الرياض - فلسطين اليوم
كان خبر إقفال آندي هال، أحد أشهر تجار النفط لصندوق تحوط يديره، صدمة بكل المقاييس، والسبب الرئيسي في هذه الصدمة هو أن هال، الذي اشتهر بقدرته على قراءة توجهات سوق النفط المستقبلية، لم يعد قادرًا على قراءة السوق في الأعوام المقبلة بشكل جيد، وبدلًا من المخاطرة بأموال المستثمرين في صندوق التحوط "استناباك 2" الذي يديره، قرر إعادتها في نهاية هذا الشهر؛ متمنيًا لهم التوفيق، بعد أن مني الصندوق بخسائر 30 في المائة هذا العام، حسبما عبر في رسالة أرسلها لهم ونشرتها "بلومبيرغ"، الإثنين.
ولكن ما الذي جعل هال - الذي تمكن من قراءة السوق بشكل استثنائي في مطلع العقد الماضي - غير قادر حاليًا على مواصلة براعته في هذا المجال؟، يقول هال في الرسالة إن النظرة للأسعار في العام المقبل لا تبدو واضحة، وأصبح من الصعب توقع توجهات السوق والأسعار بناء على معطيات العرض والطلب، خصوصًا بعد أن سيطرت بصورة "محبطة" التداولات الإلكترونية التي تتداول النفط إلكترونيًا وبصورة ذاتية، بناء على لوغاريتمات وصيغ حسابية معقدة.
ويرى هال أن التداول الإلكتروني في السوق سيستمر بالاعتماد على تلك المنظومات اللوغاريتمية، وهو ما يعني أن الأمر سيطول، كما أن التلميحات التي لمحت لها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، بأنها ستمدد الاتفاق في العام المقبل "إذا ما دعت الضرورة"، علامة على ضعف السوق المتوقع؛ وليس على قوته.
واكتسب هال شهرته بعد أن تمكن من حصد أرباح ضخمة جدًا لشركة "فيبرو" لتجارة السلع التي كان يعمل بها، وكانت جزءً من مصرف "سيتي غروب" الأميركي، وكان هال من أوائل المضاربين الذين رأوا في مطلع العقد الماضي بأن أسعار النفط ستصل إلى 100 دولار في غضون أعوام، في الوقت الذي كانت الأسعار فيه تتداول عند مستويات 20 دولارًا.
ويعتبر هال أن النفط الصخري سيصعب من وضع السوق في العام المقبل، حيث إن منتجي النفط الصخري بإمكانهم التحوط من خلال بيع إنتاجهم، بأسعار عالية الآن، وهو ما يعني استمرارهم في الإنتاج، والسبب في ذلك هو أن أسعار النفط عند مستوى 50 دولارًا "مشجعة".
وليس هال الوحيد الذي يعتقد أن النفط الصخري سيصعب من مهمة توازن الأسواق في العام المقبل، بل إن رئيس وحدة أبحاث النفط والصناعة في وكالة الطاقة الدولية نيل اتكينسون، صرح بذلك في مقابلة مع تلفزيون"بلومبيرغ"، وقال إن على "أوبك" أن تستعد لأن تستمر لفترة أطول في محاولة توازن السوق، لأن العملية ستكون صعبة وطويلة بسبب النفط الصخري الذي يتحرك صعودًا مع أي تحسن في الأسعار.
وزادت المخاوف حيال زيادة نمو النفط الصخري بعد أن أفادت إدارة معلومات الطاقة في تقريرها الشهري للحفر، الإثنين، بأن الإنتاج الأميركي من النفط الصخري من الحقول السبعة الرئيسية في البلاد سوف يشهد ارتفاعًا بنحو 117 ألف برميل يوميًا خلال سبتمبر/أيلول، ليسجل 6.149 مليون برميل يوميًا.
وأبرز التقرير الشهري للوكالة الحكومية ارتفاعًا في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة خلال كل شهر من العام الجاري حتى الآن، ومن المتوقع أن يشهد الحوض البرميان - الذي يغطي أجزاء من غرب تكساس وجنوب شرقي نيومكسيكو - أكبر زيادة في إنتاج الخام الصخري بين الحقول السبعة الرئيسية بارتفاع قدره 64 ألف برميل يوميًا.
وبدوره، يرى إد مورس، رئيس الأبحاث في مصرف "سيتي غروب" في مقابلة، الثلاثاء، مع تلفزيون «بلومبيرغ»، أن النفط الصخري هو الذي سيكسب الرهان ضد "أوبك"؛ نظرًا لقدرة منتجيه على التحوط، مضيفًا أن حوض البريميان في أميركا قادر على إنتاج النفط الصخري بكميات "أكبر مما يتوقعها الجميع"، متوقعًا أن يشهد العام الجاري والقادم زيادة كبيرة في إنتاج النفط الصخري.
ومورس من المدافعين الشرسين عن النفط الصخري، ولا يزال هناك العديد من المحللين غيره الذين لا يتوقعون أن تستمر فورة النفط الصخري في الاستمرار، ويعتقدون أن المنتجين استنفدوا كل الأماكن السهلة التي يمكن الحفر بها ولم يتبق لهم إلا الأماكن الصعبة، وهو ما سيرفع تكلفة الإنتاج.