الشارقة ـ نور الحلو
أكد متخصصون بشؤون ودراسة المصنفات التراثية، أنَّ المؤلفين العرب والمسلمين أغنوا المكتبة العالمية بأنواع المصنفات المكتوبة في الكثير من المجالات غير المسبوقة، وبشكل فتح الباب واسعًا أمام دراسات أخرى أكملت ما بدؤوا فيه، وأثبتت ريادتهم في فتح عوالم بقيت مجهولة على القراء سواء كانت متعلقة بتنظيم علاقة الإنسان مع الخالق، أو بالتواصل بين البشر في المجالات الفنية والثقافية والفكرية والمجتمعية والفلسفية وغيرها.
وتعرَّف الحاضرون للفعاليات الثقافية التي ينظمها معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية للعام 2014، على الكثير من الأمثلة في هذا المجال ضمن محاضرة ألقاها كبير الباحثين الأول في دائرة الشؤون الإسلامية في دبي الدكتورعبد الحكيم الأنيس، بعنوان "طرائف التأليف في التراث العربي" في قاعة الفكر، أشار فيها إلى مصادر مؤلفات عدة لعصور متعددة من التأليف في شتى المجالات.
وبيَّن الأنيس دور المؤلفين العرب والمسلمين اللافت في تأليف كل المصنفات التي لا يمكن أن تخطر على البال، وذلك على الرغم من اختلاف أنواعهم وأجناسهم وأفكارهم وثقافاتهم، فكتبوا بكل ما يمكن أن يحتاج إليه الإنسان، وبلغ بهم الثراء والترف الأدبي -إذا صح التعبير- أنهم كتبوا في مجالات جعلت من هذه الأمة أغنى الأمم في العلوم والفنون والآداب، ولا تزال الكثير من تلك المؤلفات تلهم الباحثين والدارسين في معظم أنحاء العالم على دراستها والاستفادة منها لتأسيس مراحل علمية جديدة.
وأشار إلى بعض المؤلفات الطريفة مثل "مصالح الأبدان والأنفس" لأبي زيد البلخي الذي تحدث في ذلك الوقت المبكر عن الطب الوقائي، بلغة كأنها لغة اليوم، و"تشنيف السمع في انسكاب الدمع" للصفدي الذي سجل سبقا رائعًا إلى تأليف كتاب كامل عن الدمع وما يتعلق به، و"منية المحبين وبغية العاشقين" لمرعي الكرمي، الذي خصصه لأنبل المشاعر الإنسانية، وهو الحب، وغيرها من المجالات الأخرى.
وحول الطرافة في التأليف، أكد الأنيس، أنه لم يكن هناك مجال محدد للحديث عن الطرافة، وإنما وردت مؤلفات متميزة مُستطرفة في كل العلوم، ولا يزال الكثير من المصنفات يستقطب القراء لشراء الكتب المذكورة منذ عصور ماضية عدة إلى عصر معرض الشارقة الدولي للكتاب اليوم، كما تحدث عن أنوع الطرافة الثلاثة التي تضمنت: أشكال التأليف، وموضوع التأليف، ومنهجية التأليف، موضحًا حرص المؤلفين على عدم إغفالهم المسحة الأخلاقية الإنسانية الظاهرة في المصنفات المتعلقة بهذا الجانب.
وبيَّن الأنيس صعوبة حصر أعداد المؤلفين والمؤلفات من المؤلفين والمؤلَّفات مع أنه توجد لكل شخص منهم سيرة ومسيرة تحدد حياته، والظروف التي كتب فيها، ودواعي ذلك، كما كتبوا هم بأنفسهم عن دواعي تأليف مصنفاتهم، ومدى أهميتها، والجوانب التي راعوها، والشيء الأبرز أن الكثير منهم لم يترك التأليف حتى آخر لحظة في حياته، وأن البعض منهم كان يمكنه أن يكتب في اليوم الواحد أو ببعض اليوم مؤلفًا كاملًا.
ثم تناول ثلاثين كتابًا طريفاً لمؤلفين كبار من العلماء والأدباء والأطباء والأمراء، مثل: المدائني، وابن أبي الدنيا، ومحمد بن خلف بن المرزبان، وأبو زيد البلخي، وأبو هلال العسكري، والراغب الأصفهاني، والثعلبي، والماوردي، وأسامة بن منقذ ، وابن الجوزي ، والصفدي، والسيوطي، وابن طولون.