موسكو ـ فلسطين اليوم
التزم المسؤولون الروس، في تصريحاتهم عبر الإعلام على الأقل، الصمت وعدم توضيح الأسباب التي دفعتهم لرفض اقتراح التخفيض الإضافي للإنتاج النفطي في إطار (أوبك+)، والأهداف التي يعتقدون أنهم سيحققونها عبر هذا الموقف، عكست وجهات نظر مسؤولين في شركات نفطية روسية كبرى، ومجموعة من الخبراء الروس، حالة من الدهشة الممزوجة بالاستغراب والحيرة، وشعور بـ«الصدمة»، هيمنت على الأجواء بعد أن تأكد رسميا فشل (أوبك+) في التوصل لاتفاق حول التخفيض الإضافي، وإعلان وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك أن بلاده والدول النفطية الأخرى، لن تكون بعد الأول من أبريل (نيسان) القادم ملتزمة بأي تقليص للإنتاج.
ووصف بعضهم القرار بأنه «غير عقلاني»، بينما قال آخرون إنه «خطأ فادح»، وسط تشكيك بقدرة روسيا التعويض عن خسائر هذا القرار عبر زيادة إنتاجها النفطي. ولعل رد الفعل الأهم، هو الذي عبر عنه الملياردير الروسي ليونيد فيدون، نائب رئيس، والمالك المشارك في شركة النفط الروسية «لوك أويل»، والتي تعد من أكبر شركات الإنتاج النفطي في البلاد، وثالث شركة نفط خاصة عالميا بحجم الاحتياطي، وتصدرت عام 2018 قائمة «فوربس» لأكبر شركات خاصة في روسيا. في تعليقه على موقف روسيا خلال اجتماع وزراء الطاقة من دول (أوبك+)، إذ قال مساء الجمعة لوسائل إعلامية محلية: «إنه قرار غير متوقع.
وبلطيف العبارة، قرار غير عقلاني»، لافتاً إلى أن «روسيا نتيجة قرارها هذا ستخسر يوميا ما بين 100 إلى 150 مليون دولار»، وأوضح أن «هذه الخسائر هي حصيلة التراجع المتوقع على السعر من 60 دولارا، حتى 40 دولارا للبرميل، مع صادرات روسية بحجم 5 ملايين برميل يومياً». ولم يتمكن المسؤول في الشركة النفطية الكبرى من التعليق على الأسباب التي دفعت روسيا لهذه «القطيعة» مع التخفيض الإضافي، واكتفى بالقول: «لا أزال تحت تأثير حالة صدمة خفيفة» بعد فشل اجتماع (أوبك+) يوم الجمعة الماضي، لافتاً إلى أن شركات النفط الروسية قالت إنها تريد زيادة الإنتاج، لكنه شكك بجدوى هذه الخطوة، وعبر عن قناعته بأن «زيادة الإنتاج 2 - 3 في المائة لن تتمكن من التعويض عن الخسائر المستقبلية»، في إشارة إلى الخسائر المتوقعة نتيجة رفض روسيا التقليص الإضافي على الإنتاج لضبط السعر في السوق العالمية.
كما أثار القرار الروسي دهشة في أوساط الخبراء. وفي حديث لموقع «»The Bell»» قال مارسيل صاليحوف، مدير دائرة الاقتصاد في معهد الطاقة والمال التابع للمدرسة الروسية العليا للاقتصاد: «نتحدث ثلاث سنوات عن الاتفاقية المربحة، ومن ثم ننسحب منها في لحظة أزمة حادة، وصدمة من جانب الطلب، أمر غريب يصعب فهمه»، وعبر عن قناعته بأنه «في الوقت الحالي تحديداً لم يكن من داع للانسحاب من الاتفاق». أما سيرغي رومانتشوك، رئيس مؤسسة «ACI Russia «(جمعية الأسواق المالية)، فقد حذر من تداعيات الموقف الروسي خلال اجتماع (أوبك+) على سعر الروبل، مشيرا إلى أن «قواعد الميزانية» وفرت دعما للروبل، حالت دون تعرضه لتقلبات حادة، وأن الأساس في ذلك الدعم «إيرادات النفط الإضافية»، حصيلة الفارق ما بين السعر المعتمد في الميزانية الروسية (42 دولارا للبرميل ماركة أورالز)، والسعر في السوق العالمية، وعبر عن قناعته بأنه «ما أن يصبح سعر النفط أدنى من المعتمد في الميزانية، ستوجه التقلبات ضربة أقوى للروبل»، ولم يستبعد هبوطه حتى مستوى 70 - 75 روبلا أمام الدولار.
واستعرضت صحيفة «فيدموستي» وجهات نظر عدد من الخبراء حول الموقف الروسي من اقتراح التقليص الإضافي. في هذا الصدد أشار المحلل دميتري مارتشينكو، المدير في «Fitch Ratings «إلى أن «السوق حافظت حتى اللحظات الأخيرة على الأمل بأن يتمكن المشاركون في (أوبك+)، من التوصل إلى حل وسط»، وقال إن «الأمل كان مصدره بما في ذلك إدراك أن مستوى سعر أدنى من 50 دولارا للبرميل غير مريح لروسيا نفسها».
ومع أنه استبعد دخول النفط مرحلة «سقوط حر» كما جرى في 2015 - 2016. عبر عن قناعته بأنه «من غير المريح أبدا لروسيا إلغاء القيود على الإنتاج»، وأضاف: «التأثير من زيادة حجم الصادرات سيتلاشى في بحر الخسائر الناجمة عن هبوط سعر النفط»، وختم قائلا: «قرار الانسحاب من الاتفاق خطأ فادح». أنطون بوكاتوفيتش، كبير الخبراء من مؤسسة «بي كا سي بوركر» للاستثمارات والاستشارات والخدمات المالية، ركز في حديثه لصحيفة «فيدوموستي»، على الموقف الروسي وتأثيره على التعاون مستقبلا بين الدول النفطية الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك، وقال إن «الفشل في التوصل لحل وسط بين روسيا والدول النفطية الأعضاء في أوبك يخلق مخاطر فشل التنسيق بين الأطراف، الذي تشكل خلال عمل (أوبك+)، في مجال دعم الظروف التي تؤثر على السعر في السوق»، وحذر من أنه في ظل غياب هذا التنسيق، و«إذا بقيت السوق دون دعم من جانب (أوبك+)، في ظل ضغط من جانب فيروس كورونا، فإن السوق قد تعود إلى تخمة العرض، ويعود اللاعبون الرئيسيون إلى حرب الأسعار».
ورأى أنه «في حال دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود تحت ضغط فيروس كورونا، وانخفضت أسعار النفط مجددا حتى ما دون 30 دولارا للبرميل، فإن انهيار الأسعار قد يجبر المصدرين على العودة مجددا لتعزيز التعاون والتنسيق».
قد يهمك أيضا :
المقاومة الروسية العنيفة تُجهض محاولات مُنظَّمة "أوبك" حماية أسواق النفط