أحمد المسلماني في معرض الشارقة الدولي للكتاب

عقدت ندوة تحت عنوان "العالم ضد العالم"، يوم الخميس في قاعة الإحتفالات، للكاتب والإعلامي المصري الدكتور أحمد المسلماني ، وذلك خلال مشاركته في فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب والتي تقام فعالياته خلال الفترة من 4-14 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري في مركز إكسبو الشارقة.

وطرح المسلماني، خلال الندوة قضايا سياسية ساخنة تناول فيها موضوع الإسلام السياسي ورسمه لخريطة حركاته وتنظيماته في العالم، والتي باتت تهدد الإسلام الحضاري في العالم.

أدار الندوة مدير إدارة الإذاعة في مؤسسة الشارقة الإعلامي حسن يعقوب، التي شكلت فرصة للجمهور لسبر أغوار فكر د. المسلماني الذي صدر له أخيرًا كتاب "الجهاد ضد الجهاد"، ويتناول فيه الصراع الإسلامي ـ الإسلامي، وكيف أصبح هناك عشرات الجماعات الإسلامية، وكيف استطاع الإسلام السياسي إلغاء الحضارة الإسلامية، وإدخال الأمة الإسلامية في نفق الجماعات التي لا جدوى منها.

وبيّن د. المسلماني خلال حديثه في الندوة، كيف أصبح الإسلام السياسي عبئًا على الإسلام والمسلمين. وقال: "النقطة الأولى تكمن في طبيعة المعادلة التي يستخدمها الإسلام السياسي، والتي تتألف من شقين، الأول هو الإسلام ضد الإسلام والهادف إلى إثارة حرب أهلية بين المسلمين أنفسهم، والثاني يكمن في الإسلام ضد العالم والهادف إلى إثارة حرب عالمية بين المسلمين وبقية سكان العالم، فلا يبقى على إثرها للمسلمين حضارة من خلال 5 تواريخ تنتهي جميعها بالرقم 8 والتي أطلق عليها مصطلح "5 ثمانيات".

وحاول د. المسلماني، أنّ يوضح طبيعة الصراع داخل الإسلام، حيث بدأها من عام 1928 الذي شهد تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، وقال: "بعد نشوء جماعة الإخوان المسلمين أصبح لدينا في العالم الإسلامي، ما يسمى بالإخوان المسلمين والمسلمون غير الإخوان، وكان ذلك بمثابة شق طولي كبير في المجتمع الاسلامي، في حين شهد عام 1948 نشأة اسرائيل التي لا تزال تهدد العروبة والاسلام وعملت على استنزاف الأمة العربية في حروب طويلة بعضها كان ساخناً وأغلبها باردة، أما عام 1978 فقد كان بداية الثورة الإيرانية التي شقت الإسلام من جديد بين سنة وشيعة، وخلقت الأصولية الشيعية المتطرفة، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش حرباً بين الشيعة والسنة. وفي 1998  أعلن عن تأسيس تنظيم القاعدة والذي شق المجتمع السني بخلقه جماعات متعددة".

وواصل: "شهد عام 2008 خطاب الرئيس الأميركي باراك اوباما في جامعة القاهرة، آنذاك كنا نتوقع أن يكون أوباما صديقاً حقيقياً للعالم العربي، على غرار الرئيس الأسبق جون كنيدي الذي كان لديه رسالة انسانية واخلاقية في العالم، ولكن المفاجأة أن أوباما لم يكن كذلك، لنشهد بعد ذلك مفاجأت عدة في المنطقة تبلورت في بروز تنظيمات "داعشية" مختلفة".

ولم يقتصر حديث د.  المسلماني في الندوة، على الصراع الإسلامي ـ الإسلامي، وإنما تطرق أيضاً إلى صراعه ضد العالم، وبين أن الدين الإسلامي يعد الثاني في العالم بعد المسيحية، حيث يبلغ عدد المسلمين في العالم 1.6  مليار نسمة، منوهاً إلى أن الاحصائيات تشير إلى وجود مليار ملحد في العالم، يحلون في المركز الثالث، وقال: "عدم توجه المتشددين الإسلاميين نحو المليار ملحد، والعمل على هدايتهم، بين عدم إخلاصهم للدين الحنيف، برفعهم شعار "إعادة فتح العالم من جديد".

