برلين - فلسطين اليوم
انخفض عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا خلال شباط/فبراير وآذار/مارس الماضيين على غير العادة في فصل الشتاء لهذه السنة. وذلك بعد ارتفاع طفيف في البطالة خلال كانون الثاني (يناير) الماضي، إذ تراجعت البطالة في آذار الماضي إلى 2.662 مليون عاطل عن العمل مقارنة بـ 2.762 مليون في شباط/فبراير، بانخفاض 100 ألف شخص و183 ألفًا عن الشهر ذاته من العام الماضي. وتدنّى بذلك معدل البطالة مجددًا في ألمانيا من 6.3 إلى 6 في المئة.
وأكد الرئيس الجديد لوكالة العمل الاتحادية ديتلف شيله، أنّ "التطور الإيجابي الحاصل في سوق العمل في ألمانيا على مشارف فصل الربيع" الذي يشهد في العادة انحسارًا في البطالة. ولفت "إلى استمرار وتيرة الطلب العالية للشركات على اليد العاملة الماهرة في البلاد". وتبعًا لأرقام المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن، ازداد عدد العاملين المسجلين في الصناديق الاجتماعية 59 ألف شخص في كانون الثاني الماضي، ليصل العدد الإجمالي للمشتركين إلى 43.59 مليون شخص.
وطالب اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية بـ "تسهيل شروط هجرة اليد العاملة المتخصصة والأكاديميين إلى ألمانيا، حتى في ظل التدفق الكبير للاجئين الذي شهدته". ويشكو رجال الأعمال الألمان منذ زمن وبشكل دوري، من المعوقات التي تحول دون استقطاب اليد العاملة الماهرة.
وقال نائب المدير التنفيذي لاتحاد الغرف أخيم ديركس إلى صحيفة "هايلبورنر شتيمّه"، "تزداد أهمية الهجرة بالنسبة إلى الشركات لضمان توافر اليد العاملة المتخصصة". واعتبر أن "تسهيل إجراءات الهجرة للكفاءات، أمر ضروري حتى في ظل الأعداد المرتفعة للاجئين". وبعدما طالب المسؤول بإضافة "مزيد من القطاعات الوظيفية التي تواجه نقصاً حاداً في اليد العاملة في ألمانيا إلى القائمة الحالية لوكالة العمل الاتحادية"، لفت إلى "نقص في اليد العاملة المتخصصة في قطاعات، مثل الخدمات اللوجستية والمطاعم والضيافة". وشدّد "على ضرورة الترويج في أنحاء العالم، لسهولة الدخول إلى سوق العمل الألمانية خصوصًا للأكاديميين".
وإذا كانت الإحصاءات الرسمية تعطي صورة جيدة عن سوق العمل الألمانية، فإن ذلك لا يعني تجاهل الوضع الحقيقي على الأرض. صحيح أن وكالة العمل لا تخفي الحقائق، لكن لا بد للمرء من البحث عنها. وتنتقد نقابات وأحزاب المعارضة الحكومة على تجاهل الأرقام الفعلية، وترى أنها "تعمل على رسمها بريشة مفرحة".
وردًا على قول هؤلاء الأطراف إن عدد العاطلين عن العمل يزيد كثيرًا على الأرقام الرسمية المقدمة، أوضح خبراء أن الجواب هو "نعم" و "لا". نعم، لأن العاطلين عن العمل هم أكثر مما يُعلن عنه رسميًا. ولا، لأن وكالة العمل الاتحادية لا تخفي في بياناتها الشهرية وجود نحو مليون شخص لا يعملون، لكنهم يشاركون في دورات تدريب وتخصص لمدد تراوح بين ستة أشهر وسنتين، لتحسين فرص عودتهم إلى سوق العمل مجددًا، ويتلقون رسميًا علاوات مالية من وكالة العمل الاتحادية.
وأشار خبير العمل في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية في برلين "دي اي في" كارل برينكه في حديث صحافي، إلى أن "العاطل عن العمل هو كل من يسجل نفسه رسميًا بأنه لا يعمل"، ويفتش بالتالي عن عمل له. واعتبر أن في "إمكان العاطل عن العمل أن يعمل لمدة 15 ساعة في الأسبوع من دون فقدان صفة البطالة". وإلى جانب هذه الفئة، لفت إلى "وجود أناس ليسوا عاطلين من العمل، لكنهم قريبون من هذا الوضع، ويظهرون شهريًا في إحصاءات وكالة العمل الاتحادية بهذه الصفة، من هنا يمكن تأكيد جدية الأرقام المعلنة".
ويمكن اعتبار هذه الفئة في مرتبة "ما بين بين"، فهي ليست عاطلة عن العمل مئة في المئة، وبالتالي غير مسجلة على لائحة البطالة الشهرية من جهة، وفي الوقت ذاته لا يمكن اعتبارها في سوق العمل مئة في المئة أيضًا. إذ حين ينتهي هؤلاء من فترة تدرّبهم وتخصّصهم يفرزون بعدها إما إلى جانب العاملين، وإما إلى جانب العاطلين غن العمل. وتعتقد وكالة العمل أن هذا التصنيف "يقدّم صورة أفضل عن واقع سوق العمل في البلاد".
وعن سبب اختلاف أرقام الوكالة الأوروبية للعمل عن تلك الصادرة من الوكالة الألمانية، أوضح برينكه أن الاتحاد "يعتمد معيارًا مختلفًا لتحديد البطالة، ويعتبر العاطل عن العمل الشخص الذي لا يعمل على الإطلاق، حتى ولا ساعة واحدة في الأسبوع، وقام كذلك بالتفتيش عن عمل له خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة". وعلّق على ذلك بالقول "لو تم اعتماد هذا المعيار لكان عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا في شباط الماضي بلغ 1.9 مليون شخص فقط" بدلاً من 2.762 مليون.