لندن ـ كاتيا حداد
يمكن أن يكون أصحاب المنازل الذين يبحثون عن رهن عقاري أكثير المحظوظين على المدى القصير من قرار بريطانيا بترك الاتحاد الأوروبي؛ فالخبراء يتوقعون أن ذروة تخفيض أسعار الفائدة ستصل في وقت مبكر من الأسبوع المقبل.
وتركت أسواق الأسهم تترنح في أعقاب نتيجة الاستفتاء هذا الصباح، لكنه قيل لأصحاب المنازل إن تكلفة الاقتراض ستبقي في الحضيض في المستقبل المنظور، وأوضح راي بولغر من شركة الرهن العقاري جون تشاركول " لا أتوقع أي تغير في النسب القياسية المتفاوتة للمقرضين، وأعتقد أننا سنرى المزيد من المقرضين ينضمون إلى إتش إس بي سي لتقديم فائدة فرعية 2% لمدة 5 سنوات متتالية، ربما في وقت مبكر من الأسبوع المقبل."
ويعود السبب إلى الانخفاض الملحوظ في عائدات السندات المالية البريطانية التي تعد التكلفة الافتراضية بالنسبة للحكومة البريطانية، والتي انخفضت في نهاية الأسبوع إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عندما أشارت استطلاعات الرأي بالتحرك نحو المغادرة. ويؤثر هذا بشكل كبير على تكاليف الاقتراض في السوق المالي في شكل معدلات التبادل، التي تؤثر بدورها على أسعار الرهن العقاري الثابت. وتابع راي " سعر البنك وغيرها من أسعار الفائدة على المدى القصير ستتغير كثيرا ببساطة لأنها قريبة بالفعل من الصفر، لكن الانخفاض في عائدات الأسهم سيخفض من التكلف بالنسبة لمقرضي التمويل على المدى البعيد؛ وبالتالي ستفتح لرهن عقاري أرخص." مضيفة " معظم مقرضي الرهن العقاري لم يمر عليهم الكثير من التراجع قبل الاستفتاء؛ لذلك فإننا يمكن أن نتوقع الآن أن نرى المزيد من المنافسة في الأسعار سيما في معدلات المدى الطويل الثابتة."
وتراجعت عوائد سندات الخمس سنوات والعشر سنوات من نقطة 0.3% إلى 0.55% و1.1% على التوالي، وهي الآن أقل من 1% عن العام الماضي، ومن المرجح أن التبادل سينخفض بصورة واسعة النطاق، فمن الناحية النظرية هذا يمهد السبل أمام المقرضين لخفض تكلفة الإقراض العقاري على سعر الصرف الثابت. واسترسل " أسواق الأسهم عانت في البداية من هبوط حاد ولكن أسعار أسهم الحكومة ارتفعت نتيجة لرحلة إلى بر الأمان لأن السوق رأى زيادة في الخطر، ولكن من المرجح أن يظل سعر الفائدة منخفضا لفترة أطول." مؤكدا " ستبقى حالية عدم اليقين الاقتصادي لمدة سنتين على الأقل أي خلال خروجنا من الاتحاد." ويمكن لحالة عدم اليقين هذه أن تؤدي إلى تراجع المشترين؛ وبالتالي انخفاض حاد في عدد الناس الذين يغيرون منازله.
ويشير المدير في شركة خبراء التملك هوم تراك ويدعى ريتشارد دونيل " من المرجح أن تنخفض قيمة التداول على الإسكان مما يؤدي إلى تباطؤ في نمو أسعار المنازل؛ وبالتالي سنرى تأثيرا قصير المدى على الأسواق المالية والاقتصاد ككل." ويعتقد الخبراء أن هذا سيجبر البنوك على خفض معدلات الرهن العقاري إلى أبعد من ذلك لحث المشترين وأصحاب المنازل على إعادة تمويل الصفقات من أجل الحفاظ على حصتها في السوق والحفاظ على أرباحها، وفي حين أنه من المستحيل التنبؤ بالمستقبل مع أشياء كثيرة في حالة تغيير مستمر في الوقت الراهن، ولكن هناك شيء أكيد واحد بالنسبة للمقترضين وسط الفوضى وهو أن معدلات الرهن العقاري لم تكن أبدا أرخص من حالها اليوم.