وأشار المسلماني إلى أن قوة الإسلام لا تكمن في عدد معتنقيه فقط وإنما بتواجده في 3 قوى كبرى في العالم، على رأسها روسيا الاتحادية التي يتواجد فيها ما بين 20-25 مليون مسلم، والمشكلة تكمن بوجود 5000 عنصر روسي في تنظيم "داعش" ما يشير الى احتمالية وقوع صدام بين الإسلام وروسيا الاتحادية، أما القوة الثانية فهي الصين التي يتواجد فيها 100 مليون مسلم، ونتوقع أن يظهر لنا مستقبلاً "طالبان الصين"، حيث يوجد هناك 500 من مسلمي الصين يعملون حالياً في أفغانستان ويريدون العودة لوطنهم لطرح الفكرة الجهادية ضد الفكر الكونفوشيوسي، وبتشكل هذا التنظيم سنشهد صراعاً اسلامياً كونفوشيوسياً. في حين أن القوة الثالثة هي الهند التي يتواجد فيها الإسلام بقوة، وهناك مخططات لإشعال الصراع الإسلامي الهندوسي.

وذكر د. المسلماني في قراءته لخريطة لحركات الاسلام السياسي والتي وصفها بـ "الرديئة"، تركيا وماليزيا كنماذج بارزة وملهمة في العالم الاسلامي، من حيث اعتمادهما على الإسلام الحضاري الذي أخذت حركات الإسلام السياسى تهدده، وبحسب د. المسلماني، فقد كان العصر الذهبي لماليزيا إبان فترة حكم مهاتير محمد الذي كان معادياً لحركات الاسلام السياسي. وقال: "ما تشهده ماليزيا حالياً من تشدد في جماعات الاسلام السياسي يسبب ارباكاً لهذا النموذج".  الأمر ذاته ينسحب على تركيا، التي قال فيها: "عندما جاء الرئيس رجب طيب أوردوعان كان مبشراً في البدايات، وكان صديقاً لعواصم عربية واسلامية، إلا أن تغلب الايديولوجيا على السياسة بات ينذر بإفلات تركيا من بين أيدي المسلمين نتيجة لسياسات غير صائبة".

وتطرّق د. المسلماني، إلى تجربتي اندونيسيا ونيجيريا وهما الأكبر في أسيا وإفريقيا من حيث عدد المسلمين.  وقال: "في أندونيسيا وجدنا أن معارك الإسلام السياسي لا تزال تحاول إنهاك اندونيسيا رغم استقلال إقليم "اتشيه"، في حين وجدت في نيجيريا جماعة بوكو حرام، والتي تهلك كل شيء ليس في نيجيريا وإنما في كل افريقيا، لتصبح مهمة هذه الجماعة هي أن يكره الأفارقة الإسلام كدين، والمسلمون كبشر، وبعد أن كان الإسلام يدخل البلدان باستخدام القوة الناعمة، أصبح يخرج منها بالدماء بسبب ما تقوم به جماعة بوكو حرام".

ودعا إلى ضرورة أن يحل الإسلام الحضاري فكرًا وسلوكًا واخلاقًا مكان الإسلام السياسي للخروج من دائرة الصراع الإسلامي ـ الإسلامي. وقال: "لقد ثبت أن جماعات الإسلام السياسي عدوة للإسلام والمسلمين، ويمكن للاسلام الحضاري ان يحل الأمر ".

وفي حديثه عن "العالم ضد العالم". قال: "بحر الصين الجنوبي يشهد حاليًا حربًا تجاوزت الحرب الباردة إلى أجواء حرب ساخنة، مبينًا من خلال ذلك أسباب ظهور تنظيم داعش. وقال: "الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغن تمكن من اسقاط الاتحاد السوفيتي عبر خفض سعر النفط، ليصل سعر البرميل إلى 10 دولارات، ما أدى لإنهاك الاقتصاد السوفيتي، كما لم يفوت الرئيس ريغن ورقة المجاهدين الأفغان، واستغل وفائهم لقضيتهم لإسقاط الاتحاد السوفيتي وهو ما حدث بالفعل".

وأشار إلى أن السيناريو ذاته يتكرر حاليًا، وقال: "الإدارة الأميركية عملت على خفض سعر النفظ للثلث تقريبًا، ما أحدث أزمة اقتصادية عنيفة في روسيا الاتحادية، في الوقت ذاته يتم استغلال ورقة تنظيم داعش الذي يضم نحو 5000 عنصر روسي ضد روسيا الاتحادية، وبتقديري ان العالم العربي ليس هوالمستهدف، وإنما هو ممر نحو روسيا التي تعد فيها الحدث". وتابع: "بالتوازي مع ذلك، نشهد حالياً أزمة اقتصادية عالمية نتيجة لخفض أسعار النفط، والذي أدى إلى حدوث ركود اقتصادي طويل في اليابان، وتباطؤ اقتصادي بالصين وأزمة اقتصادية في جنوب اوروبا عصفت، وكل ذلك يأتي في ظل وجود أزمات شبه عسكرية في بحر الصين، وبروز تنظيم داعش، ليتوافق مع وجود استقطاب ايديولوجي حاد، ويوجد بين ذلك كله حركات الإسلام السياسي.