القاهرة – أسامة عبدالصبور
نعى مجلس الوزراء بعميق الحزن والأسى الكاتب الصحفي والروائي الكبير جمال الغيطاني، الذي وافته المنيه صباح الأحد.
وتقدم رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، بخالص العزاء والمواساة إلى عائلة الفقيد، وأسرة الصحافة والأدب، داعيًا الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته.
وأكد رئيس الوزراء أن جمال الغيطاني ساهم بدور كبير في إثراء مجال المقال والقصة القصيرة والرواية، بأسلوبه الأدبي الفريد، ورؤيته الفكرية الواسعة، وما يتمتع به من عشق كبير لتراب وطنه مصر، كما ساهم الراحل في إعادة إحياء العديد من قصص التراث العربي وإخراجها في قالب أدبي متميز.
كما نعى وزير الثقافة حلمي النمنم، وفاة الكاتب والأديب العالمي جمال الغيطاني الذي توفي، صباح الأحد، عن عمر ناهز 70 عامًا بعد صراع مع المرض.
وذكر النمنم، أن وفاة الغيطاني خسارة كبيرة لأديب ومفكر وصحفي أثرى الحياة الثقافية بأعماله، فكان صاحب عدة ألقاب كان يراها محببة إلى قلبه فهو الصحفي والمراسل الحربي والروائي الحكاء الذي روى عشاقه من حكايات التاريخ.
وأضاف أن أدب الغيطاني لمس وجدان القراء، وتجسيده على الشاشات من خلال عدة أفلام وأعمال درامية ساهمت بشكل كبير في زيادة وعي الجمهور، مشيرًا إلى أن روايات الغيطاني أبحرت في التاريخ ورصدت دهاليزه وأبعاد ما وراء الوقائع والأحداث، فأصبح فهم وقراءة التاريخ من خلال أعماله الأدبية سهلًا يسيرًا على عامة الناس، ولا زالت حكايات الزيني بركات وحكايات الغريب وغيرها من أعماله حية بين العامة والخاصة من أهل الفن والثقافة.
وتابع وزير الثقافة قائلًا إن وطنية الغيطاني تجلّت في أعماله ومواقفه، فهو المقاتل الصحفي على الجبهة، والمحرر العسكري الذي رصد لنا لحظة بلحظة وقائع النصر، وفضّل أن يغيّر مجال عمله في فترة مهمة من حياته ليصبح مراسلًا حربيًا لأخبار اليوم على جبهة القتال يرصد انتصارات أكتوبر.
وأشار النمنم إلى أن سيرة الغيطاني الذاتية وتاريخه نموذجًا تعلمنا منه، وحياته حافلة بالمواقف الوطنية والأعمال الأدبية وتعد سجلًا حافلًا وقدوة يتعلم منها الأجيال كيف يكون حب الوطن وإعلاء قيم العمل والانتماء.
وقال إن الغيطاني الصحفي ورغم ما تقلده من مناصب حتى تأسيس " أخبار الأدب" التي أصبح رئيسًا لتحريرها، إلا أنه ظل يفخر بلقب الصحفي، فكان قدوة لتلاميذه في حب مهنة الصحافة والتفاني في بلاط صاحبة الجلالة.
من جانبه، نعى المجلس الأعلى للثقافة الغيطاني الذي أثرى المكتبة العربية برواياته التي ترجمت إلى اللغات العالمية، وأثبتت تفرده الإبداعي وريادة مصر الثقافية، كما كتب الكثير عن رحلاته وعن القاهرة وعن البشرية جمعاء ، وعن رؤاه العميقة إنه ذاكرة مصر التي نقل كنوزها الثقافية إلى العالم من خلال أدبه ومحاضراته العميقة.
وبدوره، نعى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، إلى الأمة العربية، رحيل علم من أعلام الأدب العربي المعاصر، القاص والروائي الكبير جمال الغيطاني، الذي يعد غيابه خسارة فادحة للمشهد الأدبي المصري والعربي ، فقد مثل إنتاجه الأدبي طوال نصف قرن علامة من علامات القصة والرواية العربية، بدءًا من مجموعته الأولى "أوراق شاب عاش منذ ألف عام"، مرورًا برواياته التي شكلت علامات في التاريخ الأدبي: الزويل ، والزيني بركات ، ومتون الأهرام ، ورسالة في الصبابة والوجد، والتجليات ، ونوافذ النوافذ ، ورسالة البصائر والمصائر.. وغيرها.
وذكر الاتحاد، في بيان له الأحد ، :"لقد تتلمذ الغيطاني على يد أستاذه نجيب محفوظ، فقد نشأ وعاش مثله فترة من حياته في حي الجمالية القديم في القاهرة، حيث عبق التاريخ والآثار الفاطمية، وقداسة الجامع الأزهر بما يمثله من قيم دينية وتاريخية، وهو ما أثَّر على كتاباته بشكل عام، حيث اختار لغة تراثية استقاها من كتب المتصوفة مثل النفري وابن عربي، تلك التي ساهم هو نفسه في اكتشافها وإزالة غموضها وتقديمها للقارئ، من خلال السلسلة التي كان يرئسها في هيئة قصور الثقافة، كما قدم مجموعة من البرامج التليفزيونية التي دارت حول الآثار الفاطمية في الجمالية".
