غزة – محمد حبيب
كشف أحدث تقارير البنك الدولي، أن البطالة في قطاع غزة هي الأعلى على مستوى العالم، بوصول معدلها إلى 43% في نهاية العام 2014.
وأوضح البنك الدولي، في تقرير من المقرر أن يقدمه إلى لجنة تنسيق المساعدات الدولية للشعب الفلسطيني، التي ستعقد اجتماعًا برئاسة النرويج في بروكسل الأربعاء المقبل، أن الأضرار المتتالية الناتجة عن الحصار والانقسام الداخلي والصراعات المسلحة، أدت لاختزال اقتصاد القطاع في جزء ضئيل مما يمكن أن يكون عليه في الوضع الطبيعي.
وأفاد أن أداء اقتصاد القطاع طوال هذه الفترة يعد أسوأ بـ 250 مرة من أداء قد يقارن به، بما في ذلك أداء اقتصاد الضفة الغربية، حيث كان أداء النمو لديها قريبًا من المتوسط بالرغم من محدودية الوصول والحركة المفروضة من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تمثل معيقات على النمو.
وأضاف أن الدخل الفعلي للفرد الواحد في قطاع غزة أقل بنسبة 31% مما كان عليه قبل 20 عامًا، وأن الفرق في الدخل الفعلي للفرد في الضفة الغربية ازداد من 14% إلى 141% خلال نفس الفترة لصالح الضفة الغربية.
ولاحظ التقرير تدهورًا كبيرًا في قطاع الصناعة في قطاع غزة، الذي كان يجسد دورًا مُهمًا في وقت ما بنسبة 60%، كما اختفت صادرات القطاع منذ أن قبع تحت الحصار عام 2007، والذي كان وقعه مدمرًا، حيث قدرت خسائر ناتج النمو المحلي الإجمالي بنسبة تزيد عن 50%، بالإضافة إلى خسائر فادحة على مستوى الرفاه.
وذكر أن أهالي القطاع يدفعون ثمنًا باهظًا نتيجة الضائقة الاقتصادية، وأنه إذا ما قُورن اقتصاد القطاع باقتصاديات أخرى سيتضح أن نسبة البطالة في القطاع هي الأعلى على مستوى العالم، بالإضافة لارتفاع نسب الفقر، مع العلم أن ما يقارب 80% من أهالي القطاع يتلقون المساعدات، مضيفًا: "في الحقيقة تعجز هذه الأرقام عن وصف معاناة أهالي القطاع سواء من ناحية ضعف التيار الكهربائي، أو توافر أنظمة المياه والصرف الصحي، بالإضافة للصدمات النفسية التي يعانوها نتيجة الحروب، إلى جانب محدودية حرية الحركة وكل الآثار السلبية التي تمخضت عنها الحروب والحصار".
وشدد البنك الدولي على ضرورة إعادة بناء اقتصاد القطاع لتقليل معاناة الأهالي وزيادة فرص تحقيق السلام، لافتًا إلى أن ذلك يقتضي وقبل كل شيء وجود حكومة فلسطينية موحدة في الضفة والقطاع بما يمكنها من إقامة شراكات متعددة وثنائية مع المانحين لدعم إعادة بناء بنية القطاع التحية، بالإضافة لإعادة إعمار المنازل المتضررة ورفع الحصار عن حركة البضائع والناس لإنعاش قطاع الاقتصاد التجاري.
ورصد التقرير تقدمًا أحرز في تحقيق تعهدات المانحين لإعادة إعمار القطاع، داعيًا إلى استمرار هذه الجهود، وإيجاد حلول لتسريع دخول مواد البناء للقطاع.
