الاتحاد الدولي لكرة القدم

إتسعت دائرة الإتهامات بالفساد المتعلقة بكرة القدم، والمرتبطة بشكل رئيسي بالإتحاد الدولي "فيفا"، وشملت أشخاصًا في مناصب مختلفة، وموزعة على مختلف لجانه بشكل يؤكد أنّ الفساد مُنتشر في جميع مفاصل أهم مؤسسة كروية في العالم.

ويعاني "الفيفا" من أزمات متلاحقة أضرت بمصداقيته منذ التصويت لمنح روسيا وقطر استضافة بطولتي كأس العالم عامي 2018 و2022 على التوالي، وما رافق ذلك من إتهامات، وتحقيقات، ونفي روسي وقطري دائم، فإنّ فضائح الفساد المتعلقة بأعضاء في "الفيفا"، وبموظفين آخرين في لجانه عرت هذه المنظمة، وجعلتها تترنح تحت وطأة الإعتقالات المتتالية لأبرز رموزها.

وكانت البداية من "هجوم الفجر" للشرطة السويسرية على أحد الفنادق الفخمة في زيوريخ في السابع والعشرين من مايو "أيار" المُنقضي، قبل يومين من انتخابات رئاسة الفيفا التي شرذمت أسرة كرة القدم العالمية بعد قرار السويسري جوزيف بلاتر بالترشح إلى ولاية خامسة على التوالي ناكسًا بوعد كان قد قطعه.

واعتقلت الشرطة السويسرية، سبعة مسؤولين من المستوى الرفيع، بينهم نائب رئيس الفيفا جيفري ويب من جزر كايمان، ووجهت التهمة إلى آخرين بتهم فساد وابتزاز وتبيض أموال خلال فترة توليهم مناصبهم.

وأُجريت الانتخابات في موعدها، وفاز بلاتر على الأردني الأمير علي بن الحسين بعد انسحاب الأخير قبل الجولة الثانية من التصويت، لكن السويسري العجوز (79 عامًا) إضطر إلى تقديم استقالة مفاجئة بعد أربعة أيام بسبب فضائح الفساد المتتالية التي ضربت "الفيفا".

وتوالت فصول أزمات "الفيفا" إلى أن وصلت إلى إيقاف بلاتر نفسه مع أبرز مرشح لخلافته، رئيس الإتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني، إثر "هبوط مفاجىء" لمسألة "مبلغ غير شرعي" حصل عليه الفرنسي من الأول في عام 2011 عن عمل استشاري فعله لمصلحة "الفيفا" بين 1999 و2002، وهما يواجهان حسب مصادر لجنة الأخلاق في "الفيفا" بالإيقاف إلى عدة أعوام.

وفي تطور للأحداث، شهدت زيوريخ مقر "الفيفا" مساء الخميس، مداهمة جديدة للشرطة السويسرية إلى فنادقها في مشهد مشابه تمامًا لما حدث أواخر مايو "أيار"، والمؤكد حتى الآن هو توقيف عضوين جديدين في اللجنة التنفيذية لـ"الفيفا" وهما رئيس إتحاد أميركا الجنوبية البارجوياني خوان انخل نابوت، ورئيس إتحاد الكونكاكاف في الوكالة الهندوراسي الفريدو هاويت بانيجاس.

واعتُقل المسؤولان البارزان في "الفيفا" خلال اليوم الثاني لاجتماعات اللجنة التنفيذية لدراسة اقتراحات لجنة الإصلاحات برئاسة المحامي السويسري فرانسوا كارار التي تم اعتمادها قبل التصويت عليها في الجمعية العمومية في فبراير "شباط" قبل الانتخابات الرئاسية.

وتساءل مصدر موثوق فيه إلى "فرانس برس" الذي كشف اعتقال الشخصين المذكورين، عن خلفية هذا التوقيف في سويسرا بالذات، قائلًا "أتى كل من نابوت وبانيجاس من ميامي مقر إتحاد "الكونكاكاف"، لماذا لم يتم إيقافهما قبل التوجه إلى سويسرا؟"، مُشيرًا إلى أنهما كانا سيعودان إلى ميامي في ذات اليوم أيضًا"، موضحًا أنّ "ربما القصد من ذلك هو إحداث ضجة للحول دون إجراء الإصلاحات داخل الفيفا، وتنظيم الانتخابات الرئاسية".

