم إلى الطفل من 25% لأقل من 2% منذ العام 1994، وعلى الرغم من ذلك يصاب نحو 200 ألف طفل بفيروس نقص المناعة المكتسبة البشري كل عام في جميع أنحاء العالم، لاسيما في البلدان النائية حيث العلاج ليس متاحًا بسهولة.

وذكرت كبير العلماء ومؤلفة الدراسة، الدكتورة نانسي هايقود "كنا نعرف أثناء خوض الدراسة أن عدوى فيروس نقص المناعة البشرية ينتشر بسرعة كبيرة للإنسان الرضيع خلال الرضاعة، لذلك عرفنا كيف نعالج القردة الرضع بسرعة، ولكننا لم نكن مقتنعين أن الأجسام المضادة يمكن أن تطهر الجسم من الفيروس تمامًا وكنا سعداء لرؤية هذه النتيجة"، واستطاعت نانسي وزملاؤها إدارة الأجسام المضادة لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية لدى الإنسان عن طريق الحقن في اليوم الأول والرابع والسابع والعاشر من التعرض للفيروس، ولاحظ الباحثون أن الخضوع لعلاج الأجسام المضادة لديه تأثير فوري.

وتشير النتائج الى أن العلاج المبكر سيكون فعّالًا في قتل الفيروس من الجسم وذلك خلال 14 يومًا فقط، ولاحظ الباحثون أنه بحلول اليوم الرابع عشر كان الأجسام المضادة قد قضّت على الفيروس، وباستخدام أساليب حساسة للغاية وجدوا أن المضادات بقيت حتى العلاج لمدة ستة أشهر، وينتشر فيروس نقص المناعة البشرية بسرعة بين البشر في العقد الليمفاوية والتي يقوم بتجفيفها، ثم ينتشر في جميع أنحاء الجسم في أسبوع واحد بعد الإصابة، وأظهرت هذه الدراسة أن الفيروس تكاثر لدى القردة حديثي الولادة  في العقد اللمفاوية بعد 24 ساعة من التعرض له، ولكنه تأخر لمدة خمسة إلى سبعة أيام كي يظهر في الدم.

وخلصت النتائج إلى أن الأجسام المضادة التي أعطيت تحت الجلد توزعت بسرعة في مجرى الدم والأنسجة وحافظت على نشاطها في مختلف المواقع الرئيسية واستطاعت إزالة الفيروس بفعالية مختلفة عن مضادات الفيروسات الراجعة، وهو مزيج من أدوية عدة مضادة للفيروسات المستخدمة لتبطئ انتشار الفيروس في الجسم، وأوضحت المشاركة في الدراسة، الدكتورة يونان ساشا "تشير الدراسات غير البشرية لمضادات الفيروس إلى أن العلاج في وقت مبكر من ثلاثة أيام من العدوى يمنع انتشار المرض ويقضي على الفيروس،  ولذلك وباستخدام العلاج يمكن مسح الفيروس بعد أن يتعرض له الأطفال، وهذا يمكن أن يساهم في إنقاذ الآف الأرواح إذا نجح هذا الأسلوب مع الأطفال البشريين الرضع".

وأشار الباحثون إلى أن علاج الأجنّة البشرية مع مضادات الفيروسات الرجعية خلال الأشهر الأخيرة من الحمل وبعد أيام قليلة من الولادة وخلال فترة الرضاعة مطلوب جدًا، ومع ذلك ما تزال هناك مخاطر من استخدام هذه المضادات على المدى الطويل، ويتوجب تطوير بدائل دوائية أخرى، والحصول على الرعاية قبل الولادة وبعدها، ويشير هذا الاكتشاف إلى أن استخدام أساليب جديدة مثل الأجسام المضادة  للحد من الإصابة بعد تعرض الأطفال حديثي الولادة للفيروس يمكن أن يكون مفيدًا، ويقر القائمون على الدراسة أن الكثير من الأسئلة ذات الصلة تظل بلا إجابة لعلاج الأطفال حديثي الولادة والأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الذين يولدون لأمهات مصابات.

وتشمل هذه القضايا العلمية والثقافية لعلاج الأمهات والمرضعات والأطفال الرضع، وإذا ما كان العلاج سينجح، وإيجاد بدائل أخرى، وبدأت بالفعل التجارب على الأطفال من البشر لاختبار العلاج بالأجسام المضادة في أميركا وجنوب أفريقيا، وأظهرت النتائج أنها آمنة ويمكن أن تساعد، وبالفعل ساعدت النتائج الأطباء على تحديد نافذة فرصة لعلاج فعّال بعد التعرض لفيروس نقص المناعة البشرية أثناء الولادة، وإذا نجحت الاختبارات يأمل الباحثون بأن علاج الأطفال الذين يتعرضون للفيروس خلال 24 ساعة يمكن أن يوفر لهم حماية من العدوى الفيروسية وحتى بغياب مضادات الفيروسات الرجعية.