وجاء فيه: "حتى منتصف نيسان / أبريل، وصل مليار دولار من أصل 3.5 مليار تعهد بها المانحون لإنعاش وإعادة إعمار القطاع في مؤتمر القاهرة المنعقد في 2014"، مؤكدًا أن عملية إعادة الإعمار والإنعاش تتطلب التزام جميع المانحين بتعهداتهم، وأن العائق الراهن أمام إنعاش القطاع ليس ماليًا بل تلك القيود المفروضة على استيراد مواد البناء للقطاع؛ وأنه ومع أخذ المخاوف الأمنية للدول المجاورة بعين الاعتبار يجب الوصول لسُبل لتحقيق زيادة كبيرة في دخول مواد البناء للقطاع.
وغطى التقرير موضوعين منفصلين، حيث يتخذ الفصل الأول من التقرير نهج جميع تقارير البنك الدولي التي قدمت لاجتماع لجنة تنسيق المساعدات، ويركز على تقييم تطورات الاقتصاد الكلي والمستجدات المالية والسياسات التي تتبعها الحكومة في الضفة الغربية، فيما يقدم الفصل الثاني تحليلًا للتدهور الاقتصادي الكبير في غزة على مدى 20 عامًا وتأثيرها على السكان.
وأضاف أنه بالرغم من النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته الضفة الغربية في عام 2014، فإن الحرب في غزة عادت بآثار مدمرة على الاقتصاد الفلسطيني تمثلت بنمو سلبي إجمالي.
وأفاد أن الزيادة في الاستهلاك الخاص والصادرات أدت إلى تحقيق 5% من النمو في الضفة الغربية، وأن الحرب على غزة عام 2014 أدت إلى خفض 460 مليون دولار من إجمالي اقتصاد القطاع، الأمر الذي أدى لتقلص نسبة النمو المحلي الإجمالي هناك بنسبة 15%، وبالإجمال، فإن الاقتصاد الفلسطيني تقلص بنسبة 3% للفرد في عام 2014.
وأظهر التقرير ازديادًا ملحوظًا في البطالة والفقر، وأن المعدل السنوي للبطالة في قطاع غزة ارتفع بنسبة 11% ليصل إلى 43% في الربع الرابع من 2014، وأن هذا الانخفاض يجعله من أعلى نسب البطالة في العالم، في حين انخفضت نسبة البطالة بواقع 1% في الضفة، أما بخصوص الفقر فوصل معدله إلى 39% في قطاع غزة، بينما وصل إلى 16% في الضفة الغربية، وفي المحصلة، فإن مجمل معدل الفقر في الأراضي الفلسطينية يصل إلى 25%.
وأوضح أن عجز السلطة الفلسطينية المالي انخفض في 2014 على نحو لافت، غير أن زيادة النفقات تدعو للقلق، وأن السلطة الفلسطينية تمكنت من خفض نسبة عجزها المالي بنسبة 1% من النمو المحلي الإجمالي، وأن الفضل في ذلك يعود إلى أداء الإيرادات الفعّال المقرون بنمو إيرادات المقاصة بنسبة 20% مدفوعة بنمو في واردات الوقود إلى غزة من إسرائيل، بالإضافة للواردات غير الإسرائيلية، ورغم هذا الإنجاز، فقد كانت زيادة النفقات الحكومية المتكررة بنسبة 9% كبيرة وغير مستدامة، ويستدعي النمو في فاتورة الأجور الحكومية وصافي الإقراض قلقًا خاصًا.
وخلص التقرير إلى إن الأفق الاقتصادي لا يدعو إلى التفاؤل في إطار التباطؤ الحاصل في عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، وعدم استقرار تحويل إيرادات المقاصة وشدة الضبابية السياسية، متوقعًا أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في غزة بنسبة 7% إثر انتهاء الحرب الأخيرة وبعد الشروع بعملية الإعمار، فيما يتوقع نموًا ضئيلًا بنسبة 1% في الضفة الغربية، وذلك نتيجة خفض النشاط الاستهلاكي بالإضافة لتداعيات السيولة وتراجع الثقة نتيجة حجز عوائد المقاصة من قبل إسرائيل خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2015.