رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي

وصلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى بروكسل، الخميس، وأشارت إلى أن الخروج البريطاني السلس والمنتظم من الاتحاد الأوربي  يصب في مصلحة الجميع، وجاء ذلك وسط مزاعم بأن المحادثات قد تستغرق عشر سنوات، وقد اتجهت ماي إلى المشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي بعد التصريحات التي أدلى بها السفير البريطاني إلى الكتلة التجارية من أن الحكومة تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق الخروج البريطاني والذي قد يستغرق 10 سنوات.

وأفادت قناة البي بي سي البريطانية، أن إيفان روغرز أبلغ الحكومة البريطانية في أكتوبر\تشرين الأول الماضي، بوجهات نظر المسؤولين في بروكسل وقادة الاتحاد الأوربي  الآخرين، وجاءت تلك المزاعم بعد يوم واحد من تصريح ديفيد ديفيس، الوزير البريطاني المكلف بملف "البريكست" بأن من الممكن الوصول إلى اتفاق الخروج خلال 18 شهرًا من المفاوضات.
ولم تعالج ماي بشكل مباشر المحادثات التي أجرتها الحكومة البريطانية لمدة 10 سنوات، عندما وصلت إلى قمة بروكسل، وجدير بالذكر أن قادة الاتحاد الأوربي ، ومن بينهم بريطانيا، سيتباحثون خلال جلسة عمل على هامش القمة، الخميس، أزمة الهجرة، إلا أن بريطانيا سيتم استبعادها من مناقشة ستدور بين قادة الاتحاد الأوربي بشأن البريكست خلال عشاء عمل، الخميس.
 

وصرحت ماي عندما وصلت قائلًة بأنها ترحب بالاجتماع الذي سيجريه القادة الأخرين لمناقشة الخروج، وأضافت: " إننا نستند إلى المادة رقم 50 (من اتفاقية لشبونة) ونستعد إلى الخروج بحلول نهاية مارس \آذار العام المقبل، كما أن القادة الآخرين أيضًا يستعدون إلى تلك المفاوضات مثلنا تمامًا، سنترك الاتحاد الأوربي، ونرغب بأن يكون هذا الخروج سلس ومنظم بقدر الإمكان، فهذا لا يصب فقط في مصالحنا بل وفي مصالح أوربا أيضًا".

ووفقًا لما أذاعته البي بي سي، أن إيفان حذر الوزراء في أكتوبر\تشرين الأول الماضي، بأن الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوربي يعتقدون أن الاتفاق التجاري من الممكن أن يتم بحلول منتصف سنة 2020 وأضاف، أنه في حالة اكتمال عملية الخروج فإن أمام بريطانيا جولة أخرى من الموافقات والتصديقات التي يجب أن تحصل عليه من الدول الاعضاء في الاتحاد الأوربي. 

وأشار إلى أن القادة الأوربيين يعتقدون أنه من المحتمل عقد اتفاق تجارة حرة بدلًا من الاستمرار في عضوية السوق المشترك, فيما أوضح المتحدث باسم الحكومة البريطانية أن الحكومة لم تتقبل تلك التصريحات التي نسبت إلى إيفان، وأنها تظل متفائلة بإمكانية التوسط لعقد اتفاق الخروج بشكل سلس, مضيفًا: "نحن لا نعترف بذلك، والحكومة على ثقة تامة بأن التفاوض على الخروج من الاتحاد الأوروبي يدعم مصلحة كل من المملكة المتحدة وأوروبا".

وخلال مؤتمر صحافي في وستمنستر، صرح المتحدث الرسمي باسم ماي، أن هذه التصريحات لا تعد "رأي شخصيًا" لإيفان ولكن ما هي إلا انطباعًا بعد لقاء المسؤولين في أوروبا، وأوضح أن الحكومة لا تزال تعتقد أنه كان بإمكانها إبرام اتفاق حول مغادرة الاتحاد الأوروبي يسمح بوجود سوقًا واحدًا، وذلك ضمن إطار المفاوضات التي استمرت حول المادة 50 (من اتفاقية لشبونة).

وذكر مصدر رفيع المستوى: "من الخطأ القول بأن تلك التصريحات كانت نصيحة لنا، من سفيرنا إلى الاتحاد الأوروبي، حيث أنه مثل كل السفراء، جزء من دوره أن يقدم وجهات نظر الآخرين".

ورفض دومينيك راب تحذيرات إيفان، الخميس، مصرًا على أنه كان "أسوأ وقت" للاتحاد الأوروبي لإقامة الحواجز التجارية التي من شأنها أن تضر بمصالحها الخاصة، وأوضح "إيفان هو الدبلوماسي الذي واجه طموحات ديفيد كاميرون في إعادة التفاوض، والذي كان أيضًا أحد أسباب خسارة كاميرون للاستفتاء، وقال أنه جانب الصواب بسبب النصيحة المتشائمة التي قدمها في الماضي لكن، أعتقد أنه من المعقول أن نحدد أسوأ سيناريو لخمس إلى 10 سنوات لتسوية تفاصيل اتفاقية التبادل التجاري كافة".


