واشنطن - رولا عيسي
ينظر قطاع الأعمال الخليجي إلى تدشين زيارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنطقة الشرق الأوسط في السعودية، نتاج إيمانه بقوة المملكة ومحوريتها، ليس على الصعد السياسية والأمنية فقط، ولكن أيضًا الاقتصادية، باعتبارها الرابح الأكبر، متوقعين أن تساهم الزيارة في تذليل التحديات التي تواجه العلاقات المشتركة، وسبل تعظيمها والارتقاء بها للحصول على أكبر منفعة متبادلة، بتعزيز العلاقات الاقتصادية الصناعية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين، في ظل منتدى اقتصادي خليجي - أميركي سيقام خلال هذا الشهر في قطر.
وقال عبد الرحيم نقي، الأمين العام لاتحاد الغرف الخليجية، إن أول زيارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخارجية، وهي لمنطقة الشرق الأوسط، وللسعودية تحديدًا، تعد ذات مغزى عميق ودلالة كبيرة، وستكون لها ما بعدها، وتؤثر بشكل مباشر على الارتقاء بمستوى العلاقات الخليجية - الأميركية عامة، والسعودية - الأميركية خاصة، ليس فقط سياسيًا وأمنيًا، وإنما اقتصاديًا أيضًا، وبشكل كبير".
ويعتقد نقي أن اختيار ترامب السعودية أولى محطات زياراته الخارجية في المنطقة، انعكاسًا لإيمانه الكبير بمحورية وأهمية المملكة، كلاعب أساسي في مختلف المجالات، على المستوى العالمي والإقليمي، فضلًا عن المستويين العربي والإسلامي، باعتبار أن السعودية إحدى أبرز دول العالم التي تشكل أهمية قصوى في القرارات الاقتصادية والسياسية والأمنية، وتعتبر المملكة أكثر من شريك استراتيجي، وإن بدأت بشمولية العلاقات ومجالات التعاون، إلا أن الجانب الاقتصادي هو الرابح الأكبر.
وتابع نقي "هذا يعطي مؤشرًا قويًا للدور الذي تلعبه السعودية على المستويين الإقليمي والدولي، كأحد أهم أعضاء مجموعة العشرين، وسوق اقتصادية ضخمة ومتعافية، وتمضي نحو آفاق أرحب بفضل برامج "رؤية 2030" و"البرنامج الوطني 2020"، وهذا أيضًا يؤكد على إيمان أميركي بقوة توجه المملكة وفقًا لبرامج هذه الرؤية، وقدرتها على بناء شراكات اقتصادية ضخمة مع عدد كبير من الدول المهمة في منطقة الشرق الأوسط، كالصين والهند واليابان، وغيرها من الدول الآسيوية الناهضة، إلى جانب شراكات أخرى مع عدد من الدول الاقتصادية الصناعية في أوروبا".
وشدد نقي "إلى ذلك أن الدور المحوري للسعودية في أمن واستقرار المنطقة، وقراراتها التي تتصل بذلك، له بعد آخر، وهو برأيه عنصر أساسي لبناء شراكات اقتصادية فاعلة تحقق أعلى مستويات المنفعة المتبادلة، منوهًا أن تعزيز الوضع الاقتصادي يعزز الوضع السياسي والأمني، وصنع الاستقرار والسلام في العالم، وفي المنطقة، لأن القاسم المشترك الأعظم برأيه هو المصالح المشتركة على كل أوجه المجالات، في ظل قيادة السعودية للعالمين العربي والإسلامي".
ووفق نقي، يتضمن ذلك تنقية الأجواء من المعكرات، خصوصًا في ظل العلاقات الخليجية - الإيرانية، التي لم تتراجع فقط، وإنما أصبحت طهران مهددًا أمنيًا خطيرًا في المنطقة؛ تغذي التطرف، وتزعزع الاستقرار، منوهًا بأن ذلك ينعكس سلبًا على المصالح الاقتصادية المشتركة، ومشيرًا إلى أن الزيارة سيكون لها انعكاسات إيجابية، لأنها ستطلق عملية بناء استراتيجية خاصة بين الجانبين، سعوديًا وخليجيًا وأميركيًا، ويعتقد أمين عام اتحاد الغرف الخليجية، أكثر من ذلك، أن المنظومة العالمية ستشهد في الفترة المقبلة متغيرات كبيرة، ستشكل مخرجات زيارة ترامب للسعودية إحدى أهم لبناتها في تأسيس أرضية صلبة مشتركة، تواجه هذه المتغيرات بشكل إيجابي، يحافظ على التعاون، ويعزز الاستقرار السياسي والاقتصادي، فضلًا عن الجانب الأمني.
وأردف نقي: "علينا بالتالي الاستفادة من هذه الزيارة، بالتركيز على الجانب الاقتصادي الخليجي، وتحقيق المستوى المعيشي والتعليمي والثقافي والحضاري الذي يتبع ذلك"، مشيرًا إلى أن حل القضية الفلسطينية سيسهل بناء علاقات اقتصادية عربية أميركية، وإسلامية أميركية. وفي كل ذلك، فإن السعودية لاعب رئيسي ومحوري لا يمكن أن تتجاوزه.
وأشار نقي إلى أن "الملف الثاني الذي تتبناه المملكة هو عملية الاستقرار في المنطقة، وإعادة التوازن فيها، والتصدي للمطامع الإيرانية، وبالتالي من المهم أن تجد في الزيارة تفاهمًا بشأن هذه المواضيع، لأنها لها علاقة مباشرة بالأمن والاستقرار، كونهما أمرين متلازمين. وبالتالي، عندها يمكن تحقيق البعد والشراكة الاقتصادية المتعافية والسليمة، وتوجيه الجهود للبناء الاقتصادي، مع اعتبار أن انخفاض أسعار البترول، وعملية تنويع الدخل، تدخل في المنظومة الاقتصادية، وبناء أمن خليجي موحد، يضمن أمن وسلامة المنطقة".
وأضاف: "العلاقات التجارية بين الطرفين مهمة ونامية بشكل كبير، ولذلك يتجلى الهدف من المنتدى الخليجي - الأميركي في تعظيم العلاقات بين الجانبين، اقتصاديًا وتجاريًا واستثماريًا، خصوصًا إنعاش العلاقات بين قطاعي الأعمال في الطرفين للتوسع في المشاريع الكبرى الكثيرة، والتعاون في مجال التصنيف في مختلف المجالات والصناعات، ونقل التكنولوجيا، وفي مجال المقاولات والغاز والبترول، وفي التعليم والصحة، ومجالات أخرى كثيرة".
وذكر "لا بد أن يكون لنا دور في القطاع الاقتصادي الأميركي، وهناك منتدى خليجي هندي، وشبيهاته، ما يعني أننا نوزع الفرص مع اللاعبين الاقتصاديين المهمين، وأهم شيء يخدم العلاقات المشتركة بناء شراكة حقيقية في مختلف المجالات، بما في ذلك مكافحة التطرف، باعتبار السعودية أكثر دولة تتمتع بخبرات في هذا المجال، يمكن أن تستفيد منها أميركا، وهي من الدول الرئيسية في العالم".
وأكمل نقي: "اتحاد الغرف الخليجية معني أيضًا بإقامة المنتدى الاقتصادي الخليجي - الأميركي، الذي ينعقد في قطر، بالتعاون بين الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي وغرفة قطر، وغرفة واشنطن التي تعتبر الذراع الأيمن للحكومة الأميركية، والذي سيركز على التحديات التي تواجه هذه العلاقات، وسبل تعظيمها والارتقاء بها للحصول على أكبر منفعة متبادلة، بتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين".