تونس - حياة الغانمي
تسجِّل فرق المراقبة التونسية بين الفينة والاخرى، حجز كميات كبيرة من قطع الغيار المقلدة، واخرها في سوسة، حيث تم حجز كمية كبيرة من قطع الغيار المقلدة في إحدى الحاويات تقدر قيمتها بأكثر من 2 مليون دينار..كما تم ايضا حجز قطع مقلدة في أحد المخازن تقدر قيمتها باكثر من 700 الف دينار..فما هي المضار التي تتسبب فيها قطع غيار السيارات المقلدة ؟ومن اين تاتي؟ وكيف يتم ادخالها الى تونس؟
تدخل عادة قطع الغيار الجديدة المقلدة عبر منافذ البلاد الحدودية البرية والبحرية وحتى الجوية.. قطع غيار فاسدة يتم استيرادها بواسطة تجار جملة وموردين من الصين وتايوان وماليزيا على خلفية ارتفاع أسعار قطع الغيار الأصلية التي يستوردها وكلاء السيارات (ستافيم بيجو – ألفا فورد – لي موتور – ارتاس رينو – أوراس سيتروان ...)..وتقوم عصابات بتوريد قطع غيار جديدة لكنها مقلدة ومضروبة وفاسدة وعديمة الجودة وتفرض أسعارًا مرتفعة لثمنها مما يحقق أرباحًا مضاعفة بالآلاف. كما ترفض تمتيع الزبائن بالضمان ثم يرفضون تغيير القطعة او ارجاع ثمنها إلى الزبائن حتى وان ثبت انها غير جيدة ..
قطع غيار مقلدة في علب اصلية
وتعتبر الأسواق التقليدية (شارع الهادي شاكر وشارع قرطاج في العاصمة وفي حمام سوسة وصفاقس وقابس وغيرها) مرتعًا لعدد من بائعي قطع الغيار المضروبة.حيث تعرض محلات كثيرة البضائع المقلدة. ويعود ذلك اما لضعف رأس مال باعث المشروع أو للهفته للإثراء السريع أو لانتمائه لشبكة تجارة الممنوع والمحجر .. وتباع قطع الغيار المقلدة الواحدة والتي تباع في الأسواق الآسيوية بأقل من اورو بقرابة 200 دينار.
ويذكر أن الدراسات التي أجريت على سوق قطع غيار السيارات على مستوى السوق المحلية التونسية، أظهرت أن حجم المقلد منها يصل إلى أكثر من 85 %. وأوضحت الدراسات ذاتها أن الفرامل غير المطابقة للمواصفات تصنع من مواد كرتونية ونشارة الخشب، مما يتسبب في تآكلها بصورة سريعة ويتسبب في وقوع الحوادث بصورة كبيرة ومتكررة.
كما حدد أحد مكاتب الدراسات العالمية نسبة حوادث المرور التي تتسبب فيها انعدام المواصفات الفنية الأصلية بالنقليات والعربات نتيجة استعمال قطع غيار جديدة مقلدة وعديمة الجودة عند انجاز أعمال الصيانة الدورية الجزئية أو الكلية بأكثر من 35% من جملة العوامل التي تتسبب في وقوع حوادث مرور في كامل شبكة الطرقات الوطنية.
وتلجأ عصابات توريد قطع الغيار الجديدة المقلدة إلى استعمال عمليات غش محترفة تقضي بتغيير التعليب الكرتوني للبضائع الموردة ولتتحول بسرعة من قطع غيار مقلدة إلى أصلية لا يمكن اكتشافها إلا عند فتح العلبة الكرتونية والوصول إلى القطعة موضوع الغش والتي تشبه في الشكل الخارجي القطعة الاصلية الى درجة تجعلك غير قادر على التمييز بين القطعتين .. وقطع الغيار والمحركات المستعملة لم تتوقف مع توقف نشاط تجار الجملة المعترف بهم، بل ان هذه السلع تدخل التراب التونسي يوميا عبر شبكات التهريب، وهو ما يكلف الدولة خسائر بمليارات كان من المفروض أن تتحصل عليها من التجار والمرخص لهم. وقد أعلن هؤلاء في الفترة الأخيرة عن فلسة جماعية بعد أن تعطلت أنشطتهم بالكامل حتى ان بعضهم بات مهددا بالسجن والتتبعات القضائية نتيجة عدم قدرته على استخلاص ديونه.
