القاهرة - فلسطين اليوم
تعتزم تركيا الحفر والتنقيب عن الغاز في المربع رقم 10 بالبحر المتوسط، حيث قررت السلطات التركية إرسال سفن تابعة لها، منها سفينة تدعى الفاتح للحفر في هذه المنطقة التابعة لدولة قبرص والبحث عن الغاز فيه. وحذرت مصر من أي انعكاس أو تأثير لأنشطة الحفر التركية شرق البحر الأبيض المتوسط على أمن المنطقة، كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ من الأنشطة التركية غير القانونية في البحر المتوسط.
من جانبها، أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عن قلقها البالغ حيال إعلان تركيا نيتها القيام بأنشطة تنقيب عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.
إقرأ أيضـــــا: "أرامكو" تخطط لبدء تصدير الغاز للأسواق الخارجية خلال 5 سنوات مقبلة
يقول جمال طه، الباحث في شؤون الأمن القومي المصري في حديثه لمصادر إعلامية، إن تركيا تعتزم الحفر والتنقيب عن الغاز في هذا المربع التابع للمنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص، والتي تفرض تركيا احتلالاً غير معترف به دولياً على جزء من الجزيرة، وتحاول الحفر في هذه المنطقة لعدة أسباب، أهمها البحث عن موضع قدم في اكتشافات النفط والغاز الجديدة التي تم ترسيم الكثير من حدودها، والبحث عن أي بئر ولو باكتشافات قليلة ليسهل لها مد أنابيب نقل الغاز لأوروبا في المتوسط، وتحصل على الموقع المتميز الذي حصلت عليه مصر بعد الترسيمات الجديدة كمحور إقليمي للطاقة، وأن تكون ناقلاً للغاز إلى أوروبا لما لها من خبرة سابقة في هذا المجال.
ويضيف أن المربع رقم 10 قريب من المنطقة التي يقع فيها حقل ظهر المصري، وربما قد يتشارك معه في الحوض الرسوبي، فضلاً عن أن دولة قبرص ـ التي تسيطر على ثلثي الجزيرة وتقع المنطقة التي بها المربع ضمن أجزاء منها تسيطر عليها تركيا منذ العام 1974 دون اعتراف دولي وبالقوة العسكرية ـ ترتبط باتفاقات ترسيم حدود بحرية مع مصر، مشيراً إلى أنه سبق أن وقعت مع مصر واليونان ودول أخرى بالمنطقة اتفاقاً لإنشاء "منتدى غاز شرق المتوسط"، وضم معهم إسرائيل وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية.
ويؤكد الباحث والمحلل المصري أن تركيا اختارت توقيت إعلان الحفر في هذه المنطقة تزامناً مع معركة طرابلس التي يواجه فيها حلفاؤها وميليشياتها هزائم ساحقة، وتهدف من ذلك لتشتيت تركيز مصر وأوروبا عن طرابلس ومعركتها المصيرية من جهة، والمساومة على حقوق ليست لها لفرض أمر واقع، وهو ما سينتهي لا محالة بالفشل، مضيفا أن مصر لن تصمت إزاء ذلك، وستتخذ إجراءاتها القانونية، وستحمي منطقتها الاقتصادية، كما أن أوروبا لن تسمح لتركيا بالمساس بمصالح دولة أوروبية عضو في الاتحاد الأوروبي هي قبرص.
وذكر أنه في الأعوام الأخيرة، وقعت قبرص عقودا للتنقيب عن الغاز مع شركات إيني الإيطالية وتوتال الفرنسية وإكسون موبيل الأميركية، والدول التي تنتمي لها هذه الشركات لن تقبل مطلقا بما يفعله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما يفسر تزامن توقيت صدور بياني الخارجية المصرية والاتحاد الأوروبي حول الواقعة.
لكن كيف ستواجه مصر الموقف لو بدأت بالفعل عمليات الحفر؟. يقول المحلل المصري إن المواجهة يجب أن تكون عبر عدة محاور، أهمها القانوني، والرئيس التركي من سياسته أن يبدأ بالمناوشة والمناورة، وإذا وجد رد فعل عنيفاً فسيتوقف على الفور، أما إذا وجد الطرف الآخر يطلب التفاوض فسيتمادى، وهو ما لم ولن يجب فعله معه، مشيراً إلى أن المواجهة القانونية يجب أن تستند إلى اتفاقية لوزان، كما أن عدم انضمام تركيا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982، لا يعفيها من أحكامها، لأنها دولة ساحلية تطل على بحار دولية، فضلاً عن ضرورة التنسيق بين دول منتدى غاز المتوسط، ودول الاتحاد الأوروبي لردع تركيا ومنعها من الحفر وممارسة أي بلطجة.
بدوره، يؤكد أسامة كمال وزير البترول المصري السابق، أن المنطقة التي تعتزم تركيا الحفر بها تقع ضمن المنطقة الاقتصادية القبرصية، وما أعلنته من عزمها الحفر والبحث مجرد مناورة، فهي تدرك تماماً أن تداعياتها ستكون خطيرة، وعواقبها غير محتملة، لأنها ستجرها لصراع دولي معقد.
ويضيف أن المنطقة ليست بعيدة عن المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، وتقع بمسافة ليست بعيدة عن منطقة حقل ظهر المصري، وهو ما يجعل مصر تترقب الموقف، وتتابعه بقلق، لأنه قد يترتب عليه انعكاسات خطيرة ليست في صالح أمن واستقرار المنطقة، مؤكدا أن الالتزام بقواعد القانون الدولي وأحكامه والاتفاقيات الدولية واتفاقيات ترسيم الحدود هي الضابط والحاكم لمثل تلك الأمور.
قد يهمـــــك أيضــــا: "أرامكو" تركّز على ضمان التزويد الموثوق للطاقة بأسعار معقولة
تركيا تخضع لحالة ركود مؤلمةً لأن إردوغان اهتم بالعقارات على حساب الصناعة