وأصبح المعدل الثابت للفائدة لمدة سنتين أقل من 1% بينما لخمس سنوات أقل من 2% ولعشر سنوات أقل من 3%، وأوضح مستشار الرهن العقاري ديفيد هولينجوورث " لدى المقرضين مجموعة متميزة من خيارات التمويل العقاري المتاحة لهم في الوقت الراهن، ونتوقع أن تثبت الأسعار عند مستويات قياسية." وصرح مستشار رهن عقاري آخر ويدعى آندور مونلك بأنه من الضروري الحفاظ على الهدوء وسط تكهنات محمومة. مضيفا " من المهم بالنسبة للمشترين أن يتذكروا لماذا سيشترون العقار، ففي معظم الحالات سيكون العقار منزلا وينبغى ألا ينظر إلى المنزل على أنه استثمار قصير المدى، ومن السابق لأوانه التكهن حول أسعار المنازل بينما قد يكون الانحسار طفيفا وتبقى الأساسيات الكامنة وراء حاجة الأشخاص لشراء المنازل."
وأكد بولغر أن عدم اليقين يمكن النظر إليه بصفته أداة مساومة بالنسبة للمشترين، وقال " مع تكاليف الرهن العقاري التي هي في أسوأ الأحوال مستقرة ولكن ربما مع التراجع يجب على المشترين أن يستخدموا عدم اليقين لكسب التفاوض على سعر أقل بدلا من الانسحاب." ويمكن لهذا التقلب أن يدفع معدلات الرهن العقاري إلى الصعود، فرغم أن معدلات الرهن العقاري يجب أن تبقى نظريا في الحضيض فإن المقرضين قد يضطرون إلى رفعها إذا استمر التذبذب الشديد في السوق. وسيعتمد الكثير على تفاعل الأسواق الدولية مع التغيير المنتظر في القيادة في الحكومة البريطانية مع تأكيد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأنه سيتنحى عن منصبه في تشرين الأول/ أكتوبر.
وشرحت سو أندرسون من مجلس مقرضي الرهن العقاري " ليس من المرجح أن يستجيب تسعير الرهن العقاري على الفور رغم أنه قد يتأثر في المستقبل المنظور بسبب التأثير على المقرضين، ويعتمد استمرارية الوضع على سرعة إعادة توطين الأسواق." مضيفة أن أولئك الذين أخذوا الموافقة على الرهن العقاري ولم يكتمل بعد لن يتأثروا، وتابعت " كلما أعيد توطين الأسواق بسرعة أكبر فإن التأثير على سوق الإسكان من المرجح أن يكون أقل، ومع ذلك فإن الاضطرابات لفترة طويلة ستؤثر بلا شك على سوق الإسكان."
وتوافقت تصريحاتها مع محافظ بنك إنكلترا مارك كارني، ففي وقت سابق من صباح السبت 25 حزيران/ يونيو الجاري سعى إلى طمأنة الناس بأن بريطانيا تمتلك خطة طوارئ لحماية الاقتصاد من الآثار السلبية لقرار مغادرة الاتحاد الأوروبي. وصرح بـ " حتما ستكون هناك فترة من عدم اليقين والتكييف بعد هذه النتيجة، وسيستغرق بريطانيا فترة لإقامة علاقات جيدة مع أوروبا وبقية العالم، وبعض التقلبات الاقتصادية ستكشف هذه العملية، ولكننا مستعدون جيدا لهذا، ولن نتردد في اتخاذ تدابير إضافية عند الحاجة من بينها ضبط الأسواق وتحريك الاقتصاد البريطاني للأمام."
وأكد البنك المركزي الأوروبي أنه على استعداد أيضا لتوفير سيولة إضافية إذا لزم الأمر باليورو والعملات الأجنبية، ويمكن أن يخفض بنك إنكلترا الفائدة الأساسية إلى أقل من 0.5% حيث كان منذ آذار/مارس 2009. ويمكن أن يغرق الأسواق بالمال لتعزيز الثقة والحد من احتمالية تجميد البنوك لتمويلها؛ مما سيسبب أزمة في الائتمان والتمويل العقاري، وهذا هو الخطر الذي يعيه كل محافظي البنوك المركزية، وفي محاولة لمنع هذه النتيجة أكد كارني صباح اليوم "سنساند وندعم أداء الأسواق، وبنك إنكلترا على أهبة الاستعداد لتقديم أكثر من 250 مليار كأموال إضافية من خلال المرافق العادية."
تجدر الملاحظة إلى أن وضع البنوك الآن أفضل بكثير مما كانت عليه في عام 2008، فكمية النقود التي يحتفظ بها أكبر البنوك البريطانية الآن أعلى عشر مرات مما كان عليه قبل الأزمة، وأجرى بنك إنكلترا سيناريوهات اختبار أكثر شدة من التي تواجه البلاد حاليا، ونتيجة لذلك رفعت البنوك البريطانية رأس المال لديها إلى أكبر من 130 مليار جنيه إسترليني ولديها اليوم أصول سائلة عالية الجودة بقيمة 600 مليار جنيه إسترليني. وأشار كارني " هذا مال كبير وسيولة ضخمة يعطي البنوك المرونة التي تحتاجها لمواصلة إقراض الشركات في بريطانيا والأسر حتى خلال الأوقات الصعبة."