بنك فلسطين

حذر خبراء اقتصاد من خطورة الوضع المقبل في قطاع غزة، في ظل مساعي حركة "حماس" لفرض ضرائب جديدة على الشركات الكبرى العاملة في القطاع خلافا للقانون، وخصوصًا ما أسمتها بـ"ضريبة التكافل"، مؤكدين أن فرض هذه الضريبة سيتسبب في هروب رؤوس الأموال إلى خارج القطاع.

وشددت الشركات المغلقة وعلى رأسها بنك فلسطين وشركة الاتصالات الخليوية الفلسطينية "جوال"، التي أغلقت مكاتبها في قطاع غزة وتبعها إغلاق مكاتب شركة الاتصالات الأرضية أيضا، على أنها لن تدفع أية ضريبة أخرى لحركة "حماس" إذ أنَها تدفع الضرائب لحكومة الوفاق الوطني فقط وضمن القانون.

وحذر خبراء ومختصون متابعون للوضع في القطاع، من تبعات إجراءات "حماس" الأخيرة على المواطنين أيضا، مشيرين إلى أن إغلاق مقر شركة "جوال" في قطاع غزة، وهي المشغل الوحيد للهواتف الخليوية في القطاع، ينذر بكارثة وقد يتسبب في إعادة القطاع عقودا للوراء، كما أن التضييق على عمل البنوك وعلى رأسها بنك فلسطين سيؤدي إلى تراجع النظام المصرفي هناك وتأثره بشكل كبير.

وهنا، رأى الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم، أنَّ هذه الإجراءات مضرة اقتصاديا وسياسيا وليس لها مصوّغ قانوني، لأن التعامل مع غزة وكأنها إقليم مستقل وله تشريعاته وأنظمته يؤدي لإشكالية كبيرة، فالضفة وغزة وحدة جغرافية وسياسية وقانونية واحدة، وهذه الإجراءات لا تساعد على استقطاب استثمارات إضافية وبالعكس هي قد تدفع أصحاب الاستثمارات بالتفكير بالنزوح من قطاع غزة ونقل أعمالهم، ناهيك عن الضرر السياسي المتمثل بتكريس الانقسام التشريعي والاقتصادي.

وأضاف عبد الكريم أن الشركات الكبرى والبنوك التي يجري استهدافها بحجة التهرب الضريبي تعيش ضائقة في غزة، لأنها في حال دفعها للضرائب المفروضة من قبل "حماس" ستقع في ازدواج ضريبي، فهي تدفع لحكومة التوافق، وفي حال إغلاق هذه الشركات سيتضرر آلاف الموظفين في قطاع غزة إضافة لتوقف خدمات تلك الشركات، ومن الأضرار الناتجة عن هذه القرارات أيضا هو  عزوف المستثمرين عن الاستثمار مجددا في قطاع غزة خوفا من هذه الإجراءات.

وأشار إلى أنَّ المطلوب هو إنهاء الانقسام، ولكن طالما الحالة على ما هي عليه والانقسام قائم فالمطلوب عدم إجبار الشركات على دفع الضريبة مرتين.

وفي ذات السياق، قال رجل الأعمال ووزير الاقتصاد السابق باسم خوري، إنه يتوجب على من يتخذ القرار بالضغط على المؤسسات الاقتصادية والمؤسسات المشغلة في قطاع غزة وعلى القطاع الخاص هناك، أن يدرك تبعات تلك القرارات على المجتمع بشكل عام.

وأضاف خوري في حديث لــ"وفا"، الموضوع أكبر من فرض ضرائب، فما يجري طلبه من البنك العربي ومن جوال سيدفعه لارتكاب مخالفات متعلقة بنظام المال ونظام الاتصالات على مستوى العالم، وفي حال وافقت تلك الشركات على ما يجري طلبه سيجري مقاضاتها على مستوى العالم، وقد حدث ذلك بالفعل مع البنك العربي في الولايات المتحدة الأميركية.

وتابع: "يجب الحفاظ على القلة القليلة من قطاعات المال والأعمال الموجودة في قطاع غزة، وليس العمل من أجل دفعها لمغادرة القطاع، ويجب أن يدرك أصحاب تلك القرارات أن البنوك لها امتدادات إقليمية وكذلك شركات الاتصالات، ولا يمكن لها أن تعمل لوحدها بمعزل عن العالم".
وأضاف: "في حال إغلاق البنوك أبوابها في قطاع غزة فستتوقف التجارة هناك؛ لأن التجارة تعتمد في الوقت الراهن على التحويلات البنكية وفي حال توقف التحويلات البنكية لن يكون بالإمكان القيام بالتجارة وبمختلف الأعمال".
 
إلى ذلك، اعتبر الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية عمار العكر، هذه الممارسات، إضرارًا مباشرًا بمصلحة المواطنين، ما يفاقم من معاناة أهلنا في قطاع غزة الذي لا يزال يتعرض للحصار ويعاني من آثار وتداعيات العدوان الأخير على القطاع.

وأكد العكر أن المجموعة ملتزمة بالقوانين وبالإجراءات الرسمية التي أقرتها السلطة الوطنية والملزمة للشركات والمؤسسات الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تخضع المجموعة لكل ما يصدر عن السلطة الوطنية الفلسطينية من قرارات وتشريعات، بما يشمل التزامها بسداد الالتزامات الضريبية لحكومة الوفاق الوطني، مشددا على استحالة فصل الملفات الضريبية ما بين شقي الوطن، الأمر الذي يساهم بتعزيز الانقسام، وقد يعرض المؤسسات الاقتصادية الوطنية التي تعمل ضمن منظومة عالمية لمساءلات وعقوبات قد تتسبب بضرر كبير لها وقضية البنك العربي في أميركا مثال على ذلك.

ورأى في هذه الممارسات تعطيلاً لخدمات قطاع الاتصالات في قطاع غزة، وتهديدا لاستمرارية خدمات القطاع الخاص الفلسطيني في القطاع، لاسيما مع بدء جهود إعادة الإعمار والسعي إلى عملية تنموية شاملة على كافة الأصعدة، بخاصة أن المجموعة لا تزال تواصل تقديم الخدمات المجتمعية وبرامج التنمية المستدامة في قطاعات مختلفة وعلى رأسها التعليم والصحة، ما يسهم في التخفيف من معاناة أبناء شعبنا، وتمكينه من مواجهة الحصار والدمار الحاصل إثر العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع العام الماضي.