موسكو _ ريتا مهنا
عبر رئيس الوزراء الروسي، ديمتري ميدفيديف، مؤخرًا عن قلقه على مصير الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، نظرًا لزج بعض الدول الأعضاء خلافاتها في العلاقات الثنائية مع روسيا في وجه الخطوات التكاملية العامة، في إطار اتفاقية الاتحاد الاقتصادي، ملوحًا برفع أسعار الغاز الروسي لأي دولة تقرر الخروج من صفوف الاتحاد.
وجاء حديث ميدفيديف في ذلك الشأن خلال كلمته، أمام اجتماع المجلس الحكومي للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، الذي انطلقت أعماله الثلاثاء الماضي، في العاصمة القرغيزية بشكيك، بمشاركة رؤساء حكومات الدول الأعضاء، أي رئيس الوزراء البيلاروسي أندريه كوبياكوف، والأرميني كارن كارابيتيان، والكازاخي باختي جان ساغينتايف، والقرغيزي سورنباي جينبيكوف.
وتناول الاجتماع مختلف جوانب العمليات التكاملية، إلا أن رئيس الوزراء ركز بصورة خاصة على منغصات قد تعرقل المضي في عمليات التكامل الاقتصادي بين دول الاتحاد.
وخلال كلمته في بشكيك، أشار ميدفيديف بصورة خاصة، إلى "تكرار الحالات عندما يجري نقل الخلافات في العلاقات الثنائية، إلى ساحة الاتحاد الاقتصادي متعددة الأطراف"، لافتًا إلى أن "المشاكل في العلاقات الثنائية، كانت وستبقى، نظرًا للتعاون الواسع بين دولنا، لكن لا يجوز تحويلها إلى تراجيديا"، موضحًا أن "تنفيذ الاتفاقيات التي توصلنا إليها، والعمليات التكاملية داخل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تصبح رهينة فهم خاص لمعنى المصالح القومية، ما يؤدي إلى نشوء وضع لا يمكن السماح به في المطلق".
ووصف ميدفيديف الوضع، بأنه "أقرب إلى الابتزاز"، ومع أن رئيس الوزراء الروسي لم يفصح صراحة في كلمته عن الأسباب التي تدفعه إلى التركيز على ذلك الجانب، إلا أنه من الواضح أن المقصود على وجه الخصوص جمهورية بيلاروس، التي تشهد علاقاتها مع روسيا توترًا منذ عدة أشهر، بسبب خلافات بين البلدين بشأن أسعار الغاز وصادرات النفط من روسيا إلى بيلاروس.
وعلى السياق نفسه، أظهر ميدفيديف حرصًا بأن يعيد لأذهان الحضور التسهيلات التي حصلت عليها بلدانهم من روسيا في مجال الطاقة، بفضل عضويتهم معها في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وقال مخاطبًا نظراءه من دول الاتحاد: "تعالوا لنتحدث بصراحة، لو لم تنضم بعض الدول من الحاضرين هنا، في الوقت المناسب إلى الاتحاد الاقتصادي، لكانت ستشتري الغاز الروسي الآن بأسعار السوق الأوروبية، أي 200 دولار لكل ألف متر مكعب".
وحذر ميدفيديف، من أن الأمر سينطبق كذلك على الدول التي تقرر الانسحاب من الاتحاد، داعيًا زملاءه إلى أن يتذكروا ذلك خلال اتخاذهم القرارات، غير أن الامتيازات التي قدمتها روسيا للدول الأعضاء في الاتحاد لم تقتصر على التسهيلات في مجال النفط والغاز، وفق ما يرى رئيس الحكومة الروسية، الذي أردف لافتًا إلى أن "الدول الأعضاء تمكنت خلال الأعوام الماضية من زيادة حجم صادراتها إلى السوق الروسية، كما أن سوق العمالة الروسية أصبحت مفتوحة أمام المواطنين من دول الاتحاد".
وتجدر الإشارة إلى أن علاقات روسيا على المستوى الثنائي مع جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، علاقات مثالية، لا تشوبها أي خلافات تؤثر على العمليات التكاملية داخله، باستثناء العلاقات الروسية - البيلاروسية، التي تشهد خلافات أخذت تتصاعد حدتها في الآونة الأخيرة، وبدأت بعد فشل الجانبين في التوصل إلى اتفاق بشأن أسعار الغاز والنفط الروسيين إلى بيلاروس.
وتوسع الأمر بين الدوتين، ليشمل أسعار وكميات النفط، وزادت الأمور تعقيدًا عندما فرضت روسيا حظرًا على بعض المنتجات الغذائية البيلاروسية، واتهمت مينسك بتصدير منتجات أوروبية محظورة إلى السوق الروسية، تستوردها من أوروبا، وتضع عليها علامات تجارية بيلاروسية وترسلها إلى الجانب الروسي، ما يشكل وفق رؤية موسكو التفافًا على العقوبات الروسية، التي تحظر استيراد تلك المنتجات من أوروبا.
وفي تعليقه على بعض جوانب الخلاف مع شريكته روسيا، قال الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو، خلال مؤتمر صحافي مطلع العام الجاري، إن "الاستقلال لا يقدر بالأرقام"، مطالبًا حكومته البحث عن مصادر بديلة للنفط، أما بالنسبة للغاز فقد أشار إلى اتفاق بين حكومتي البلدين على سعر 107 دولارات لكل ألف متر مكعب من الغاز، إلا أن روسيا انطلقت من سعر 132 دولارًا لكل ألف متر مكعب.
ووصف الرئيس لوكاشينكو، الأحاديث بشأن انسحاب بلاده من منظمات تكاملية إقليمية، مثل الاتحاد الاقتصادي الأوراسي والاتحاد الجمركي، بأنها "محض أوهام غير صحيحة"،مشيرًا إلى أن بلاده انضمت إلى الاتحاد الجمركي لأنها كانت تأمل بشروط متساوية للجميع في الاتحاد، متسائلًا: "إذا لم تكن الشروط متساوية فلماذا نذهب إلى العضوية في الاتحاد"، فيما رأى كثيرون حينها في عبارته الأخيرة تلميحات إلى إمكانية خروج بيلاروس من تلك المنظمات.