توريد قطع غيار مستعملة معقدة
وحتى عندما يلجأ مستعملو السيارات الى قطع الغيار المستعملة هروبا من المقلدة والمغشوشة، فانه يكتشف ان اسعارها ايضا ارتفعت بشكل لافت للانتباه.. ويرجع المهنيون السبب الى انه بعد مراجعة القانون المتعلق بتوريد قطع الغيار المستعملة ووضع كراس الشروط في نوفمبر/تشرين الثاني 2012،تغيرت الموازين وعانى المستثمرون في هذا القطاع من خسائر مجحفة.. كما قفزت التسعيرة من دينار و280 للكيلوغرام الواحد الى 4 دنانير و280 أي بزيادة قدرت بـ 3 دنانير للكيلوغرام مما يعني أن الحاوية "الكونتينر" المقدر وزنها بـ 30 طنا والتي تضم ما يقارب الـ 100 محرك بنزين وغازولين باتت تكلف المستثمر 130 ألف دينار بعد أن كانت لا تتجاوز الـ30 ألف دينار تقريبا أي بزيادة قدرت بـ 80 أو90 مليونا مقارنة بالتسعيرة القديمة. وبارتفاع أصوات الموردين الذين تعطلت تجارتهم أو توقفت كليا خلال بعض الأشهر، وبعد مطالبتهم بمراجعة التعريفة من خلال المراسلات والاتصالات وحتى الوقفات الاحتجاجية التي ساندها فيهم تجار التفصيل، انعقدت بعض اللقاءات والاجتماعات التي ضمت الوزارات المعنية ونقابة قطاع توريد المحركات المستعملة بالجملة، وبعد اقتناع الطرف الحكومي ومن خلال الاثباتات التي قدمها المتضررون، تم الاتفاق على العودة الى العمل بالتسعيرة القديمة (1280للكيلوغرام) مع مراجعة الموضوع برمته والبحث عن حل يرضي جميع الأطراف .
الاتفاق المرتقب كان يفترض أن يتضمن زيادة معقولة في التسعيرة الديوانية لا تضر لا بالتاجر ولا بالمستهلك في السوق التونسية، لكن هذا الاتفاق، وحسب العاملين في القطاع كان مجرد وعود ولم يفعَّل، والوضعية الحالية لقطع الغيار والمحركات المستعملة، بل ووضعية تجار الجملة، تستوجب كلها حسب العارفين تدخلا عاجلا ورصينا يراعي مصلحة الجميع ويضع في الاعتبار صاحب وسيلة النقل الذي لم يعد قادرا على مجابهة ارتفاع اسعار قطع الغيار وخاصة المحركات الجديدة .
وقانونيا يخضع توريد المحركات وقطع الغيار المستعملة إلى ترخيص مسبق من وزارة التجارة والصناعات التقليدية (الفصل 80 من الأمر عدد 1743 لسنة 1994 المتعلق بضبط طرق القيام بعمليات التجارة الخارجية). ويضبط المقرر الموالي الصادر بتاريخ 23/11/2012 (كما تم تنقيحه بتاريخ 14/5/2014) شروط إسناد تراخيص توريد هذه المنتجات:
والمقرر الصادر عن وزير التجارة والصناعات التقليدية يتعلق بإحداث لجنة فنية مكلفة بدراسة مطالب رخص توريد المحركات و قطع الغيار المستعملة، المخصصة للعربات السيارة لبيعها على حالتها بالسوق المحلية، و ضبط شروط إسنادها. وكانت وزارة التجارة قد اعلنت السنة الماضية في بيان أصدرته أنه تقرر اعتماد اجراءات جديدة لتنظيم قطاع توريد قطع الغيار والمحركات المستعملة بداية من سنة 2016.
وتندرج هذه الاجراءات وفق ذات الوزارة في اطار ضمان احترام الشركات الموردة لمقتضيات مقرر وزير التجارة المتعلق باحداث لجنة فنية مكلفة بدراسة مطالب رخص توريد المحركات وقطع الغيار المستعملة المخصصة للعربات السيارة. وتتضمن الوثائق أيضا الاستظهار بشهادة مسلمة من المصالح المختصة في بلد التصدير تنص على عدم احتواء المحركات وقطع الغيار الموردة بكل دفعة موردة على زيوت تشحيم ومواد خطرة على الصحة والبيئة وفقا للامر عدد 2339 لسنة 2000 المورخ في 10/10/2000 المتعلق بضبط قائمة النفايات الخطرة.
كما تقرر منح حصة اضافية تحددها اللجنة المكلفة بدراسة مطالب التوريد بالنسبة للموردين الذين يقومون بتشغيل فنيين اضافيين 2 زيادة عن العدد المنصوص عليه بالمقرر مع اعطاء الاولوية للموردين المتواجدين في مناطق التنمية الجهوية..