ولم يتأخر الخبر اليقين كثيرًا، حيث أعلن القضاء الأميركي مساءً، عن إتهامات بالجملة شملت 16 شخصًا جديدًا بتهم التورط في الفساد، بينهم نابوت وبانيجاس وثلاثة رؤساء للإتحاد ريكاردو تيكسييرا، وجوزيه مارين، وماركو بولو دل نيرو.

وكشفت المدعي العام الأميركي لوريتا لينش، الخميس المُنصرم، خلال مؤتمر صحافي في واشنطن، أنّ "كل واحد من الأشخاص الـ 16 الجدد، مُتهم بالابتزاز المنظم، وغيره من الجرائم المرتبطة بانتهاكات ارتُكبت في ممارسة مهامه على مدى فترة طويلة".

وأعلنت لينش أيضًا أنّ ثمانية متهمين، اعترفوا بالذنب في فضائح الفساد بقولها أنّ "ثمانية متهمين إضافيين أقروا بالذنب، لقد اعترفوا بمسؤوليتهم وبجرائمهم الجنائية".

ويبدو أنّ لائحة المتهمين لن تتوقف هنا، حيثُ أكدت لينش أنّ حجم الفساد المزعوم غير معقول، ويجب أن تكون الرسالة في هذا الإعلان واضحة لكل فرد مذنب ما يزال في الظل، أملًا في الهروب من التحقيق الجاري، فلن يتمكن من الإفلات".

من جانبه، دافع رئيس الإتحاد الهندوراسي السابق رافايل كاليخاس، عن مواطنه هاويت بانيجاس قائلًا أنّ "السيد هاويت يؤكد أنه ليس متورطًا في أي شىء"، لكن كاليخاس نفسه كان ضمن لائحة المتهمين الـ 16 التي أعلن عنها القضاء الأميركي.

وإضطر كاليخاس لاحقًا إلى الدفاع عن نفسه قائلًا "أنا؟ لماذا إذا لم أكن يومًا عضوًا في الكونكاكاف أو الفيفا"، حيثُ يشغل كاليخاس عضوية لجنة التسويق في الفيفا، لكنه ليس عضوًا في اللجنة التنفيذية.

وكشفت حكومة هندوراس في بيان لها، أنها تلقت طلبًا من الولايات المتحدة لتسليم كاليخاس، مؤكدة أنه "لا أحد فوق القانون".

كما أعلن الإتحاد الأميركي الجنوبي، ومقره في اسونسيون أنه تلقى خبر اعتقال رئيسه نابوت باستغراب، وأصدر بيانًا أوضح فيه أنه "علم بالتطورات التي حصلت لرئيسه في زيوريخ، وأنه سيواصل تعاونه مع التحقيق".

وأوضح وزير "الرياضة" الباراجوياني، ولاعب كرة المضرب السابق فيكتور بيتشي، أنه فوجىء، ولم يرغب في التعليق على الأمر، لكنه كشف إلى "فرانس برس" أنّ "خوان انجل هو صديق الطفولة، وعند ما كنت أشارك في رولان جاروس كان يأتي لمشاهدتي، والده كان رئيسًا إلى إتحاد الباراجواي لكرة المضرب، لقد تشاركنا في أمور كثيرة".

ويشغل الفاريدو، عضوية لجنة الانضباط في الفيفا، وكان عضوًا سابقًا في اللجنة التنفيذية لإتحاد "الكونكاكاف".

ويُشكل إتهام ثلاثة رؤساء للإتحاد البرازيلي حجم الفساد في دول أميركا الجنوبية، حيث إضطر الرئيس الجاري دل نيرو إلى التخلي عن منصبه "من أجل الدفاع عن نفسه" أمام لجنة الأخلاق في الفيفا والقضاء الأميركي.

وكان دل نيرو، استقال في 26 نوفمبر "تشرين الثاني" المضي من عضويته في اللجنة التنفيذية للفيفا، وإتحاد أميركا الجنوبية، في حين اعتقل تيكسييرا وسلم إلى الولايات المتحدة، ووجهت إتهامات إلى مارين.

ويشغل معظم الأشخاص المتهمين مناصب في لجان "الفيفا" وإتحاداتهم القارية، خصوصًا في أميركا الجنوبية و"الكونكاكاف".