البنك المركزي التركي

أكّدت الحكومة التركية أن أثر تشديد السياسة النقدية الذي يطبقه البنك المركزي سيتحقق قريبًا، وسينعكس ذلك على معدل التضخم الذي حقق ارتفاعا غير مسبوق منذ 8 سنوات، وكشف نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشيك، أن بقاء معدل التضخم "في خانة العشرات غير مقبول، لكن الأثر المتأخر للتشديد النقدي سيتحقق قريبا لينزل بمعدل التضخم".

وأشار شيمشيك في كلمة خلال أعمال منتدى حول مستقبل تركيا منعقد حاليا في إسطنبول، إلى أن الحكومة ستتخذ إجراءات جادة بشأن أسعار الغذاء من أجل خفض التضخم بعدما ارتفع إلى أعلى مستوى في 8 أعوام ونصف العام ليصل إلى نحو 12 في المائة في أبريل/نيسان الماضي، موضحًا أنّ هناك حاجة لتقييد الزيادة في الإنفاق العام، ولافتا إلى أن الاقتصاد التركي تجاوز كثيرا من الصدمات الخطيرة، وهو الآن يسير على الطريق الصحيح، واعتبر أن أسوأ مرحلة بالنسبة لتركيا انتهت، موشحا تفاؤله بشأن النمو المستقبلي للاقتصاد العالمي، ومبيّنًا أنّه "لقد صعدت تركيا حقا من مجموعة الشريحة الدنيا من الدخل المتوسط إلى الشريحة العليا من الدخل المتوسط، بفضل الإصلاحات الهيكلية التي بدأت منذ عام 2000، حيث حققت تركيا قفزة نوعية والحكومة ستواصل إجراء الإصلاحات اللازمة".

وذكر شيمشيك أن الاقتصاد التركي واجه مجموعة من الأزمات، لكنه أثبت مرونته، وقدرته على مواجهة الصدمات خلال السنوات الماضية، كالأزمة العالمية، وأزمة الديون الأوروبية، والإضرابات المستمرة في الشرق الأوسط، فضلاً عن الصدمات داخل تركيا، بما في ذلك محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز الماضي، مشيرًا إلى أنّ نسبة النمو كانت بحدود 5.7 في المائة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2002 و2016، وذلك عندما تولى حزب العدالة والتنمية قيادة تركيا في عام 2002، بينما كانت معدلات النمو السابقة بحدود 4.5 في المائة.

ولفت شيمشيك إلى أن صورة تركيا في الخارج مشوهة وأن التوترات الجيوسياسية لعبت دورا مهما في هذا الشأن، وأنه بأخذ الأزمة العالمية بعين الاعتبار، فإن نسبة النمو 5.7 في المائة يمكن اعتبارها أداء جيدا، مشيراً إلى أن معدل النمو النسبي للاقتصاد التركي أعلى بكثير من الاتحاد الأوروبي، وغيره من الكيانات المماثلة، ووصل معدل النمو في تركيا العام الماضي إلى 2.9 في المائة، خلافا لتوقعات سابقة للحكومة بلغت 4.5 في المائة، وفي الوقت نفسه، رفع معهد التمويل الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في تركيا خلال العام الحالي إلى 4.2 في المائة. وذكر التقرير الذي نشر في تركيا أمس، أن تأثير الجهود الحكومية لتحفيز الاقتراض أسهم في دفع عجلة الاقتصاد التركي، ورفع توقعاته للناتج المحلي الإجمالي إلى 4.2 في المائة لعام 2017، وكانت في السابق تتراوح بين 3 و3.5 في المائة لعام 2018.

وأشار التقرير إلى أن الحكومة ضخت في شهر نوفمبر /تشرين الثاني 7 مليارات دولار إلى الضمان الائتماني، وكان الهدف هو تعزيز الإقراض المصرفي بقيمة 70 مليار دولار في عام 2017، أي نحو 13 في المائة من دفتر القروض الحالي للبنوك التركية، كما خفضت الحكومة بعض الضرائب وأجلت اشتراكات الضمان الاجتماعي لتخفيف تدفقات الأموال، منوّهًا إلى الاستقرار السياسي في تركيا بعد تصويت الناخبين على تأييد التعديلات الدستورية الذي أزال سحابة عدم اليقين السياسي في البلاد، ورأى أن البيئة الاقتصادية في تركيا إيجابية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي انخفض إلى 2.9 في المائة في عام 2016، من 6.1 في المائة في عام 2015، مع انخفاض حالة عدم اليقين السياسي بعد الاستفتاء والتيسير المالي الجاري وصندوق ضمان الائتمان، لكن ارتفاع أسعار الفائدة سيؤثر على الاستثمار والاستهلاك في وقت لاحق من العام الحالي.

وأضاف التقرير أن البنوك قدمت حتى الآن نحو 140 مليار ليرة تركية (نحو 45 مليار دولار) في شكل قروض بموجب ضمان الخزانة التركية، ونتيجة لذلك، يبدو أن معظم الإقبال الأخير على الإقراض المصرفي لقطاع الشركات كان مدفوعا بالبرنامج الحكومي لصندوق ضمان الائتمان المعزز الذي يسمح للبنوك بتقديم القروض بسهولة أكبر، كجزء من مخاطر الائتمان التي يغطيها ضمان الخزانة، وللتغلب على العوائق الهيكلية التي تعترض النمو ومعالجة مشكلة العجز الخارجي المستمر، دعا التقرير إلى إجراء إصلاحات أو تقديم مزيد من الحوافز للابتكارات الموجهة نحو زيادة القيمة المضافة للصادرات، ومن شأن توجيه حصة أكبر من السكان في سن العمل والاستثمار إلى الابتكار التكنولوجي والبحث والتطوير أن يساعد تركيا على إنتاج سلع تجارية ذات قيمة مضافة أعلى، وتحسين الإنتاجية والقدرة التنافسية، وأن يحسن الصادرات وإمكانات النمو بشكل كبير.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن الحكومة تسعى لرفع الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2023 إلى 2 تريليون دولار، ومتوسط الدخل الفردي إلى 25 ألف دولار، مضيفًا أنّ محاولة الانقلاب التي تعرضت لها تركيا جعلت اقتصاد بلاده يواجه أصعب اختبار في تاريخه، وأن اقتصاد تركيا الذي يستند لدعائم قوية أثبت متانته مرة أخرى، لافتا إلى أن محاولة الانقلاب فشلت في عرقلة المشروعات الكبيرة في بلاده ، ومنوّهًا إلى أنّه "ارتفع دخلنا القومي من 230 مليار دولار في 2002، إلى 850 مليار دولار في 2016. كما ارتفع مستوى دخل الفرد من 3 آلاف و500 دولار إلى 10 آلاف دولار، ورفعنا حجم تجارتنا خلال الـ15 عاما الأخيرة 5 أضعاف، نهدف خلال فترة اقترابنا من الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية، إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2023، إلى 2 تريليون دولار، ومستوى الدخل الفردي إلى أكثر من 25 ألف دولار، والدخول بين أكبر 10 اقتصادات في العالم".

وأعلن أوزتورك أوران رئيس بنك "وقف كاتيليم" الإسلامي التركي أن تركيا تدرس مشروع قانون لنقل حصة نسبتها 58.5 في المائة في البنك إلى المصرف غير المدرج في سوق الأسهم، في خطوة قد تتزامن مع توجه أنقرة نحو تعزيز التمويل الإسلامي.