واشنطن - فلسطين اليوم
خسر سعر حبوب القهوة 9 في المائة خلال يوليو/ تموز الماضي، وهو أعلى هبوط منذ ديسمبر/ كانون الأول 2016، وهذه السوق تمر بأزمة منذ سنوات عدة بسبب عرض وفير يزيد على طلب ينمو، لكن بوتيرة أقل.
ولم يمر منذ أواخر 2016 على سوق القهوة صعوبة كالتي مرّ بها الشهر الماضي، كما أن الأسعار في الشهر الحالي ليست أفضل حالا، بل هبطت نحو 3 في المائة لتنخفض إلى أدنى مستوى منذ نهاية مايو/ أيار الماضي، وسعر الرطل يراوح حول الدولار ودونه، فعلى الرغم من سوء الطقس في يونيو/ حزيران الماضي، شهدت البرازيل وفيتنام ظروفا مناخية أفضل لاحقا، والبلدان هما أكبر منتجين لحبوب القهوة في العالم، والعرض فيهما كبير حاليا.
وأسهم ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا والولايات المتحدة في مزيد من الضغوط على الأسعار، لأن المستهلكين في ظروف كهذه يفضلون الإقبال أكثر على المشروبات الباردة ويتجنبون الساخنة عموما، والقهوة خصوصا.
وهبط السعر في 7 مايو الماضي إلى أدنى مستوى في 13 عاماً وبلغ 88.65 سنت للرطل، ووفقا للمنظمة الدولية للقهوة، والتي يشكل المنتسبون إليها 98 في المائة من المنتجين الدوليين فإن الإنتاج سيبلغ 168 مليون كيس في 2018-2019، مقابل طلب يساوي 164.6 ملايين كيس.
ورغم ارتفاع الطلب في النصف الأول من العام الحالي فإنه لم يتجاوز في نموه العرض الذي سجل نموا أسرع وأعلى، والنتيجة أن الفائض يقدر بنحو 3.11 مليون كيس هذه السنة، وذلك بعد فائض بلغ 3.48 مليونا في 2017-2018.
ومع أسعار هي أقرب إلى أدنى مستويات بلغتها خلال عقد من الزمن فإن بعض المحللين لا يتوقعون هبوطا إضافيا. ومع ذلك لا توقعات في المقابل تشير إلى عودة الأسعار إلى الارتفاع. وبين الأسباب أن صناديق التحوط المستثمرة في هذه السلعة أو المنتج تسيطر على العقود الآجلة لتضغط أسعارها أكثر. فمنذ عامين، تراهن هذه الصناديق على نزول أسعار المواد الزراعية الأولية. وفي الأسبوع الأخير من يوليو الماضي، على سبيل المثال، زادت هذه الصناديق عرضها بنسبه 37 في المائة.
وتؤكد وزارة الزراعة البرازيلية، أن المنتجين المحليين يستطيعون التأقلم مع أسعار منخفضة، لكن هذا الوضع ليس نفسه بالنسبة لمنتجين في دول أخرى. ففي كولومبيا على سبيل المثال، فإن سعر الرطل بأقل من دولار هو أدنى من سعر التكلفة الإنتاجية؛ لذا فإن كثيراً من المزارعين يهجرون هذه الزراعة ليجربوا أخرى أكثر إفادة، أو يسلك بعضهم طريق الهجرة إلى الولايات المتحدة، كما أن كثيرا من المنتحين الآخرين حول العالم لا يستطيعون الآن تغطية تكاليفهم، ومصيرهم المالي مهدد كما هو مهدد هذا القطاع عموماً. وتقول المنظمة الدولية في تقرير حديث لها: «إذا استمر هذا الوضع، ولمدة طويلة، فإن أزمة عميقة تلوح في الأفق، خصوصاً أن الإنتاج مركز في عدد قليل من الدول التي هي عرضة للتغيرات المناخية والجيوسياسية، فالوضع حرج جداً في عدد من تلك الدول».
ففي بيرو وإثيوبيا، لا تستطيع عائدات هذا القطاع مواجهة الفقر المدقع للمنتجين أو المزارعين، وهذا بدوره يمنع هؤلاء من الاستثمار في أدوات إنتاجهم.
ويقول المحللون إن أبرز أسباب انخفاض الأسعار هو زيادة الإنتاج في دول مثل البرازيل التي هي المنتج العالمي الأول لحبوب القهوة، وفيتنام، وهندوراس، وكولومبيا أيضاً تشهد ارتفاعاً في المحاصيل.
في جانب الطلب، لا يتراجع الاستهلاك حول العالم، بل هو يتقدم ويتوسع ليشمل بلداً مثل الصين التي يعرف أن أهلها أكبر مستهلكي الشاي عالمياً.
وتؤكد المنظمة العالمية للقهوة، أن المشكلة لا تنحصر في طرف واحد؛ لأن زيادة الإنتاج أتت من جهات عدة، وليس من البرازيل وفيتنام، وهندوراس، وكولومبيا فقط.
وتشير إحصاءات المنظمة إلى أن 125 مليون شخص حول العالم تتعلق معيشتهم بهذا القطاع، لكن 80 في المائة من الإنتاج يأتي من 25 مليون حيازة زراعية وإنتاجية. وتمثل البرازيل وكولومبيا وحدهما 50 في المائة من صادرات القهوة حول العالم، أما كبار المستهلكين فهم في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
وفي دراسة أخرى للمنظمة حول أثر انخفاض الأسعار على البلدان المصدرة، يظهر أن معظم المنتجين في هذه الدول هم حاليا في حالة عدم توازن؛ لا بل يعانون الفقر في جزء كبير منهم بسبب تضاؤل مداخيلهم. وحذرت الدراسة من هجرة مزارعين ومنتجين في هذا القطاع، وبالتالي سيتراجع الإنتاج في المديين المتوسط والطويل؛ ما يعني أن الأسعار ستعود إلى الصعود بقوة. وهناك معلومة أخرى في التقرير مفادها أن جزءاً من الهجرة الكثيفة التي تشهدها بعض دول أميركا الجنوبية باتجاه الولايات المتحدة متعلقة بأزمة هذا القطاع الذي يشهد تحولات عميقة.
قد يهمك أيضا :
"بلومبرغ" الأميركية تتهم شركة "جنرال إلكتريك" بارتكاب مخالفات مالية