غزة – محمد حبيب
أعلنت الإذاعة الإسرائيلية العامة، أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غادر فجر الأحد عائدًا إلى القدس المحتلة، حيث سيعقد جلسة طارئة لبحث تداعيات الأحداث الأمنية الأخيرة في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن نتنياهو سيعقد فور وصوله ، بعد ظهر الأحد جلسة طارئة بمشاركة كبار المسؤولين الأمنيين لبحث تداعيات العمليات الأخيرة في الضفة والقدس.كما ستُعقد مساء غدٍ الاثنين جلسة طارئة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية.
وأكدت مصادر سياسية إسرائيلية الليلة الماضية "إن إسرائيل باتت تخوض حربًا بلا هوادة ضد الإرهاب الفلسطيني، مؤكدةً ضرورة انتهاج نهج الصرامة والاتّزان في آن واحد عند التعامل مع هذه الموجة"، داعية "كافة الأطراف المعنية إلى إفساح المجال أمام قوات الأمن للقيام بواجباتها بدون اتخاذ خطوات مخالفة للقانون".
وقُتل مستوطنون أصيب آخرون في عدة عمليات طعن وإطلاق نار في مدينة نابلس والقدس المحتلة الجمعة والسبت، واندلعت مواجهات عنيفة في عدة مخيمات ومدن بالضفة داهمتها قوات الاحتلال.
وتعقيبًا على العمليات الأخيرة، قال رئيس حزب "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هرتصوغ ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، "إن نتنياهو فقد السيطرة على الأوضاع الأمنية".
من جهته أوضح المحلل السياسي لصحيفة يديعوت احرنوت، أنَّ الوقت قد حان لاتخاذ إجراءات وخطوات لمنع الاحتكاك بين اليهود والعرب في مدينة القدس من اجل التخفيف من حدة التوتر والتدهور الحاصل بالوضع الأمني مشددا على أهمية اتخاذ خطوات دراماتيكية من اجل تحقيق هذا الهدف ألا وهو التخفيف من الاحتكاك.
وأضاف المحلل رون بن يشاي، أن "الوقت قد حان أيضا لتدخل أميركي حقيقي من اجل التوصل لعقد لقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس لا لمناقشة الأوضاع السياسية بل من اجل مناقشة سبل البحث في التخفيف من التدهور الحاصل لأنه بات من الواضح أن الأمور تسير نحو فقدان الطرفين السيطرة على مقاليد ومجريات الأمور".
وأشار إلى أهمية أن يتحرك الأميركيون بسرعة من اجل تحقيق هذا اللقاء الذي سيغير الانطباع بان هناك أفق سياسي في أوساط الجانبين حيث ستعطي هذه اللقاءات ثمارها فورا وستساهم في التخفيف من حدة التوتر الحاصل في الضفة الغربية وربما في القدس.
وشدَّد على "أهمية أن يدرك الأميركيون مسألة واحدة أن هذا اللقاء يجب أن يعقد وفي الوقت ذاته يجب ألا يفشل لان فشله سيحرك الرياح الساخنة بالمنطقة ويقود لانهيار تام للأوضاع وفقدان السيطرة لدى الطرفين".
ونوه بأنَّ "على الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني عدم الانقياد وراء المتطرفين سواء كانوا الإسلاميين في الجانب الفلسطيني والمتطرفين اليهود في الجانب الإسرائيلي لأنهم الطرفين لديهم مصلحة بانهيار الأوضاع حيث طالب بن يشاي حكومة نتنياهو عدم الانجرار وراء المتطرفين في الحكومة الذين لا يهمهم سوى تحقيق مكاسب سياسية".
ولفت إلى أن المطلوب الآن من إسرائيل تغيير سياساتها اتجاه دخول اليهود إلى المسجد الأقصى حيث سيساهم هذا في التخفيف من حدة التوتر بالمدينة وشبانها الذين يرون في الاقتحامات للأقصى استفزاز لا بد من مواجهته سيما وهم يخضعون للتحريض من قبل الحركة الإسلامية بالداخل الإسرائيلي كما شدد بن يشاي على ضرورة تغيير طريق المصلين اليهود الراغبين بالوصول إلى حائط المبكى وعدم السماح لهم بالمرور بالبلدة القديمة وإتباع طرق طويلة من خارج أسوار المدينة.
كما أشار بن يشاي انه لا بد من فرض حظر التجول في المناطق التي يمكن أن يكون فيها احتكاك كبير ويحدث فيها .
أما بالنسبة إلى الأمور في الضفة فإن الوضع مختلف حيث تسعى حماس والجهاد إلى تسخين الأمور بين السلطة وإسرائيل في ظل انعدام الأفق السياسي وأحداث تدهور في الأوضاع على الأرض وبالتالي إضعاف السلطة من خلال عمليات قد يرد الجيش الإسرائيلي عليها بقوة اتجاه السلطة سيما وان حركة فتح تقف وراء العديد من العمليات الآن بالضفة .
