جنود إسرائيليون في موقع هجوم على مستوطنة

رصدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية مساهمة الأعمال التجارية في المستوطنات الإسرائيلية منذ احتلال الضفة الغربية في انتهاك دولة الاحتلال حقوق الفلسطينيين، عبر شركات إسرائيلية ودولية، داعية إلى وضع حد لتلك الممارسات وضرورة وسم البضائع المنتجة في المستوطنات.

وأوضحت المنظمة، في تقرير خاص مدعم بالأمثلة يحمل عنوان "تجارة الاحتلال"، أسماء شركات أجنبية متهمة بممارسة الانتهاكات، من بينها شركة هايدلبرغ الألمانية للأسمنت المتعددة الجنسيات التي تمتلك مقلع "نحل رابا" للحجر على الحافة الشمالية الغربية من الضفة الغربية، المقام على أراضي قرية الزاوية الفلسطينية، وشركة "ريماكس" وهي سلسلة للسمسرة العقارية الدولية متمركزة في ولاية كولورادو الأميركية ولها مكتب في مستوطنة أرئيل، إضافة إلى شركة إسرائيلية كانت تنتج المنسوجات المنزلية لحساب شركة تجزئة أميركية لم تشر إلى اسمها؛ لأنها غادرت المنطقة بعد مراسلات من المنظمة.

واستعرض التقرير بشكل تفصيلي أساليب مساعدة شركات إسرائيلية ودولية في بناء مجتمعات الاستيطان وتمويلها وخدمتها وتسويقها، وكيفية قيام الشركات نفسها بالاستيطان؛ بسبب انجذابها لإغراءات العمل في المستوطنات، ومنها انخفاض الإيجارات والشرائح الضريبية المواتية والدعم الحكومي، والنفاذ إلى العمالة الفلسطينية الرخيصة.

وأكدت المنظمة أن البصمة المادية للنشاط التجاري الإسرائيلي في الضفة الغربية أكبر حجمًا من المستوطنات، مشيرة إلى وجود نحو 20 منطقة صناعية ذات إدارة إسرائيلية في الضفة، ويسلط التقرير الضوء على 4 مجالات رئيسية تساهم فيها شركات الاستيطان في انتهاك القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وهي: التمييز ومصادرة الأراضي وفرض القيود عليها ودعم البني التحتية للاستيطان إضافة إلى الانتهاكات العمّالية.

وفي مجال التمييز، أوضح التقرير أن "إسرائيل" تمارس في الضفة الغربية نظامًا ثنائي الطبقات، وأنه مقابل الموارد والحوافز المالية لتشجيع نمو المستوطنات، تصادر "إسرائيل" الأراضي الفلسطينية وتهجِّر الفلسطينيين قسرًا، وبالتالي فإن شركات المستوطنات تساهم بحُكم تسهيلها نظام الاستيطان في النظام التمييزي وتستفيد منه بطرق يتخطاها الحصر.

وقارنت المنظمة بين ظروف تشغيل مقالع الحجر، موضحة أن إسرائيل أصدرت تصريحًا للشركات الأوروبية بالعمل في حين رفضت إعطاء تصاريح لجميع مقالع بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، جنوب الضفة الغربية، التي يبلغ عددها نحو 40 محجرًا.

أما مجال الانتهاك الثاني، بحسب التقرير، فهو اعتماد شركات المستوطنات على مصادرة "إسرائيل" غير المشروعة للأراضي الفلسطينية لصالح المستوطنات، ومساهمتها فيها واستفادتها منها، وهنا سلط الضوء على تجربة شركة عقارات ريماكس ومصرف إسرائيلي، وهما ينشطان في تمويل وتسويق البناء الاستيطاني في مستوطنة أرئيل، رغم أنها أقيمت العام 1978 على أرض فلسطينية مصادرة.

وقالت المنظمة إن الشركات التي تضطلع بأدوار في سوق الإسكان في المستوطنات، تساهم في انتهاكين منفصلين للقانون الدولي الإنساني، هما: الحظر المفروض على قيام دولة احتلال بمصادرة أو نزع ملكية موارد الأرض المحتلة لمصلحتها الخاصة من جهة، والحظر المفروض على نقل سكانها المدنيين إلى أراضٍ محتلة من جهة ثانية.

وتطرق التقرير إلى كيفية دعم الشركات البني التحتية للمستوطنات، مستشهدًا بخدمات معالجة النفايات، إذ يخصص أحد المكبات في الأغوار للمستوطنين، في وقت يعاني فيه الفلسطينيون للحصول على تصاريح لإقامة مكبات، كما يتقاضى مجلس المستوطنات ضرائب من هذه الشركات.

وفي المجال الرابع، تحدث التقرير عن كيفية مساهمة الشركات في الانتهاكات العمالية والاستفادة منها، مشيرًا إلى غياب تدابير الحماية العمالية، وتقاضي العمال الفلسطينيين في نحو نصف شركات المستوطنات أجورًا دون الحد الأدنى الإسرائيلي الذي يبلغ 23 شيكلاً ( 5.75 دولارات) في الساعة، من دون أيام راحة وإجازات مرضية وغيرها.

ورفضت المنظمة ادّعاء مؤيدي شركات المستوطنات بأنها تفيد الفلسطينيين من حيث توفير فرص العمل؛ لمساهماتها في انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وترسيخ نظام يساهم في إفقار الكثير من الفلسطينيين.

واختتمت المنظمة بأنها تنتظر من الشركات أن تولي حقوق الإنسان العناية الواجبة، وأن تتوقف عن ممارسة الأنشطة داخل المستوطنات أو لصالحها، وأن تتيح للمستهلكين المعلومات التي يحتاجونها من قبيل من أين يأتي المُنتج، لكي يتخذوا قرارات الشراء عن علم وبيّنة.