القاهرة – منى عبد الناصر وسهير مسعود
أكد مصرفيون ورجال أعمال مصريون أن إعلان دولة الإمارات الجمعة بتخصيص 4 مليارات دولار أميركي لمصر، توجه لدعم الاحتياطي النقدي في البنك المركزي بواقع 2 مليار دولار، وتخصيص 2 مليار أخرى لدعم الاسثمارات، سيسهم فى تحسن نسبي في أزمة الدولار وتقليل حدة المضاربات على العملة الصعبة، مطالبين بدعم الاستثمارات ذات الطابع التنموي خاصة في مجال التعليم.
ورغم توقعات المصرفيين بانفراجة سريعة لأزمة النقد الأجني في مصر بعد أن سجل الدولار أكثر من 11 جنيها فى السوق السوداء دون اية رد فعل من الحكومة أو البنك المركزي، لكنهم فى المقابل أكدوا أن مثل هذا الدعم ما هو إلا حل مؤقت مثلما حدث من قبل، حيث تلقت مصر مليارات الدولارات من عدد من الدول ولكنها تتآكل في ظل نقص موارد النقد الأجنبي.
يأتى ذلك وسط تشكيك حول قوة دعم هذه الوديعة لموقف البنك المركزي في ظل التزامات مصر بسداد 1.8 مليار دولار في يوليو المقبل لصالح قطر ونادي باريس. وكان الاحتياطي النقدي الاجنبي سجل ارتفاعا طفيفا بحوالي 27 مليون دولار، نهاية مارس الماضى ليصل إلى 16.56 مليار دولار.
وأكد طارق فايد نائب محافظ البنك المركزي فى تصريحات له مساء الجمعة، إن البنك لم يتسلم حتى الآن الوديعة الجديدة، ويأمل في استلامها خلال الأسبوع الجاري. وقال إن الوديعة الجديدة التي أعلنت عنها دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم بقيمة 2 مليار دولار من شأنها أن تدعم الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي بشكل كبير ’وتسهم في تعزيز مجهودات البنك المركزي في محاربة المضاربة على الدولار.
وأوضح محمد عبد العال المدير العام السابق للبنك العربى في السودان والخبير المصرفي، أنه لا شك أن تقديم دعم للاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر في هذا التوقيت يعطي ثقة أكبر للبنك المركزي وسوق الصرف بشكل عام، في ظل محاولات المركزي الحفاظ على قيمة العملة مع الضغوط التي يتعرض لها.
وأضاف عبد العال أن هذا الدعم ما هو إلا حل مؤقت لمشكلة سوق الصرف ولابد من اتخاذ سياسات لضمان وجود تدفقات من النقد الأجنبي لتلبية الاحتياجات المستمرة، مشيرا إلى أهمية اتخاذ إجراءات ومراجعة السياسات الخاصة بالاستيراد والتوجه نحو الإنتاج، فلابد من اتخاذ إجراءات حاسمة في هذا الصدد ودون ذلك سيكون أي حل مؤقت.
وعن قوة تأثير الوديعة على السوق السوداء قال عبد العال أنه لن يكون بالشكل الكبير ولا يجب أن ننسى أن هناك قوائم انتظار كبيرة على الدولار، خاصة أن البنك المركزي خصص العطاءات الأخيرة لتغطية احتياجات السلع الاساسية.
وأكد محمد الصعيدي مدير عام بأحد البنوك، أن أول تأثير متوقع لدعم احتياطي النقد الأجنبي لمصر بقيمة 2 مليار دولار سينعكس بالإيجاب على ارتفاعه بشكل واضح خلال شهر أبريل إذا ما وصلت الوديعة خلال الأسبوع المقبل.وأعلن أن من المتوقع أن يكون لهذا الإعلان تأثيرا على السوق السوداء من خلال انخفاض السعر، ولكن لن يكون انخفاضا كبيرا إلا بعد الإعلان عن وصولها بالفعل إلى الاحتياطي، وهذا لا يعنى أنها ستؤدي إلى انتهاء السوق الموازية لأن الاحتياجات مازالت كبيرة.
