لندن _ سليم كرم
ستلاحظ بأخذ نظرة عبر الرفوف في متاجر الملابس في المملكة المتحدة، فساتين ذات أكمام تصل إلى المعصم ورقبة عالية، وأثواب أطول قليلًا، وهذا بفضل صعود موضة الأزياء المحتشمة، وهي الأزياء التي تُخفي شكل الجسم، ففي الآونة الأخيرة، وجدت العلامات التجارية نفسها في تحدِ لعرض أزياء تعجب النساء اللاتي يرتدين الملابس المحتشمة لأسباب دينية وثقافية، بما في ذلك المسلمين واليهود والمسيحيين، وقد تزامن هذا مع دورة الأزياء الطبيعية التي أدت إلى ظهور الملابس الطويلة الواسعة كنقيض للأزياء الكاشفة التي كانت رائجة لعقد من الزمان.
وتخصصت أستاذ الدراسات الثقافية في كلية لندن للأزياء، رينا لويس، في دراسة المظهر المحتشم منذ منتصف العقد الماضي، وفي الموسمين الماضيين على وجه الخصوص لاحظت أن الأزياء المحتشمة أصبحت رائجة، فتخلت العلامات التجاريةعن الجينز الضيق لصالح السراويل واسعة الأرجل وغيرها من الأزياء التي لا تظهر شكل الجسم، والتي تسببت في شعبية العلامات التجارية مثل "كومي دي غارسونس"، وكما أظهرت نيجيلا لوسون عندما سبحت في البحر مرتدية البوركيني في عام 2016، فإن أحيانًا النساء لا يردن ارتداء ملابس تُظهر جسمهن بغض النظر عن معتقداتهن.
ويسعى مصممو الأزياء المسلمون في المملكة المتحدة، واليهود والمسيحيون في الولايات المتحدة لسد الثغرات في سوق الملابس المحتشمة، وذلك باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لتحقيق الانتشار، بالإضافة لإنشاء مواقع إلكترونية للتسوق عبر الإنترنت، وأحد العوامل التي ساعدت في حصول تلك الأزياء على إعجاب المستهلكين من الشباب هو المناخ السياسي غير المريح.
وتقول المؤسسة الشريكة لشركة "آب"، وهي علامة تجارية للأزياء المحتشمة أُطلقت في عام 2007، ألطاف عليم: "اليوم، هناك احتفاء بالفردية، وقد أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية منبرًا أساسيًا للناس للتعبير عن شخصيتهم"، مضيفة: "قبل عشرة أعوام كان من الصعب جدًا العثور على ملابس محتشمة ومواكبة للموضة على حد سواء، ما كان متوفرًا إما كان قديمًا أو مملًا، ولكن الآن أصبح هناك الكثير من الخيارات من مختلف المصممين، توفر اختيار للمستهلك هو أمر جيد دائمًا"، فالآن يعمل آب مع دبنهامز - أول متجر ضخم في المملكة المتحدة يبيع الملابس الإسلامية، ومؤخرًا بيعت مجموعتهم لملابس السباحة في غضون أيام من عرضها على الإنترنت.
ولكن، سوف يسأل البعض إن كان هذا قمعيًا بعض الشيء، لويس وعليم لا يتفقان مع هذا، إذ لا يزال هناك الكثير من الملابس الكاشفة في المتاجر، وتؤكد عليم أن آب لا تحاول استبدال تلك الملابس، حيث إن سعي مصممي الأزياء المحتشمة للوصول إلى جمهور أوسع، في الوقت الذي تحاول فيه العلامات التجارية الشهيرة أن تكون أكثر شمولية، يضع نهاية لهذا السؤال.
وأكدت آب: "ومن المفارقات أن تلك لم تعد حجة في الوقت الحاضر، إذ يشجع جميع المصممين الرائجين الأزياء المحتشمة، باعتبارها الموضة السائدة الجديدة، ولكن في الأيام السابقة كنت تريد دائمًا أن تكون حذرًا عندما نتحدث عن الأزياء المحتشمة، للتأكد من أن كلامك لا يشير إلى أن أي أزياء أخرى كانت غير محتشمة".
وتوافقها سيمي بولونسكي، التي أسست مع شقيقتها العلامة التجارية للأزياء اليهودية الأرثوذكسية "ذي فروك نيويورك"، في الرأي فتقول: "أشعر أن المجتمع يأخذ ببطء منعطفًا نحو التركيز أقل على فكرة وجود مبادئ توجيهية خاصة بملابس المرأة، مع التوافق مع "الموضة الرائجة للملابس المحتشمة"، متابعة أنها تلقت ردود كثيرة جدًا من النساء اللاتي يقلن أن فساتين "أب" أعطتهن إحساسًا متجددًا بالثقة، مضيفة: "نحن نريد أن تكون علامتنا التجارية شاملة للجميع سواء كن يؤمن بأسباب دينية، أو لا يؤمن بها".