دبي ـ فلسطين اليوم
سجّلت أسواق الذهب في إمارة دبي نموًا خلال النصف الأول من العام الجاري، تتراوح نسبته بين 21 و27 %، بما يعكس حالة الانتعاش والازدهار المستدامين التي تسودها. وأوضح تجار كبار للمجوهرات أنّه على الرغم من تباطؤ حركة البيع والشراء خلال الأسبوعين الأوليين من شهر رمضان الكريم، استعادت هذه الحركة مجددًا حيوتها وديناميتها المعتادة، مع حلول مناسبة عيد الفطر المبارك، مدعومة بفعاليات "مفاجآت صيف دبي"، التي لم تسهم في تنشيط الطلب على المجوهرات الذهبية فحسب، بل أسهمت كذلك في صعود الطلب على السبائك الذهبية، مما أكسب دورة المهرجان وضعية متميزة.
ولم يعد المهرجان مجرد ساحة فقط تجتذب المشترين من مختلف دول العالم، بل أضحى كذلك منفذًا لتنشيط المبيعات من وطأة الركود الذي يخيم على أسواق الذهب في العالم بأسره، وهو ما جعل المهرجان أشبه بطوق النجاة بالنسبة لتجار المجوهرات الذهبية الذين يلوذون به للاحتماء من تقلبات أسعار المعدن الأصفر.
واعتبر التجار أنّ "حالة الازدهار التي تعيشها أسواق الذهب في دبي، تمثل واحدة من الاستثناءات القليلة للازدهار عبر العالم، حيث يضرب الركود بقوة غالبية الأسواق الرئيسية في العالم، الأمر الذي انعكس على الطلب الاستثماري الذي تقلص وتراجع، بسبب تحرك الأسعار ضمن هامش سعري محدود، وهو أثقل على جاذبية عوائده الاستثمارية، مقابل الأوعية الاستثمارية الأخرى كالعقارات والأسهم".
وشرح التجار أوجه تجليات وتعبيرات تفرد وتميز أسواق الذهب في دبي بإشارتهم إلى أن "تجارة الذهب بشقيها التجزئة والجملة تنعم بالازدهار والنمو، رغم الهبوط الحاد في الأسعار خلال العام 2013"، وأرجعوا أسباب الوضعية الاستثنائية لأسواق دبي إلى "ما تتمتع به من مقومات قوية تجعلها قادرة على تحقيق النمو المستدام بفضل ما تقدمه من خيارات ومنتجات متنوعة تحصنها من تقلبات الأسواق من جانب، وتضعها في موقع المستفيد من أية تغييرات في اتجاهات الأسعار من جانب آخر، فهي تستفيد من صعود الأسعار الذي يغذي الطلب الاستثماري على الذهب، وتستفيد كذلك من انخفاض الأسعار الذي يدعم ويقوي الطلب على المجوهرات الذهبية".
وأوضح الرئيس التنفيذي لمجوهرات "الكالوتي" العالمية طارق المدقة أوجه الاختلافات بين ازدهار أسواق الذهب والمجوهرات في إمارة دبي من جانب، والركود الذي يهيمن على غالبية أسواق العالم، من جانب آخر، بأنَّ "تراجع الطلب بصورة عامة عالميًا في مختلف الأسواق بما في ذلك الهند وسنغافورة والصين وهونغ كونغ نتيجة لتراجع الطلب الاستثماري، ولكن مشهد أسواق الذهب في دبي، مختلف كليًا عن بقية الأسواق في العالم، بالنظر إلى تميز الأعمال فيها بالحيوية والدينامية، وارتباط الأعياد والعطلات بمواسم شراء الذهب".
وأضاف "ينطوي زيادة الطلب في المواسم، على أهمية كبيرة بالنسبة لتجار الذهب، حيث يرتبط بهذه المواسم زيادة كبيرة في أعداد الزائرين والسائحين، ربما تصل إلى ما يزيد على 30 %، ويعتبر سوق الذهب واحدًا من أهم المزارات السياحية في إمارة دبي وبصراحة من النادر أن يتجول أحد من هؤلاء السياح في سوق دبي بدون قيامه بشراء الذهب وهو ما يؤدي الى نمو تجارة الذهب، كما الازدهار الاقتصادي، وما واكبه من ارتفاع في مستويات الدخول، قد شكل رافدًا إضافيًا في تغذية زيادة الطلب على الذهب لأغراض المجوهرات، وقد ساهمت هذه العوامل مجتمعة في إكساب تجارة المجوهرات في دبي، المزيد من الحيوية والدينامية، والتي قويت وتيراتها، بفعل حالة التراجع في أسعار الذهب".
وتابع طارق المدقة إن "الطلب على الذهب، كان بحالة جيدة للغاية خلال العام 2013، ولكنه شهد، مع مطلع العام 2014، حالة استقرار غير طبيعية، مع تحرك الأسعار في نطاق هامش سعري محدود للغاية، بما يؤثر على حجم التجارة المُتداولة، بالنظر إلى تأثرها بحركة تذبذب الأسعار".
