غزة-فلسطين اليوم
يخشى تجار وموزعو الإسمنت في قطاع غزة من تلف ما بحوزتهم من كميات كبيرة من الإسمنت، حال استمرار عجزهم عن بيع تلك الكميات المكدسة في مخازنهم للفئات المستهدفة، إثر توقف صدور قسائم صرف الإسمنت "الكوبونات" منذ فترة طويلة.
وفاقم دخول كميات كبيرة من الإسمنت عبر معبر رفح للمرة الثانية، الأحد، من حدة هذه المخاوف، ما دفع بعض تجار الإسمنت المعتمدين إلى التلميح بإمكانية قيامهم ببيع ما لديهم من كميات مخزنة خارج إطار برنامج توزيع الإسمنت لمتضرري الحرب الأخيرة، الذي يستهدف حملة الكوبونات ممن يحصلون على مواد البناء عبر آلية التوزيع المعتمدة والخاضعة لفريق المراقبين الدوليين ضمن ما يعرف ببرنامج "GRAMS UNOPS"، بينما آثر آخرون من كبار التجار عدم المجازفة ببيع ما لديهم خارج النظام المعمول، خشية منعهم مستقبلًا من استلام أي كميات جديدة من الإسمنت حال إقدامهم على هذا الأمر.
وعلمت "الأيام" من مصادر موثوقة أن حجم كميات الإسمنت المتوفرة حاليًا في مخازن التجار المعتمدين تقدر بنحو 22 ألف طن أسمنت لا يستطيع التجار تسويقها وسط حالة من الضبابية وعدم وضوح الأسباب، حيث اعتبرت مصادر مقربة من فريق المراقبين أن تعطل عملية تسويقها جاء نتيجة عرقلة الجانب "الإسرائيلي" لعملية صرف الكوبونات للمتضررين، بينما عزا آخرون من القائمين على عملية إعادة الإعمار السبب لعدم التزام غالبية الدول والجهات المانحة بتنفيذ تعهداتها المالية تجاه تمويل متطلبات إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة على غزة.
واصطدم تجار برفض المقاولين وأصحاب معامل البلوك والإسمنت الشراء منهم بذريعة أن شركة سند للصناعات الإنشائية تبيع للمقاولين بسعر أفضل وبالتالي رفضوا الشراء من التجار وبعضهم اشترط الشراء بشيكات مؤجلة الدفع، الأمر الذي دفع بعض التجار لمطالبة الشركة بالامتناع عن بيع الإسمنت لمعامل البلوك كي يتجهوا لشراء ما هو مخزن لديهم.
وفي أحاديث منفصلة حول تداعيات الأزمة المذكورة، أشار تاجر الإسمنت زياد حجازي إلى اعتزامه التوجه إلى شركة سند للصناعات الإنشائية كونها الشركة التي من الممكن بحسبه أن توثر على الأطراف المسؤولة ذات العلاقة، وأن تتواصل مع هيئة الشؤون المدينة في الضفة الغربية ووزارة "الأشغال" كي يضعوا حلًا لمشكلة الإسمنت المكدس في مخازن التجار.
وأعرب حجازي عن مخاوفه من تعرض الإسمنت المتوفر في مخازن التجار للتلف، لافتًا إلى أن ما هو متوفر في مخزنه من الإسمنت منذ منتصف نيسان(أبريل) الماضي 680 طنًا وأن هناك فترة صلاحية محددة للإسمنت بمدة ستة أشهر رغم أن فترة الصلاحية المسجلة على أكياس الإسمنت ثلاثة أشهر.
واعتبر أن تعليق عملية صرف الكابونات في ظل أن الذين يأتون للشراء أسماؤهم غير مسجلة في الكشوفات المتوفرة عند أصحاب المخازن حسب النظام المعمول به، ما حال دون التمكن من البيع لهذه الشريحة، منوهًا إلى "أنه عندما اقترحت إحدى الجهات على التجار البيع للمقاولين المعتمدين عرض المقاولون علينا الشراء بأقل من ثمنه أو بثمنه ولكن عبر شيكات مؤجلة الصرف لشهرين، رغم أنهم عندما يشترون الإسمنت من سند يدفعون لها نقدًا".
