بيروت _ غنوة دريان
يحقّقُ مسلسل "واحة الغروب" مشاهداتٍ عاليةً، حسبَ آراء نقادٍ ومتابعين، جاذبًا المتلقي منذ لحظة عرض المقدمة. ويمشى بطلا العمل منه شلبي وخالد النبوي في طريق قديم، يرافقهما صوت الفنان وائل الفشني في موائمة بين زمن القصة (القرن 19) وطريقة الأداء الأقرب إلى الإنشاد: "سافر حبيبي وداخل لي يودّعني، بكى وبلّ المحارم وأنا قلت إيه يعني؟ والله فراق الحبايب مُرّ يوجعني".
كلماتٌ من التراث الصعيدي اختارها الفشني ليؤديها بلهجةٍ جمعت بين البدوية والصعيدية، تحديداً نجع برطباط في محافظة المنيا القادمِ منها، وأن الموسيقي تامر كروان لحن الشارات وأخرجه لتُسجلَ الأغنيةُ في سلوفاكيا مع موسيقى العمل التصويرية، معللاً أن الأوركسترا في مصر غير مهيأة لتسجيلٍ عالي الجودة والدقة.
ودرس وائل الفشني الموسيقى في إيطاليا منتصف التسعينيات وبعد عودته عمل مع الموسيقيَّين فتحي سلامة ويحيى خليل، أيضاً قدمه الفنان علي الحجار في حفلات عديدة، أكثر مايميزه أدائه الأقرب إلى الإنشاد، كنتيجة طبيعية لنشأته وسط عائلة الفشني، التي عرفت بأنحاء مصر بالإنشاد والابتهالات.
ومقدمات المسلسلات الشعبية مساحتُها الخاصة وجمهورها، الذي يترقبُها ويتابع أعمالها القائمة على حكايا الحواري البسيطة. الحب، الفقر، البلطجة إشكالات تنسج بنية هذه الأعمال. وأما المقدمات فتحمل ذاتَ الطابع ويؤديها أيضاً مغنون شعبيون، أحدهم الفنان أحمد شيبة الذي يغني مقدمة مسلسل "اللهم إني صائم" للمخرج أكرم فريد.
وتقدم الفنانة بوسي شارة مسلسل "الحساب يجمع" للمخرج هاني خليفة، أما مقدمة مسلسل "رمضان كريم" للمخرج سامح عبد العزيز، فيغنيه الفنان حكيم وقد حقق مشاهدات قاربت المليون على يوتيوب. واستهلت بعضَ أعمال الدراما الاجتماعية شارات رومانسيةٌ حاكت فحوى تلك الأعمال التي تضيء على هموم الحب والعائلة والصحة، الفنانة شيرين قدمت مقدمة مسلسل "حلاوة الدنيا" الذي يحكي قصة مريضة سرطان تنعطف حياتها بعد إصابتها بالسرطان، أخرج العمل حسين المنباوي.
وتميزت الفنانة أصالة في أداء مقدمة مسلسل "لاتطفئ الشمس" إخراج محمد شاكر خضير، سيناريو تامر حبيب عن رواية للكاتب إحسان عبد القدوس. ولم يكن حالُ مقدمات المسلسلات السورية بأفضل منه في الأعمال الاخرى، التي عصفت بها الحرب كمحصلة للحرب الشرسة في البلاد والتي ضربت كل ما يخصّ قيم الحداثة السورية، وصدعٌ كبير فصل الدراما السورية عن تاريخها الثري الذي بقيت بعض أعماله حيّة حتى اللحظة.
ففي جزئه الـ13 يواصل مسلسل "بقعة ضوء" في تقديم كوميديا الواقع السوداء عبر رؤية فنية تتماهى فيها الضحكةُ والدمعة، في حين لاتزال مقدمة المسلسل نابضة بالجمال الذي أبدعه الموسيقي طاهر مامللي وغناه الفنان عاصم سكر برفقة المغنية ديمة أورشو. وكأن الأغنية باتت صوتاً لحال المواطن السوري اليوم طالباً أن يُترك بحاله ولحاله بعيداً عن وجع الحرب والدم "ياناس خلوني بحالي وحدي ومرتاح بالي".
وكذلك المقدمات شأنها شأن الأعمال لم تتجاوز حدودَ الخليج، ولم يشفع لبعضها أنها قدمت بأصوات مغنين على درجة من الأهمية، فالفنانة اليمنية بلقيس غنت مقدمة مسلسل "رمانة" بطولة الفنانة حياة الفهد، والشارة تختزل فحوى المسلسل الكوميدي الذي أخرجه حسام حجاوي.
والفنان الكويتي عبد الكريم عبد القادر أدى مقدمة مسلسل "كان في كل زمان" بطولة الفنانة سعاد العبدلله، سيد الطرب الخليجي كما يُسمى حمّل الأغنية الكثير من الشجن بصوته العذب، معبراً بكلماتها عن مضمون المسلسل الذي يقدم قصصاً عن قضايا يعايشها المجتمع الخليجي والعربي. وتبقى مقدمة اغنية مسلسل "الأعلى سعر" هي اكثر استماعا بين صفوف المشاهدين، والتي تؤديها الفنانة نوال الزغبي، مختصرة قصة المسلسل بأكمله.