لندن - سليم كرم
ارتفع مؤشر فاينانشال تايمز 100 "فوتسي 100"، من14 في المائة تقريبًا على مدى الأشهر الـ12 الماضية، واقترب من إغلاق جديد قياسي بمقدار 7.106.08، الأربعاء، خلال أول جلسة تداول منذ عطلة عيد الميلاد.
وأشار كريس بوشامب، المحلل الاقتصادي في مجموعة أي جي، قائلًا "على الرغم من العديد من النكسات في جميع مناطق العالم، إلا أن الأسواق دائمًا لديها قناعة بأن الأمور ستؤول إلى تحسن، وفي العام الذي شهد مفاجأت واحدة تلو الأخرى، وابتليت الأسواق في جميع أنحاء طوال 2016".
ويبدو أن المؤشر البريطاني مصممًا على إنهاء العام بتسجيل صعود قياسي، وعلى الرغم من أن مؤشر فاينانشال تايمز 100، عانى أسوأ بداية في العام الجديد على الإطلاق في عام 2016 وسط مخاوف، بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي بقيادة الصين، وانهيار في أسعار النفط، الذي هزّ ثقة المستثمرين. وخلال شهر كانون الثاني/يناير الذي شهد تقلبات عنيفة، أنهار المؤشر، مع 39 سوقًا للأسهم الأخرى، عندما سجل مؤشر إغلاق منخفض بنسبة 20 في المائة من أعلى مستوى له سابقة. وعلى الرغم من أن المؤشر استعاد بعض الاتزان خلال 1 شباط/فبراير لم يدم هذا الاتزان طويلًا ذلك. فهبط مؤشر فاينانشال تايمز 100، إلى أدنى مستوياته منذ أربعة أعوام، بنسبة 5.499.51 في 11 فبراير/شباط، بعد خطوة مفاجئة من قبل البنك المركزي السويدي، لخفض سعر الفائدة بشكل أكبر تحت الصفر، مع استمرار تدفق بيانات الشركات المخيبة للآمال.
من منتصف شهر شباط/فبراير، بدا ظهور المؤشرات الزرقاء، لشركات التعدين، في الظهور كما تراجعت هزيمة السلع. وأشار مايك فان دولكن إلي أن الأسواق استعادت اتزانها في شباط/فبراير، خلال هيمنة السياسة الشعبوية، وظهور نتائج الانتخابات المفاجأة، وفشلت في عرقلة انتعاش سوق الأسهم. وأضاف أن تلك النتائج لم تؤثر في أي شيء، سوى أنها أعطت دفعة ثانية". وتحول التركيز بسرعة إلى حملة استفتاء الاتحاد الأوروبي التي انطلقت في 15 إبريل/نيسان، عندما استقر مؤشر الرئيسي في لندن عند 6300 نقطة. وانحسرت مخاوف الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وصعد مؤشر فاينانشال تايمز 100 بشكل يثير الإعجاب ليغلق عند 6.338.10 يوم الاقتراع.
وكشفت النتائج أن بريطانيا صوتت لمغادرة الاتحاد الأوروبي. واستقال ديفيد كاميرون وعاني التجار في فهم الآثار المترتبة على عالم جديد خارج الاتحاد الأوروبي. واحتمال وجود عدم الاستقرار السياسي، تراجع مؤشر فاينانشال تايمز 100 بنسبة 8.7 في المائة في أعقاب نتيجة الاستفتاء. ولكن رد الفعل العنيف للخروج البريطاني من الاتحاد لم يدم طويلا. ثبت مؤشر فوتسي مرونة مرة أخرى، وارتفاع فوق مستوى 6500 بحلول تموز/يوليو. عزز ركود ما بعد الاستفتاء للإسترليني، الاستفادة الكبيرة للشركات متعددة الجنسيات المدرجة على مؤشر فاينانشال تايمز 100، من الأرباح في العملات التي هي أقوى من الجنيه الإسترليني.
وبعد مجرد 10 أيام، ظهرت تيريزا ماي خلفًا لديفيد كاميرون، مما أثار موجة صعود الإغاثة في جميع أنحاء العالم. وشهد مؤشر الأسهم الممتازة ارتفعا بنسبة تتجاوز 20 في المائة. وزاد من إنعاشها كشف بنك إنكلترا عن حزمتها من الحوافز منذ عام 2009، والتي تضمنت خفض أسعار الفائدة والتوسع في بورصة كيو اي. ويتم التداول في المؤشر اليوم بنسبة 21.1 في المائة وهي نسبة أعلى من مستويات ما قبل الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، على النقيض من ذلك، فإن مؤشر فوتسي المحلي في بريطانيا، والتي تشمل الشركات التي تبلغ إيراداتها 70 في المائة محليًا، لا يزال دون مستوياته قبل التصويت على الخروج بنحو 3.7.
بعيدًا عن البريكسيت، أثار عدم اليقين الجيوسياسي نوبة من التقلبات في الأسواق المالية، في أعقاب الهجمات الإرهابية في بروكسل، في نيس في يوم الباستيل، والاعتداءات في مصر وتركيا. في أعقاب ذلك، وقعت أسهم السفر تحت ضغط. انخفضت مؤشرات بعض الشركات الجوية في بريطانيا مثل ايزي جيت، وشركة الخطوط الجوية البريطانية، بنسبة 41.7 و26.7 في المائة على التوالي. وفي الوقت الذي تعثرت فيه بعض الأسهم، ازدهرت الآخرين. بعد البداية المتقدمة لهذا العام، وارتفعت التعدين العملاقة، مدعومة بارتفاع أسعار السلع وانخفاض سعر الجنيه الإسترليني. وجمعت انغلو أميركان مكاسب بنسبة 285 في المائة هذا العام، وارتفعت جلينكور بنسبة 202 في المائة، وارتفعت بي.اتش.بي بيليتون بنسبة 71 في المائة وريو تينتو بنسبة 58 في المائة.
وأشار "ليث خلف"، كبير المحللين في هارجريفز لانسداون، إلي "على الرغم من أن سعر سهم انغلو أميركان تضاعف أربع مرات هذا العام، وهذا لا يزال إصلاح الأضرار التي لحقت على مدار عام 2015، والشركة لا تزال يتداول على ما يقرب من ثلث من القيمة، التي تم التوصل إليها في ذروتها عام 2008، مما يدل بوضوح لماذا يسقط قطاع بقوة في معسكر الأسهم الدورية". وتضرّر قطاع التشييد بشدة من جراء استفتاء الاتحاد الأوروبي. وعاد الاضطراب السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد فوز دونالد ترامب في سباق الرئاسة الأميركية. أعطى فوزه دفعة جديدة لمؤشر فاينانشال تايمز 100. وبدافع من التزام الرئيس المنتخب لزيادة الإنفاق على البنية التحتية، وخفض الضرائب على الشركات، باستعادة التدقيق التنظيمي في القطاع المصرفي، وتعزيز الإنفاق على الدفاع، ساهم كما ذلك برفع المؤشر العام. وفشلت هزيمة ماتيو رينزي الساحق في استفتاء إيطاليا على الإصلاحات الدستورية، في كانون الأول/ديسمبر أيضا عرقلة تقدم مؤشر فاينانشال تايمز.