رام الله ـ اياد العبادلة
كشف وكيل سلطة الطاقة في رام الله د. عبدالكريم عابدين أنَّ المباحثات التي دارت بين الجانبين الفلسطيني والتركي, تطرَّقت إلى جميع الإشكاليات التي يعاني منها قطاع غزة في مجال الكهرباء وسبل تطويرها من أجل وضع حلولًا جذرية تتضمن عودة تدريجية للكهرباء خلال 18 شهرًا ما إذا تم بدء العمل في مد خط أنبوب الغاز لمحطة توليد الكهرباء وإصلاح خط 161, وطرح حلًا نهائيًا من خلال خطة متكاملة يتم تنفيذها على مراحل حتى عام 2025, بتطوير وتوسعة محطة توليد الكهرباء ورفع قدرة "التوربينات" المولدة للكهرباء إلى 140 ميغا واط بالإضافة إلى 140 الأولى التي سيتم تحويلها للعمل على الغاز الطبيعي.
وأوضح في مقابلة مع "العرب اليوم" أنَّ سلطة الطاقة تباحثت مع الوفد التركي الإشكاليات العالقة بدءًا من تحويل تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة على الغاز الطبيعي ومد أنبوب غاز من الجانب الإسرائيلي أو من حقل "غزة مارين" الذي يتواجد على بعد أميال من سواحل القطاع في البحر الأبيض المتوسط, بالإضافة إلى اعادة تأهيل خط ربط الكهرباء من الجانب الإسرائيلي الذي يسمى "خط 161" ورفع قدرته إلى "150 ميغا وات", مع تزويد الكمية التي يحصل عليها القطاع من جمهورية مصر العربية عبر خط "الإنتر كونكشن 220 kva" الممول من البنك الإسلامي للتنمية.
وأشار إلى أن سلطة الطاقة الفلسطينية طرحت خلال اللقاء تركيب عدادات مسبقة الدفع بنسبة 50 ألف عداد لتتمكن من تحصيل رسوم الكهرباء بالكامل, بالإضافة إلى تركيب خلايا شمسية على المباني الحكومية والوزارات والمستشفيات والمساجد والأماكن العامة, لافتًا إلى أنَّها تساهم في تقليص الكمية التي يحتاجها القطاع وتساهم بشكل أساسي في وضع الحلول الجذرية.
وبيّن أنَّ كافة المشاريع الرامية إلى حل المشكلة تُكلّف أكثر 200 مليون دولار, مشيرًا إلى أن السلطة الفلسطينية تتطلع إلى أن يقوم الجانب التركي بتمويل عملية مد خط الغاز وتحويل المحطة إلى غاز وإعادة تأهيل خط 161.
وأكَّد على أنَّ الوفد التركي تفهَّم طبيعة المشاريع وكافة الاحتياجات ومدى أهميتها ووعد بمناقشة المشاريع مع الجانب الإسرائيلي, لافتًا إلى أنَّه عقد لقاءً مع الجانب الإسرائيلي بعد الإجتماع مع سلطة الطاقة في رام الله, ووعد بالتوجه صباح اليوم الثلاثاء إلى قطاع غزة للقيام بعدة زيارات إلى محطة توليد الكهرباء والإطلاع على الخطوط المزودة وحالة الشبكات وسيعقد اجتماع مع ممثلين عن الطاقة في غزة, من أجل دراسة إمكانيات العمل على تنفيذ المشاريع, آملًا أن يتم توقيع اتفاقية بين الحكومتين الفلسطينية والتركية.
ووصل السفير التركي لدى فلسطين مصطفى أرنتيش على رأس وفدًا رسميًا يضم سبعة ممثلين عن وزارة الطاقة التركية إلى قطاع غزة صباح الثلاثاء عبر معبر بيت حانون, "إيرز" من أجل دراسة سبل حل أزمة الكهرباء المتفاقمة منذ عشر سنوات, بعد أن أجرى الوفد عدة لقاءات أمس مع رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية في رام الله, د. عمر كتانة وكبار موظفي الطاقة, إضافة إلى اجتماع مع الجانب الإسرائيلي للوقوف على آخر التطورات واحتياجات قطاع الكهرباء والطاقة في غزة.
وسيقدم الوفد بعد عودته إلى تركيا، تقريرًا مفصلاً إلى وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي براءت ألبيرق، يتضمن الاحتياجات المتعلقة بإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة ومشاكل البنية التحتية في قطاع غزة، وما يمكن فعله على المدى القصير والمتوسط والطويل، بهذا الخصوص, فيما سيعرض الوزير، التقرير على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومجلس الوزراء التركي، ومن ثم يتم إعداد خارطة طريق لما ستقوم به تركيا في قطاع غزة في مجال الكهرباء والطاقة.
