فيلم "الثمانية المكروهون"

شهدت قاعة اتحاد الإذاعيين والتلفزيونيين، عرضًا سينمائيًّا لفيلم "الثمانية المكروهون" للمخرج المثير للجدل كوانتين تارانتينو، ضمن فعاليات نادي السينما والناس.

وأكد المشرف على فعاليات النادي، الناقد والمخرج السينمائي حسين السلمان، إلى "فلسطين اليوم"، أن إحياء عروض السينما العالمية في بغداد والمساهمة في جلساتها يمثلّ دعماً للثقافة العراقية، بعد أن تعرضت الثقافة الوطنية للتدمير، مضيفًا: مخرج الفيلم المثير للجدل دخل قلب السينما من خلال محله لبيع الأفلام، وهو صاحب المقولة المشهورة "لولا السينما الروسية لانهارت السينما العالمية".

وينقل فيلم "الثمانية المكروهون"، وهو من نوع أفلام "الويسترن" الذي يعود به إلى الغرب المتوحش، والذي بلغت مدته 168 دقيقة، صورة مصغّرة عن المجتمع الأميركيّ خلال حقبة ما بعد الحرب الأهلية الحرجة، أي أحداث جرت في نهاية القرن التاسع عشر، فنجد رجل القانون، ورجل العدالة، ورجل الحرب، ورجل الثورة، ونجد الأسود، والأبيض والمكسيكيّ، والمرأة والشيخ المسنّ، والشاب اليافع، ومن خلال العاصفة الثلجية.

ويجبر تارنتينو كلّ هؤلاء الأوغاد على التواصل، وينقل لنا عبر حواراته البارعة، مكامن هذه الشخصيات وعلاقاتها بالآخر، من خلال البقاء علی قيد الحياة وإيجاد مأوی، وينتشر بينهم الغدر والخداع فمن الذي يستطيع النجاة منهم؟ وعرج السلمان إلى أن المخرج أثار قضية السرد في فليمه، موضحًا أن السرد أخذ منحى آخرًا منذ البداية وحتى في النهايات، فضلاً عن اعتماده على المفاجآت والدلالات والإشارات إلى الزمان والمكان، فالمهم كيف تسرد وليس أن تقدم حكاية حميمة، كما أن المخرج عمد إلى استخدام الفصول في الفيلم بفنية عالية.

وأضاف السلمان أن اتجاه المخرج الأدبي جعله يقسم الفيلم كالرواية، كما أن تفاصيل الفيلم بيّنت أن هناك مجموعة من البشر كشفت عن مكنوناتها الداخلية، ومن هنا يبدأ التحليل النفسي بين شخوص الفيلم، فمن يقتل أكثر هو الرابح الأكبر، متابعًا: الفيلم يذكرنا بالأفلام التي تستخدم الرجل الأسود، الذي يكون تحت رعاية الرجل الأبيض، وقد وردت في الفيلم كلمة "نيغر" ولم يستخدم كلمة اسود، والفيلم لم يخاطب الرجل الأسود وإن ذلك فيه إهانة كبيرة، كما أن غالبية الحوارات تركزت على أن السود بالنتيجة منتصرون، ولكن ختمها بيد الرجل الأبيض من خلال الرسالة المتروكة إلى الرئيس الأميركي لينكولين الهندي الأحمر.

ونوه السلمان إلى أن المخرج عمل فيلمه في مكان واحد، وألقى بكل الثقل على الممثلين، متسائلًا عن الرسائل الموجهة من خلال هذا الفيلم وماذا أراد المخرج أن يوصل بدمويته، وختم قائلاً: الفيلم في الغالب صوِّر في مكان واحد، واعتمد بشكل كبير على اللقطة العامة، وقلب الأحداث ليس على طريقة الفلاش باك بل التداعي الحرّ، معتمدًا على أسلوب الحداثة في السينما، وما يميز تارانتينو الإيطالي الأصل والذي عاش في أميركا، صفة العنف، فيقول: "العنف متعة سينمائية كبيرة"، كما أنّه متمرد على النسق الروائي، فضلاً عن اعتماده على مكان واحد، وهو كاتب سيناريو ومنتج سينمائي متقدم، كما إنه حوَّل المرأة ضمن شخوص هذا الفيلم إلى وحش كاسر".

وأبدى الأكاديمي، الدكتور صالح الصحن، ملاحظاته عن الفيلم والمتمثلة في غلبة الحوار، فضلاً عن تعدد أنساق السرد، وقلة عدد الممثلين والعاطفة والنساء والجنس والمواضيع الإنسانية، مضيفًا: أمّا اللون فقد اتسم بالحيادية، فضلاً عن اشتغال المخرج على بيئة ومنطقة واحدة وهي: كوخ ومنطقة ثلجية، مع استخدام الحيل والمؤثرات (الكروما) والموسيقى في الفيلم لم تكن موفقة، فالفيلم لم يخلو من تلك العقيدة التي تصور الأميركي لا يخذل، ينتصر ولا يثلم ولا ينكسر، وحتى مشاهد الدم ولعبة العنف قللت من قيمة التذوق والشد، فهو يضمّ مجموعة من المتغيرات القصدية.