وأردف "المُفترض أن تؤدي حالة التذبذب الشديدة إلى زيادة كل من حجم تجارة الذهب والكميات المعروضة، ولكن يؤدي التحرك المحدود للأسعار إلى انخفاض الطلب الاستثماري على الذهب، وهو ما يتجلى في انخفاض الطلب على الذهب لأغراض استثمارية في كل مكان من العالم، بما في ذلك الهند".
وأشار إلى أنّه "على الرغم من تراجع حجم الطلب الاستثماري على الذهب، إلا أنه مازال قائمًا ومتواصلًا، وإن كان بحجم أقل".
وفي السياق ذاته، تحدث الرئيس التنفيذي والمدير الإداري لشركة "بيور غولد" كريم ميرشانت، عن أبرز المحركات الرئيسية المُحفزة على نمو مبيعات الذهب في أسواق دبي خلال العام 2014، قائلًا "يكمن المحرك الرئيسي في حرص الحكومة على فحص جودة الذهب للتأكد من مطابقته للمقاييس والمواصفات العالمية، وذلك بغرض جذب المزيد من المتسوقين إلى دبي. ولقد تباطأت حركة تجارة الذهب خلال الأسبوعين الأوليين من شهر رمضان وهي حالة معتادة في مثل هذا الوقت من العام، ولكن بعد ذلك، عادت حركة المبيعات إلى الانتعاش مجددًا، ووصلت إلى مستويات رائعة خلال أيام عيد الفطر المبارك".
واستدرك في شرحه للمقومات الداعمة لمكانة دبي كمركز عالمي لتجارة المجوهرات، قائلًا "تشغل دبي موقعًا استراتيجيا محوريًا، بوصفها حلقة ربط بين الشرق والغرب، مما يجعلها مقصدًا جاذبًا لمتسوقي الذهب والألماس والمجوهرات من الهند والصين والدول الأوروبية، وغيرها من دول العالم، فضلًا عن تميز المجوهرات في دبي بالجودة العالية، نتيجة لوضع الهيئات الحكومية قواعد وقواعد تنظيمية، تنسجم مع أعلى المعايير العالمية، إلى جانب سهولة ممارسة الأعمال لوضوح وشفافية اللوائح التنظيمية".
وتطرق كريم ميرشانت في حديثه إلى مكاسب أسواق الذهب من انعقاد فعاليات مهرجان مفاجآت صيف دبي، موضحًا أنّه "يُعتبر مهرجان مفاجآت صيف دبي، مبادرة رائعة بكل المقاييس، فهي تشكل درعًا واقية أمام التراجعات في حركة المبيعات خلال فصل الصيف، نتيجة لقضاء بعض المقيمين لعطلاتهم وإجازاتهم السنوية في خارج البلاد، ولكن هناك حاجة لإطلاق مبادرات تهدف إلى خلق المزيد من الوعي العام في أوساط المستهلكين بشأن كيفية اختيار قطع المجوهرات الأكثر مناسبة لهم، بما يحقق الأمان لاستثماراتهم، فهذا من شأنه أن يعزز الثقة لديهم، لدى قيامهم بشراء المجوهرات".
وشجّعت حالة الازدهار والانتعاش المستدامين لتجارة الذهب، الكثير من التجار على اتباع استراتيجيات توسعية طموحة وجريئة خلال العام 2014، بأن صاروا يستهدفون توسيع أعمالهم وعملياتهم في أسواق ومناطق عديدة من العالم، منها دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، في تحرك من جانبهم لتعظيم مكاسبهم من قوة أسواق الذهب في دبي.
وتخطط شركة "كالوتي" للمجوهرات خلال العام 2014 لتوسيع عملياتها وأنشطتها في دول أميركا اللاتينية، حيث من المقرر أن تقوم الشركة خلال العام المذكور بافتتاح مصفاتها الجديدة في سورينام، بطاقة تكريرية تصل إلى 60 طنًا ذهبًا سنويًا، كما أنها تتطلع إلى افتتاح مكتب تمثيلي في بوليفيا، إلى جانب إقامة شراكات استراتيجية مع شركات رئيسية في المنطقة، لاسيما في المملكة السعودية.
وتعمل شركة "كالوتي" على تعزيز قدراتها وإمكاناتها التسويقية في دول جنوب شرقي آسيا، منها، إندونيسيا وماليزيا، إلى جانب تقوية تواجدها في سنغافورة وهونغ كونغ.
وتعمل شركة "بيور غولد" على التوسع خلال العام 2014، ومضاعفة أعداد محلاتها التجارية، لتصل إلى ما يزيد على 250 محلًا مع حلول العام 2018. وتسير الشركة بالفعل بقوة نحو تحقيق أهدافها. وحققت مبيعات الشركة من الذهب معدلا للنمو من رقمين خلال العام 2013، وتتوقع تحقيق هذا المعدل بنهاية 2014.
ويجري العمل على قدم وساق، من أجل تحويل دبي إلى أكبر مركز عالمي لتصفية الذهب، وهو ما يعد بمثابة ترجمة عملية على الأرض لكل من رؤية حكومة إمارة دبي، ومركز دبي للسلع المتعددة، ومجموعة "الكالوتي" العالمية.