الرئيس الإيطالي بيير كارلو بادوان

انهارت الجهود المبذولة لتشكيل حكومة جديدة في إيطاليا، بعدما رفض الرئيس تعيين شخصية معارضة للاتحاد الأوروبي في منصب وزير الاقتصاد، مما ينذر بأزمة دستورية ويفتح المجال أمام احتمال إجراء انتخابات جديدة. وكان رد فعل الأحزاب الشعبوية الإيطالية المعارضة لأوروبا، عندما انهارت محاولات تشكيل الحكومة، بعد أن رفض الرئيس وزير الاقتصاد، والذي يعد منتقد شديد لليورو، فبعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من الانتخابات العامة، في 4 مارس/ آذار الماضي، تلاشت الآمال بأن يكون للدولة حكومة تشكلها حركة خمس نجوم المناهضة للاتحاد الأوروبي، وكذلك حزب الرابطة اليمينة.

وكان الطرفان، اللذان على وشك تشكيل أول حكومة شعبية في أوروبا الغربية، يريدان تعين باولو سافونا، وهو خبير اقتصادي ومصرفي انتقد بشدة اليورو، كوزير للاقتصاد. وفازت الأحزاب بنسبة 50% من الأصوات في الانتخابات، وأصرت على أن اختيارهم لوزراء الحكومة سيكون جزءًا أساسيًا من تفويضهم الديمقراطي، لكن سيرغيو ماتاريللا، رئيس إيطاليا، رأى خلاف ذلك، وحجب السيد سافونا عن حقيبة الاقتصاد.

استقالة رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة:

ونتيجة لذلك، استقال جوزيبي كونتي، وهو أستاذ قانون كان قد تم تعيينه كرئيس وزراء في الائتلاف، بعد يوم من المحادثات المتوترة مع الرئيس ماتارلا في قصر كويرينال في روما. وقال مسؤول من القصر الرئاسي "لقد تخلى جوزيبي كونتي عن تفويض تشكيل حكومة مُنح له في 23 مايو/ آيار". وفي تعليق مقتضب للصحافيين، قال البروفيسور كونتي إنه "بذل أقصى جهد واهتمام لتنفيذ هذه المهمة بالتعاون الكامل مع حركة الخمس نجوم".

يهاجم برلين ويتذكر التاريخ النازي:

وطالب لويغي دي مايو، رئيس حركة خمس نجوم، الشاب بإقالة الرئيس ماتاريللا بسبب حق النقض، داعيًا إلى محاكته بتهمة إثارة "أزمة مؤسسية"، وتوجه إلى موقع الفيسبوك ليخبر مؤيديه أنه وماتيو سالفيني، رئيس الرابطة اليمينة، كانا مستعدين لتشكيل الحكومة يوم الاثنين، حتى أنه أعلن عن القائمة الكاملة للتعيينات الوزارية التي قدمها الزعيمان.

وقال "أنا غاضب  جدًا، يمكنك أن تتخيل مقدار الوقت الذي قضيناه في محاولة تشكيل الحكومة على مدار الثمانين يومًا الماضية، عملنا ليل نهار لمنح  هذا البلد حكومة."، مضيفًا أن استخدام الرئيس لحق النقض أمر غير مقبول ويحدث صدام مؤسسي، مشيرًا " إذا أزعج هذا الوزير برلين، فتأكدوا أنه الشخص الصحيح."

وأكد أن العملة الموحدة ليست إلا سجن ألماني، أدخلت برلين إيطاليا فيه، واتهم ألمانيا بمحاولة تحقيق طموحها الاقتصادي على حساب إيطاليا، وهذا ما فشلت في فعله خلال الحرب العالمية الثانية حيث السيطرة على أوروبا، وأدعى أن ألمانيا لديها نفس الهدف اليوم، مشيرًا إلى فالتر فونك، الذي خدم في حكومة هتلر، كوزير للشؤون الاقتصادية ومن ثم أثدين كمجرم حرب. ودعا إلى وضع خطة بديلة للسماح لإيطاليا بالخروج من منطقة اليورو بأقل قدر ممكن من الضرر، في حال كان ذلك ضروريًا.

احتمالات تشكيل حكومة انتقالية وانتخابات جديدة:

وقال ماتاريلا في كلمة بثها التلفزيون "وافقت على كل الترشيحات وقبلتها، ما عدا وزير الاقتصاد". وأضاف "طلبت لهذه الوزارة شخصية سياسية موضع ثقة من أحزاب الائتلاف لا يُنظر لها بأنها مؤيدة لنهج قد يفضي إلى خروج إيطاليا من منطقة اليورو" وأشار إلى أن تعيين وزير الاقتصاد أثار قلق الأسواق والمستثمرين الأجانب والإيطاليين، مؤكداً انه لا يتحمل وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، حيث اقترح بدائل للموقف الحالي، لأن من واجبه حماية مدخرات الإيطاليين. ومع انهيار الحكومة قبل أن تأديتها اليمين الدستورية، يمكن للرئيس ماتارلا تعيين حكومة انتقالية حتى يتم إجراء انتخابات جديدة.