وأشار الصعيدي إلى أنه لاشك أن دعم الاحتياطي بهذا المبلغ لن يكون طويلا إلا فى حالة إيجاد موارد أخرى، خاصة في ظل التزامات مصر بسداد الوديعة القطرية وقسط نادي باريس فى شهر يوليو المقبل. من جانبه طالب رئيس لجنة الاستثمار بجمعية رجال الأعمال المصريين الدكتور حمدي رشاد، بأن يوجه الملياران المخصصان للاستثمار إلى مشروعات ذات أبعاد تنموية وعلى رأسها الاستثمار في مجال التعليم والصحة، لأن الاستثمار في البشر هو أفضل أنواع الاستثمار وهو أكثر ما تحتاجه مصر في الوقت الحالي.
وأكد رشاد أن هناك العديد من المجالات الاستثمارية التى يمكن استثمار هذا المبلغ فيها، ولكن هذا يتوقف على توجه الدولة المصرية وطبيعة اتفاقها مع الإمارات، حيث أن المساعدات المعلنة اليوم لم توضح طبيعة المجالات التي سيتم فيها الاستثمار، لافتا إلى وجود العديد من المجالات الهامة مثل الطاقة ومنطقة قناة السويس ومشروع المليون ونصف فدان، لكنه يرى أن هذا النوع من الاستثمار لا تظهر آثاره سريعا وبالتالي يفضل الاستثمار في البنية الأساسية والخدمات العامة كالتعليم والصحة.
ومن ناحية أخرى توقع أن يسهم الملياران الموجهان لدعم الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي إلى تأثيرات سريعة على سعر الدولار بالسوق الموازي وتقليل حدة المضاربات على العملة الصعبة، بشرط ان يتوازى ذلك مع إجراءات يقوم بها البنك المركزي لمحاربة هذه المضاربات، حتى لو وصل الأمر لإغلاق كافة شركات الصرافة التي تتلاعب بسعر العملة على حد تعبيره.
وقال عضو مجلس الأعمال المصري الإماراتى الدكتور محرم هلال، إن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبى، تعكس مستوى التعاون الذى وصلت إليه العلاقات المصرية الإماراتية، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي. وأضاف هلال في تصريح لمصر اليوم، أن إعلان رئيس الامارات تقديم 4 مليارات دولار، منها 2 مليار استثمارات و2 مليار دولار كوديعة بالبنك المركزي، ستساعد على تعزيز موارد مصر الدولارية فى الفترة المقبلة، وقدرة المركزي المصري على مواجهة المضاربات التي تشهدها سوق الصرف المصرية من بعض المتلاعبين في السوق المحلية.
وتوقع هلال أن تشهد الفترة المقبلة خطوات إيجابية لاستغلال الملياري دولار المرصودة لإقامة مشروعات استثمارية فى مصر، لافتا إلى أن هناك فرصا استثمارية متاحة فى أكثر من قطاع يمكن أن توظف فيها تلك المبالغ، وخاصة القطاعات الصناعية والزراعية وأيضا مشروع تنمية محور قناة السويس.
وأشار عضو مجلس الأعمال المصري الإماراتي إلى أن المجلس لم يجتمع حتى الآن لمناقشة خطته لتنشيط الاستثمارات المشتركة مع الجانب الإماراتي، كما لم يحدد حتى الآن موعد فى القريب لمناقشة هذا الشأن.
وأصدر المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة قرارا بتشكيل الجانب المصرى فى مجلس الأعمال المصرى الإماراتى فى يناير الماضي، برئاسة المهندس سميح أنسى ساويرس رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم القابضة للتنمية ولمدة ثلاث سنوات.
وأضاف القرار رقم ٩٤٢ والمنشور بالوقائع المصرية اليوم، أن المجلس تضمن فى تشكيله ٢٠ عضوا آخرين من رجال الأعمال ومنهم أحمد صادق السويدى، ياسين منصور، أمجد المفتى، هانى برزى، علاء سبع، كريم عوض، محمود فتحى عطا الله، باسل الباز، محمد أبو العنين، عبد الحميد الدمرداش، على عيسى، عزة فهمى، حمودة أبو العلا، هشام عكاشة، ممدوح زهران، رياض أرمانيوس، أحمد حلمى، إضافة إلى محمد صلاح، ومحمد الأتربى، فيما تم ترشيح الدكتور محرم هلال بدلا من محمد فريد خميس رئيس مجموعة النساجون الشرقيون