مجموعة قمة الدول العشرين

أنهى وزراء المال في دول مجموعة العشرين محادثاتهم، السبت، دون تجديد التزامهم طويل الأمد للتجارة الحرة ورفض السياسات الحمائية، بعد اعتراض الولايات المتحدة ويمثّل هذا الفشل، نصرًا للرئيس الأميركي دونالد ترامب وبرنامجه الذي يحمل عنوان "أميركا أولًا"، وكان الخطاب المناهض للعولمة والمتشدد من الرئيس بشأن التجارة أفزع حلفاء الولايات المتحدة، ووعدت إدارته بإعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية أو الانسحاب منها، وفرض ضرائب جديدة على الواردات وكذلك رسوم جمركية على الواردات المكسيكية لدفع ثمن الجدار الحدودي.

وهدّد ترامب أيضًا بإجراءات ضد الصين لتدخلها في قيمة عملتها، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية، وأعرب وزير المال الألماني فولفجانج شويبله عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة رغم سياسة الانعزال الاقتصادي، ليست منعزلة على المسرح الدولي، وفي أعقاب المشاورات التي أجراها الوزراء مجموعة العشرين ومحافظو البنوك المركزية في هذه الدول، على مدار يومين في مدينة بادن الألمانية، قال شويبله إن "الأميركيين لا يلعبون دور المنطوي على نفسه، ولهم دورًا محوريًا، اقتصار الاتفاق في البيان الختامي للاجتماع على صياغة عامة للغاية، لا يسبب له قلقا حيال استمرار التعاون".

وتابع الوزير المنتمي إلى حزب المستشارة أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، أنه "بالعكس فإن النقاشات أثبتت مجددًا إلى أي مدى لا يمكن الاستغناء عن الولايات المتحدة في عالم مليء بالعديد من المشاكل، سنظل نقول لهم ذلك بكل أدب، بكل أدب نستطيعه"، مشيرًا إلى أنّ موضوع التجارة العالمية سيجري طرحه مرة أخرى على الأجندة في موعد أقصاه قمة دول العشرين مطلع يوليو المقبل في هامبورغ.

واعترف شويبله بأن وزراء مجموعة ال20 وصولوا إلى "طريق مسدود" بشأن قضايا سياسة الحماية الاقتصادية والتجارة الحرة، لافتًا إلى أنه "في بعض الاجتماعات لا يمكن أن تصل إلى كل ما ترغب في تحقيقه، ولكن هذا شيء يمكننا أن نتعايش معه"، ولم يتمكن الوزراء في بيانهم الختامي في نهاية المؤتمر من تأكيد التزامهم طويل الأمد تجاه التجارة الحرة ومعارضة سياسة الحماية الاقتصادية بسبب رفض الولايات المتحدة.

وأظهر البيان الختامي الصادر عن وزراء مال ومحافظي البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين أن الزعماء الماليين لم يتمكنوا من التوصل لحل وسط بشأن المصادقة على التجارة الحرة في تراجع عن التزامات سابقة بإبقاء التجارة مفتوحة ورفض إجراءات الحماية التجارية، وتراجع وزراء المال ومحافظو البنوك المركزية في أكبر 20 اقتصادا في العالم عن تقليد دام عقدًا برفض الحماية وتأييد التجارة المفتوحة واكتفوا بإشارة رمزية إلى الحاجة إلى تعزيز مساهمة التجارة في الاقتصاد، وفي أكبر تصادم حتى الآن بين الإدارة الأميركية الجديدة والمجتمع الدولي تراجع الزعماء الماليون لدول مجموعة العشرين أيضًا عن تعهد بمساندة تمويل مكافحة التغير المناخي وهي نتيجة متوقعة بعد أن وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب التغير المناخي بأنه "خدعة".

وقال مفوضون تحدثوا على هامش الاجتماع إن الولايات المتحدة كانت مصدر المقاومة في قضايا رئيسية ولم تبد استعدادا للتنازل مما نسف بشكل أساسي التوصل لاتفاق لأنه يتطلب توقيع كل الدول الأعضاء عليه، وانسحب ترامب بالفعل من اتفاق أساسي للتجارة واقترح فرض ضرائب جديدة على الواردات معللا ذلك بضرورة إعادة صياغة علاقات تجارية محددة لتصبح أكثر عدالة بحق العمال الأميركيين، لكن الزعماء الماليين لمجموعة العشرين أعادوا التأكيد على التزامهم بالإحجام عن تخفيض قيمة العملة التنافسي وهو اتفاق رئيسي جاء بعد شكاوى متكررة من الولايات المتحدة من أن بعض شركائها التجاريين يستخدمون عملات خفضت قيمتها بشكل مصطنع لتحقيق مكاسب تجارية.

وفي باريس عبر وزير المال الفرنسي ميشيل سابين عن أسفه لعدم توصّل اجتماع زعماء العالم الماليين عن نتائج مرضية بشأن التغير المناخي والتجارة، وسلط سابين الضوء على النجاح الذي حققه اجتماع مجموعة العشرين في ألمانيا مثل عزمهم على مكافحة التهرب من الضرائب واتخاذ إجراءات مشددة بشأن تمويل التطرّف وتعزيز الاستثمار الخاص في أفريقيا، مبيّنًا أنّه "مع ذلك فإنني أشعر بالأسف لأننا لم نتمكن خلال مناقشاتنا اليوم من التوصل لنتيجة مرضية بشأن قضيتين ضروريتين للغاية في العالم اليوم"، في إشارة إلى التغير المناخي والتجارة، مختتمًا أنّ "فرنسا مقتنعة بالحاجة إلى "تجارة حرة منظمة" تفيد الجميع".