وأضاف دومينيك راب: "أحترم مهنية وزارة الخارجية البريطانية، لكنها كانت دائمًا مؤيدة للاتحاد الأوروبي، ومعارضة لمغادرة الاتحاد الأوروبي" وتابع: "دعونا لا ننجرف إلى التشاؤم القاتمة لإيفان، دعونا ندعم الحكومة، ونهيئ ونعد لعلاقة قوية بعد الخروج مع الاتحاد الأوروبي، سواء كانت على صعيد التجارة، والأمن، أو غير ذلك من المجالات".

ويتناقش ليلة الخميس قادة الاتحاد الأوروبي الـ27 مسألة الخروج البريطاني خلال حفلة عشاء، والذي لم يتم دعوة بريطانيا لحضوره، وحول ذلك الاجتماع، رحبت مصادر بريطانية بالمحادثات التي أجريت بين الزعماء الآخرين، قائلة: "تلك المحادثات تبرز أن الاتحاد الأوروبي أقر بأن المملكة المتحدة ستنسحب من الكتلة كما وعدت ماي".

وستتناول تلك المناقشة سبل تنظيم الاتحاد الأوروبي للمحادثات التي ستتبع استناد واستشهاد ماي بالمادة 50، وستقرر الآلية القانونية الرسمية التي سيبدأ العمل بها رسميًا خلال العد التنازلي لعامين على إتمام عملية الخروج، وأوضح مصدر تابع للحكومة البريطانية: "أظهر ذلك الاجتماع أنهم يواجهون حقيقة أن المملكة المتحدة مغادرة الاتحاد الأوروبي، بريطانيا على وشك أن تناقش المادة 50 بحلول نهاية مارس\آذار مما يعني أنهم في حاجة إلى معرفة كيفية التعامل مع المفاوضات، حيث أنها مضطرون إلى العمل خارج إطار موقف الـ27".

ومن المتوقع أن يوافق القادة الـ27 على الخطة خلال عشاء العمل في العاصمة البلجيكية. حيث صرح رئيس الوزراء البلجيكي السابق: "إذا لم يتعامل قادة الحكومة بشكل جاد مع دور البرلمان الأوروبي، فإننا سنتفاوض بشكل مباشرة مع البريطانيين.

ويناقش القادة خلال اجتماع الليلة إمكانية إضعاف قدرة ماي ووزرائها في استخدام نفوذهم بشكل مباشرة مع نظرائهم في الحكومات الأخرى، للتوصل إلى اتفاق الخروج، عن طريق إسناد رئاسة لجنة المفاوضات الخاصة بالاتحاد الأوربي  لجان كلود يونكر، ومن المعروف أن ماي ستجري محادثات مع الرئيس المنتهية ولايته في البرلمان الأوروبي مارتن شولتز على هامش قمة بروكسل، كما ستلتقي برئيس الوزراء اللاتفي ماريس كوسينسكيس ورئيس ليتوانيا داليا غريباوسكايتي، مما يعني أنها ستجرى محادثات مع قادة من جميع دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب النمسا وبلغاريا.

وأشار الوزير المكلف بملف البريكست، الأربعاء، في واحدة من أوضح تصريحاته حتى الآن بخصوص سير المحادثات، أن من الضروري احترام طلب الاستفتاء على الحد من الهجرة، وقال ديفيس إنه يعتقد أن اتفاقية الخروج في المملكة المتحدة يجب أن تكون "قابلة للتفاوض" ضمن جدول زمني مدته 18 شهرًا، تلك المدة التي حددها ميشال بارنييه، رئيس المفوضين بشأن اتفاق الخروج في الاتحاد الأوروبي.

وصرح ديفيس في أول جلسة مع لجنة البريكست، أن مهمته لم تكن تحديد سياسة الهجرة من أجل استعادة السيطرة الكاملة فقط، وردًا على سؤال طرحه أحدهما حول إمكانية خضوع مراقبة الحدود للتفاوض، قال ديفيس: "لا"، وأضاف ديفيس خلال لقائه مع النواب بقيادة نائب حزب العمال لي هيلاري بن أن الحكومة لن تفصح عن خطتها للخروج قبل فبراير\شباط، كما أنه لم يجتمع مع أي وزراء في ألمانيا، وردًا على سؤاله عن سياسة الهجرة، قال ديفيس إلى اللجنة: "المثال الذي سأبرزه لكم هو المثال السويسري، حيث أنهم ظنوا أن أحكام السيطرة على الهجرة عن طريق نظام الطوارئ. إلا أنهم عندما حاولوا ممارسة ذلك بشكل عملي لم يتمكنوا، حيث أنها ترتبط بالعديد من المعاهدات الأخرى".

وأردف قائلًا: "ما يجب علينا أخذه في الاعتبار هو احترام نتائج الاستفتاء، التي يجب السيطرة عليها بشكل واضح من البرلمان". وأضاف: "مهمتي هي العودة بالقرار إلى هناك وليست ممارسة هذا القرار".