وتوصلت تركيا وإسرائيل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما، في العاصمة الإيطالية روما، يوم 26 يونيو/حزيران الماضي, وستقوم تركيا في إطار التفاهم، بتأمين دخول المواد التي تستخدم لأغراض مدنية إلى قطاع غزة، ومن ضمنها المساعدات الإنسانية، والاستثمار في البنية التحتية في القطاع، وتوفير الطاقة .
وقصف الإحتلال الإسرائيلي محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة منتصف عام 2006 في أعقاب خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط, وأطلقت طائراته الحربية ستة صواريخ على المحولات الستة لمحطة توليد الكهرباء, ونظراً لأن صاروخين لم يصيبا الهدف، فقد جرى إطلاق صاروخين آخرين بعد بضع دقائق دمرا المحولين الباقيين, وعاش أكثر من مليون ونصف يقطنون قطاع غزة حينها في ظلام دامس.
واستنكرت المؤسسات الرسمية والحقوقية والدولية ضرب محطة الكهرباء وأشاروا إلى أن تدميرها أدى إلى المس بمستوى الخدمات الطبية المقدمة في المستشفيات والعيادات, كما أن معظم سكان المدن يحصلون اليوم على المياه لمدة ساعتين - ثلاث ساعات يومياً، بينما شارفت شبكة المجاري على الانهيار, إضافة إلى ذلك، يعاني الكثيرون من تقييدات في الحركة والتنقل في أعقاب الشلل الذي لحق بالمصاعد، علاوة على أن عدم القدرة على تخزين المواد الغذائية في البرادات يُعرض الكثيرين لخطر التسمم, ولحق الضرر البالغ بالمحلات التجارية الصغيرة التي تعتمد أساساً على التيار الكهربائي, فيما اعتبرت الضائقة المعيشية المترتبة على عدم انتظام التيار الكهربائي آخذة في التفاقم على خلفية الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها قطاع غزة.
وتفاقمت الأزمة بعد الإنقسام الفلسطيني الداخلي منتصف عام 2007 وسيطرة حركة حماس على قطاع غزة بالكامل, وانقطاع كل سبل التعاون في الأشهر الأولى والتعامل مع القطاع على أنه مختطف من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية, الأمر الذي دعا الفصائل الفلسطينية ومؤسسات القطاع الخاص إلى التدخل والضغط على الطرفين حركتي "فتح وحماس" من أجل تفعيل المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بالأمور الإنسانية والتجارية.
وقدَّمت عدة مبادرات من الفصائل الفلسطينية والمؤسسات غير الحكومية لتجنيب الكهرباء عن الخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس, إلا أنَّها لم تنجح وبعد ضغوط كبيرة من عدة أطراف تم الإتفاق على أن تدفع شركة توزيع الكهرباء في غزة أن تدفع 50 مليون شيكل كل شهر من أجل شراء الوقود اللازم في حين تخصم وزارة المال التابعة لحكومة الوفاق الوطن مبلغ 170 شيكل من كل موظف شهريًا, وتدفع السلطة الفلسطينية حوالي 35 مليون شيكل شهريا تكلفة ال 120ميغا وات الواردة من اسرائيل و10 مليون شيكل شهريا أجرة لمحطة الكهرباء للتوليد وتدفع تكلفة الكهرباء الواردة من مصر حوالي 30 ميغا وات، ويتبقى على شركة الكهرباء للتوزيع تغطية تكلفة الوقود للحصول على 60 ميغاوات من المحطة, فيما تقدر قيمة الوقود بدون ضريبة بلو بحوالي 30 مليون شيكل شهريا لتغطية 60 ميغا وات واردة من المحطة، وبإضافة قيمة الاعفاء الضريبي 30 مليون شيكل فيصبح قيمة الوقود 60 مليون شيكل، ولو أضفنا اليهم 10 مليون شيكل أجرة المحطة، فتصبح تكلفة ال 60 ميغا وات من المحطة 70 مليون شيكل .
يُذكر أنَّ قطاع غزة الذي يعيش فيه نحو 1.9 مليون نسمة، منذ 10 سنوات، يُعاني من أزمة كهرباء حادة, وتضطر شركة توزيع كهرباء غزة إلى قطع التيار الكهربائي عن بعض مناطق القطاع، قد تصل 14ساعة يوميًا، وتوصيلها في مناطق أخرى بنظام المداورة، لعدم كفاية ما يتوفر لديها من طاقة, ويحتاج إلى نحو 560 ميغاواط من الكهرباء، على مدار الساعة، بينما لا يتوفر حالياً إلا 212 ميغاوات، فيما يوفر الجانب الإسرائيلي منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، 60 ميغاوات