جزيرة مروح الإماراتية

كشفت تنقيبات أثرية قام بها علماء الآثار من دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي في جزيرة مروح، عن أقدم قرية معروفة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وأظهرت اختبارات جديدة بالكربون المشع أن مباني القرية تعود إلى العصر الحجري الحديث قبل ما يقرب من 8 آلاف عام، وتتميز هذه البيوت بحالتها الجيدة، ويعتقد الخبراء أنّ السكان الأوائل استخدموها لعدة مئات من السنين.

وقال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي في تدوينة عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الكشف في جزيرة مروح بأبوظبي عن قرية تعود إلى العصر الحجري الحديث قبل زهاء 8,000 عام، إنجاز تاريخي للجهود العلمية الأثرية والحفريات في الإمارات وفرصة للأجيال لتكوين صورة سردية أدق للحضارات الضاربة جذورها في هذه الأرض، وتضم القرية نحو 10 بيوت تتكون من عدة غرف ومساحات خارجية لتربية الحيوانات، وأخرى لإعداد الطعام. وكشفت الحفريات حتى الآن تشابهاً ملحوظاً في تصميم وأسلوب بنائها. ويحاول الخبراء حالياً إعادة إنشاء القرية رقمياً لتكوين رؤية واضحة لصورتها قبل حوالي 8 آلاف عام.

هياكل معمارية

وبينما توجد مواقع أثرية عديدة في دولة الإمارات ترجع إلى هذه المرحلة التاريخية المبكرة، تعتبر قرية جزيرة مروح الأولى التي تنفرد بهياكل معمارية واضحة. وقد افترض الباحثون أن سكان الإمارات في ذلك الوقت كانوا فقط من البدو الرحل، الذين تنقلوا باستمرار بحثاً عن المرعى والماء لقطعان الأغنام والماعز، لكن الاكتشافات الأخيرة في مروح أحدثت تحولاً جذرياً في هذا المفهوم.

وتشير الأدلة إلى أن السكان الأوائل بدأوا الاستقرار في مكان واحد وبناء بيوت دائمة ضمن مجتمعات مستقرة في الجزيرة. وارتبطت المجتمعات المستقرة في مناطق أخرى من الشرق الأوسط القديم بتطور الزراعة، وهي عملية تسمى أحياناً ثورة العصر الحجري الحديث. أما في مروح، فيعتقد الباحثون أن أنشطة إنسانية أخرى أدت إلى بناء القرية.

إنجاز أثري

وأشار محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، إلى أن الاكتشافات الأخيرة في جزيرة مروح تشكل إنجازًا أثريًا غير مسبوق من خلال رسم صورة أكثر دقة لتاريخ أبوظبي وأسلوب حياة سكانها الأوائل، وقال إن أهمية هذه الاكتشافات لا تقتصر على تقديم أدلة جديدة على الجذور العريقة والأصيلة لتراثنا البحري وأنشطة الصيد والتجارة ودورها في تاريخنا وثقافتنا فحسب، بل إنها تعتبر أيضاً أقدم مجتمع مستقر معروف في دولة الإمارات.وتعكس نتائج أعمال التنقيب والحفريات في جزيرة مروح والمواقع الأخرى في المناطق الساحلية والداخلية في إمارة أبوظبي ثراء ماضينا الذي يمتد إلى فترات تاريخية أبعد كثيراً مما كنا نتصور من قبل.

استقرار

وقد أدرك السكان الأوائل في جزيرة مروح حجم الموارد الوفيرة في الخليج العربي، وهو ما دفعهم على الأرجح للاستقرار بغرض الاستفادة من هذه الثروات البحرية، وذلك بدلاً من زراعة المحاصيل. وعلى ذلك، يمكن اعتبار قرية مروح النموذج الأول للمجتمعات المستقرة والمدن الحديثة مثل أبوظبي التي تطورت على طول ساحل الخليج العربي في الماضي القريب، ووفر الخليج العربي مصدراً غنياً للغذاء وفرص التجارة وأنشطة اقتصادية مختلفة كانت فريدة من نوعها في هذه المنطقة. وأثبتت الحفريات أيضًا أن السكان الأوائل اعتادوا صيد المأكولات البحرية من الخليج والمحيط، والتي ساهمت في الحفاظ على مجتمعاتهم.

تواصل

كما يعتقد الخبراء أن سكان مروح القدماء أدركوا أيضاً أن الخليج هو "طريق سريع" للتجارة والتواصل مع المجتمعات المجاورة، وهو ما شجعهم على ابتكار تقنيات وأساليب متطورة لبناء السفن لتلبية حاجات تجارتهم وأعمالهم.وأظهرت القطع الأثرية التي تم العثور عليها في جزيرة مروح أهمية هذه التجارة، بما في ذلك جرة خزفية، معروضة حالياً في "متحف اللوفر أبوظبي"، وهي أقدم دليل معروف في دولة الإمارات على تجارة الخزف المستورد.يعتزم فريق خبراء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة- أبوظبي استئناف أعمال البحث والتنقيب مجدداً في جزيرة مروح لإلقاء المزيد من الضوء على تاريخ أقدم قرية معروفة في دولة الإمارات.