القاهرة - فلسطين اليوم
رحل فارس الشاشة العربية أحمد مظهر، في الثامن من مايو/أيار قبل 7 سنوات، ومع مرور الأيام لاتزال ذكراه باقـية لما قدمه للسينما المصرية والفن بوجه عام منذ تجسيده دور صلاح الدين الأيوبي علي شاشة السينما وحتي رحيله.
في العام التالي من صلاح الدين، رشح الأديب يوسف السباعي مظهر لأداء دور "البرنس علاء" في روايته "رد قلبي" لتحويلها إلى فيلم سينمائي، وكان الدور شبيهًا بمظهر لفروسيته وأصوله الشركسية، وبالفعل حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا ونجح مظهر في تأدية دور البرنس بجدارة، ما جعله يتخلى عن بدلته العسكرية عام 1956 ليتفرغ للفن.
إقرأ أيضـــــا : فنّانون أصابهم مرض "ألزهايمر" قبل رحيلهم عن دنيانا
بدأ مظهر رحلته الفنية، وأُسندت إليه الكثير من الأدوار المختلفة، إلا أن كثيرا منها طغى عليه طبيعة أحمد مظهر الأرستقراطية، مثل دوره في "رد قلبي"، "الأيدي" الناعمة، و"إسلاماه"، ولعل أبرزها وأكثرها شهرة على الإطلاق هو قيامه بالدور الرئيسي في فيلم "الناصر صلاح الدين".
وعلى غير المتوقع حقق مظهر نجاحًا كبيرًا في أداء الأدوار الكوميدية، كأفلام "لصوص لكن ظرفاء"، "أضواء المدينة"، "الجريمة الضاحكة"، و"العتبة الخضراء". كما نجح في الأدوار الدرامية كأفلام "دعاء الكروان"، "غرام الأسياد"، "غصن الزيتون"، "النظارة السوداء".
بجانب الأفلام، نجح مظهر في الأعمال الدرامية، وشارك في عدد من أبرز المسلسلات المصرية مثل "ليالي الحلمية"، "ضمير أبلة حكمت"، "ضد التيار"، "على هامش السيرة"، "ألف ليلة وليلة"، و"حب في الحقيبة الدبلوماسية".
الاعتزال والعودة
في عزّ مجده، قرر مظهر الاحتجاب عن الشاشات، حين شعر أن نجمه أوشك أن يأفل، وقرر البقاء في منزله واستثمار وقته فيما يحب، مثل الفروسية وزراعة الأشجار النادرة في حديقته الخاصة، كما تردد ما يُفيد أن عشقه للميكانيكا جعله يفتح مشروعًا صغيرًا لتصليح السيارات.
ولكن العاشق لا يتوب، وبمجرد أن ناداه الفن مجددا عاد له مهرولا، وقدّم أحد أهم أفلامه، وأهم أفلام السينما المصرية بشكل عام، أمام السندريلا وهو فيلم "شفيقة ومتولي".
بكاء الفارس
بكى فارس السينما المصرية ثلاث مرات، الأولى عندما حدثت له واقعة وسببت له الكثير من الألم النفسى لما تعرض له منزله، حيث قال مظهر إن عينيه انغمرت بالبكاء عندما عرف أن منزله، تعرض للسرقة وهناك من دخل إلى منزله، وسرق محتويات قيمة وليست عادية بل هي تاريخية لا تقدر بأى ثمن.
وشملت المحتويات المسروقة عددًا من الجوائز القيمة التى تسلمها الفارس على مدار حياته لما قدمه من إنجازات فنية وبطولات فروسية، حيث سرق كأس تسلمه من الملك فاروق مصنوع من الفضة الخالصة وذلك بعد فوزه بمسابقة قوة التحمل فى الفروسية عبر الموانع، بالإضافة إلى ٣ مسدسات حصل عليها فى العديد من مسابقات الرماية واستخدمها فى معظم أفلامه.
وسالت دموعه للمرة الثانية عندما هاتفه المسئولون عن التحقيق فى السرقة ليعلنوا له عن السارق الذى تم القبض عليه، وكانت المفاجأة هى فتاة كان يعطف عليها أكثر من عام، وأكد مظهر أنه لم يشك لحظة واحدة فيها، فكان الفارس قد عرض عليها أن يساعدها فى دخول المجال الفنى أو كفتاة إعلانات بعد أن زار مدينة ١٥ مايو والتى يملك بها شقة.
وعهد إليها ببيع شقته، وتعددت زيارتها لها واصطحبت معها شقيقها وصديقة من صديقاتها، وبدأوا فى التفكير لسرقة مقتنيات أحمد مظهر، وبعد زيارة من زياراتها، استغلت الفتاة الجميلة ذهاب الفارس للنوم وقامت بفتح باب الشقة لشركائها وقاموا بسرقة الأشياء الخفيفة بعد أن فشلوا فى الحصول على أى أموال أو مقتنيات ذهبية، وتم القبض عليها بعد تحريات مكثفة هى وباقى العصابة، وأحيلوا إلى محكمة جنايات الجيزة وتمت معاقبتهم بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ.
وبكى مرة أخرى عندما فاجأ الجمهور بظهوره على شاشة التليفزيون، تكسوه معالم الشيخوخة، ممسكا بعصاه، منحنيا في جلسته، يحاوره الإعلامي مفيد فوزي، الذي تمكن من انتزاع دموعه، وذلك بسبب حديقة فيلته التي تحوي مجموعة من أندر النباتات والأشجار، وكانت على وشك أن يدهسها "البلدوزر"، تمهيدًا لإنشاء طريق المحور الذي كان يمر بجوار الفيلا، ولأن تلك الحديقة كانت كل حياته، لم يتحمل مظهر حدوث ذلك فسالت دموعه بحرقة على الشاشة.
اتصل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بوزير الإسكان والمرافق حينها حسب الله الكفراوي، ليسأله عن مدى إمكانية إجراء تعديل لتفادي نزع نصف أرض فيلا أحمد مظهر، وتم عمل دراسة ورأى المهندسون تعذر إجراء تعديل، لأن الابتعاد عن الفيلا يستلزم إجراء انحراف سيتسبب في وقوع حوادث، وبعد فشل "مبارك" في حل الأزمة، عرضت الحكومة على الفنان الراحل تعويضا ماليا بمبلغ كبير من المال نظير الجزء المستقطع من حديقة الفيلا، لكنه رفض بشدة، وقال إن الأشجار النادرة التي تم اقتلاعها لا تعوض بمال، ثم إن الفيلا نفسها تشوهت لأنها أصبحت بحديقة صغيرة.
الجوائز والتكريمات
نال مظهر خلال مشواره الفني أكثر من 40 جائزة محلية ودولية، منها جائزة الممثل الأول عن فيلم "الزوجة العذراء"، وجائزة التمثيل عن دوره في فيلمي "الناصر صلاح الدين"، و"الليلة الأخيرة"، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الرئيس عبد الناصر عام 1969، كما تم تكريمه في مهرجان "القاهرة السينمائي الدولي".
في مثل هذا اليوم، الأربعاء 8 مايو عام 2002، كان هو وحده يصارع مرضه الذي توغل في جسده، وكان سنوات عمره قاربت الـ85 عاما. بعد ثلاثة أيام قضاهم يحاول التشبث بالحياة في مستشفى الصفا بالقاهرة، استسلم أخيرا، ومات أحمد مظهر.
قد يهمــــك أيضــــأ:
رأي الفنانين والنقاد في أدوار "الأم العصرية" في السينما المصرية