وأعرب حجازي عن مخاوفه من أن تطالبه وزارة "الاقتصاد" بإتلاف الإسمنت المخزن لديه في حال عجز عن تسويقه وانتهت مدة صلاحيته، محذرًا في هذا السياق من خطورة دخول كميات إضافية من الإسمنت عبر معبر رفح الأسبوع الجاري حيث أن هذا الأمر سيزيد الأمور ولن يكون بإمكان التجار تسويق الكميات الكبيرة المخزنة لديهم في ظل توفر الإسمنت المصري وبيعه في السوق السوداء.
وتعد عملية إدخال الإسمنت عبر معبر رفح، الأحد، الثانية، حيث تم خلال فتح المعبر المرة الماضية لمدة ثلاثة أيام متتالية ابتداءً من 26 من الشهر الماضي تم خلالها إدخال نحو 2400 طنًا.
وأشار تاجر الإسمنت ناهض العمصي، أحد أصحاب أهم المستودعات المعتمد تزويدها بمواد البناء، إلى أن كمية الإسمنت المخزنة لديه منذ الشهر الماضي تقدر بنحو 1100 طن لم يتمكن من تسويقها بسبب توقف صدور قسائم صرف الإسمنت "كوبونات" للمتضررين منذ فترة طويلة.
وبين العمصي، "إن تجارة الإسمنت تمر بمرحلة غير مسبوقة من الركود والكساد وسط بيئة غير طبيعية وحالة من الضبابية حيث لا يعلم التاجر متى سيتمكن من تسويق بضاعته ولا يستطيع في الوقت ذات بيعها إلا للأسماء المدرجة في كشوف الأسماء الواردة إليه ممن بحوزتهم كوبونات، وبالتالي نحن لا نعمل إلا حسب ما تسمح به آلية توزيع الإسمنت وحسب النظام المعمول به في هذا الشأن، فحجم تجارتنا مرتفع جدًا ولا نستطيع المجازفة في تسويق الإسمنت لأي جهة كانت حتى لو تعرضت الكمية المتوفرة لدينا للتلف".
واعتبر العمصي أن معالجة وحل مشكلة تكدس كميات كبيرة من الإسمنت تقتضي ضرورة الإسراع في تنفيذ المشاريع الخاصة وتفعيل مشاريع الإعمار الخاصة بالمواطنين ومنح الموافقات اللازمة على تزويد هذه المشاريع بالإسمنت وسائر مواد البناء، كما يتطلب الأمر الإسراع في إعادة بناء المنشآت والمساكن المدمرة كليًا.
ونوه إلى أن عدد المخازن المعتمدة تقدر بنحو 46 مخزنًا غالبيتهم مكدس داخلها كميات مختلفة من الإسمنت دون أن يكون لدى أصحابها أدنى معرفة بموعد تسويقها بعد أن توقف إصدار الكوبونات للفئات المستهدفة من المتضررين، مبينًا أنه عندما توجه أصحاب المخازن إلى وزارتي "الشؤون المدنية" و"الأشغال العامة والإسكان" كي يجدوا حلًا لمشكلة الإسمنت المكدس لدى التجار طالبوهم "المسؤولون" في هاتين الوزارتين بالتوجه إلى فريق المراقبين.
وأوضح العمصي أنه بالإضافة إلى تكدس الإسمنت في مستودعه لديه أيضًا نحو 1800 طن من حديد البناء، مشددًا، "طالما ليس هناك آلية تسويق مرنة سيكون من الصعب تسويق الكميات المخزنة لدينا، سيما وأنه حتى الآن لم نبلغ بآلية التعامل مع القطاع الخاص الراغب في شراء مواد البناء".
وطالب العمصي المسؤولين بالخروج أمام وسائل الإعلام للحديث عن آلية تسويق مواد البناء الموافق عليها "إسرائيليًا" في ظل ما تردد حول موافقة "إسرائيل" على تزويد العديد من مشاريع البناء لشقق وعمارات سكنية تقدم أصحابها بطلبات لوزارة "الشؤون المدنية" التي تواصلت بدورها مع الجانب "الإسرائيلي" حيث وافق الأخير على عدد كبير من هذه الطلبات.