وأضاف البيان " لم يكن جمال الغيطاني قاصًا وروائيًا متميزًا فحسب ولكنه كان فاعلًا ثقافيًا، فقد لعب دورًا مهمًا في تحريك والمشاركة في توجيه الثقافة العربية من خلال إنشائه ورئاسته لتحرير جريدة "أخبار الأدب" لسنوات عديدة، وهي إحدى أهم المطبوعات الثقافية والأدبية العربية، وخاض من خلالها معارك ثقافية عديدة داخليًّا وخارجيًّا، مستهدفًا نقاء العمل الثقافي وعزة المثقفين، وتوحيد الجهود ضد العدو التاريخي للأمة العربية المتمثل في المحتل الصهيوني الذي يغتصب الأرض العربية في فلسطين".
وأكد رئيس اتحاد الكتاب المصريين السابق الكاتب الكبير محمد سلماوي أن وفاة الأديب الكبير جمال الغيطانى صباح الأحد خسارة كبيرة للأدب المصرى والعربي ، فقد استطاع أن يكون له بصمة خاصة تميز أعماله الإبداعية على مدى مشواره.
وقال سلماوي، في تصريح له، إن الغيطاني تعرض لمتاعب صحية كبيرة خلال الشهور الثلاثة الماضية، وأن مجموعة من أصدقائه احتفلوا في شهر آيار/مايو الماضي بعيد ميلاده الـ70 ، إلى أن توفي الأحد في مستشفى الجلاء العسكري بسبب متاعب في جهازه التنفسي.
وأضاف أن الأديب الراحل استطاع أن يكسر نطاق المحلية وترجمت أعماله إلى الفرنسية ولغات أخرى، لافتًا إلى أن رحيله خسارة كبيرة للأدب العربي الحديث والثقافة العربية بشكل عام، خاصة وأنه امتلك رؤية إبداعية خاصة ميزت أعماله إلى جانب اهتمامه الكبير بفنون التراث والمعمار القديم والموسيقى.
وتوفي صباح الأحد الكاتب الكبير جمال الغيطاني عن عمر ناهز 70 عامًا بعد حدوث مضاعفات في الجهاز التنفسي داخل مستشفي الجلاء العسكري.
ولد جمال أحمد الغيطاني في 9 آيار/مايو 1945، وهو روائي وصحفي مصري وتولى رئاسة تحرير صحيفة أخبار الأدب المصرية، وصاحب مشروع روائي فريد استلهم فيه التراث المصري ليخلق عالمًا روائيًا عجيبًا يعد اليوم من أكثر التجارب الروائية نضجًا.
وكان له الفضل في كشف النقاب عن عالم آخر يعيش بيننا من المعمار والناس، ويعتبر من أكثر الكتاب العرب شهرة على شبكة الإنترنت إذ أن أغلب رواياته ومجموعاته القصصية متوفرة في نسخات رقمية يسهل تبادلها أضافت بعدًا جديدًا لهذا الكاتب الذي جمع بين الأصالة العميقة والحداثة الواعية.
وولد الأديب الراحل جمال الغيطاني في جهينة، إحدى مراكز محافظة سوهاج ضمن صعيد مصر، حيث تلقى تعليمه الإبتدائي في مدرسة عبد الرحمن كتخدا، وأكمله في مدرسة الجمالية الإبتدائية، وفي عام 1959 أنهى الإعدادية من مدرسة محمد علي الإعدادية، ثم التحق بمدرسة الفنون والصنائع في العباسية.
وفي عام 1969، عمل مراسلًا حربيًا في جبهات القتال، وذلك لحساب مؤسسة "أخبار اليوم"، وفي عام 1974 انتقل للعمل في قسم التحقيقات الصحفية، وبعد 11 عامًا في 1985 تمت ترقيته ليصبح رئيسًا للقسم الأدبي في أخبار اليوم، وأسس الغيطاني جريدة "أخبار الأدب" في عام 1993، حيث شغل منصب رئيس التحرير.
وفي فترة ما قبل الصحافة من عام 1963 - حين نشر أول قصة قصيرة له - إلى عام 1969 ، نشر ما يقدر بخمسين قصة قصيرة، إلا أنه من ناحية عملية بدأ الكتابة مبكرًا، إذ كتب أول قصة عام 1959، بعنوان "نهاية السكير".
وبدأ النقاد بملاحظته في آذار/مارس 1969، عندما أصدر كتابه أوراق شاب عاش منذ ألف عام والذي ضم خمس قصص قصيرة، واعتبرها بعض النقاد بداية مرحلة مختلفة للقصة المصرية القصيرة.
وحصل الغيطاني على جائزة الدولة التشجيعية للرواية عام 1980، وجائزة سلطان بن علي العويس عام 1997 ، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ، ووسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس عام 1987 ، وحصل على جائزة لورباتليون لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته "التجليات" مشاركة مع المترجم خالد عثمان في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية (مصر) عام 2007 والتي رشحته لها جامعة سوهاج.
ومن أهم أعمال الأديب الراحل، أوراق شاب عاش منذ ألف عام، الزويل، حراس البوابة الشرقية، متون الأهرام، شطح المدينة، منتهى الطلب إلى تراث العرب، سفر البنيان، حكايات المؤسسة، التجليات (ثلاثة أسفار)، دنا فتدلى، نثار المحو، خلسات الكرى، رواية الزيني بركات التي تحولت إلى مسلسل ناجح بطولة أحمد بدير، رشحات الحمراء، نوافذ النوافذ، مطربة الغروب، وقائع حارة الزعفراني، الرفاعي.