ولفت بن يشاي إلى إمكانية اتخاذ قرار بمنع الصلاة في المسجد الأقصى ومنع اليهود من الدخول إليه والى حائط المبكى حتى يوم الأحد لوقف التدهور الناجم عن الاحتكاك موضحا أن الفكرة من إغلاق الأماكن المقدسة هو وقف التدهور وليس معاقبة أي احد من الطرفين .
وطالب الحكومة الإسرائيلية باستخدام طائرات بدون طيار ليلية تستخدم معدات للكشف على الطرق ليس لمطاردة ومراقبة العرب الذين يلقون قنابل المولوتوف والحجارة وحدهم بل أيضا لمطاردة ومراقبة المتطرفين والمستوطنين اليهود الذين يهاجمون القرى الفلسطينية.
وتابع: "علينا أن نعترف: جزء من المشكلة اليوم هي فقدان السيطرة من قبل السلطة ورئيسها أبو مازن خصوصا على مخيمات اللاجئين في المقابل تجد إسرائيل صعوبة ليس فقط لفرض القانون في القدس"، ويرى الكاتب الإسرائيلي أن "خيوط اللعبة ما تزال بيد عباس الذي يمكنه الآن تهدئة السطح إذا أراد من خلال توجيه كلمة للفلسطينيين حول مساوئ ما يمكن أن يجري مستقبلا لكنه بحاجة لان يكون مقتنعا بان يقول للفلسطينيين هذا الكلام في المقابل على نتنياهو أن يفهم أن الملاذ الأخير أمامه هو حماس".
واسترسل: "أكثر شيء من المهم التأكيد عليه لنتنياهو هو أن بناء المستوطنات واستمرار الوضع الحالي وأعمال التحدي من قبل الحكومة والمستوطنين ستزيد من النيران، وعدد الضحايا بين الجانبين"، هذا ويحيط إسرائيل تخبط شديد بعد فشلها في الوصول إلى اليد العليا وراء عملية "ايتمار" قرب نابلس، سيما أن هذه العلمية جاءت بعد 24 ساعة من خطاب الرئيس محمود عباس الأخير في الأمم المتحدة، ولم يُنددها كما كان يفعل سابقا بل اكتفى بالصمت.
وانتقد نتنياهو في تصريحات لقناة "فوكس نيوز" الأميركية عدم استنكار الرئيس عباس للعملية التي قتل فيها مستوطنان جنوب نابلس الخميس الماضي، موضحًا بالقول :"إذا لم يقاتل (أبو مازن) الإرهاب فسنقوم بذلك بأنفسنا".
ويحاول الاحتلال إلصاق التُهم في الجميع، فكان المتهم الأول هو الرئيس عباس وسلطته بعد عدم تنديدهم و صمتهم للعملية كما فعلوا بالسابق، فيما يرى مسؤولون ومتابعون أن ما حدث هو رد طبيعي عن سلسلة الجرائم الإسرائيلية بحق القدس بجانب الاعتداءات المتواصلة من قبل المستوطنين والجماعات اليهودية المتطرفة.
وصرَّح عضو اللجنة المركزية جمال محيسن بأن التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى وبكل مدن الضفة الغربية وتنكر نتنياهو لأي توجه إلى إنهاء الاحتلال هو السبب الذي أدى إلى تفجر تلك الهبة الشعبية الشاملة، وبين أنهم لا يريدون التطرق إلى خوض معركة مسلحة مع الجانب الإسرائيلي ، قائلا: " إن ما حدث هو رسالة بأن الشعب الفلسطيني قادر على إيلام الاحتلال ويرد على جرائمه".
ودعم حديث محيسن متحدث حركة "فتح" الدكتور فايز أبو عيطة حين قال: " على إسرائيل قبل أن تتهم أو تبحث عن المنفذ ، عليها النظر بعملياتها الإجرامية التي تنفذها بحق الشعب الفلسطيني"، مضيفًا: "العملية رد فعل، على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق أبناء شعبنا بمناطق الضفة وتحديدا القدس".
والواضح في الأمر أن الرئيس أبو مازن قد أوصل رسالة مفادها أن عدم التزام الاحتلال بما عليه من وجبات يترتب عليه عدم التزام الجانب الفلسطيني بما عليه من اتفاقيات. حسب ما يقوله المحللون.
من جهته قال المحلل السياسي عبد الستار القاسم: " من الطبيعي أن لا تندد السلطة هذا الإنجاز البطولي، لأنها شعرت بمذاق الفشل الذي أنتجته المفاوضات"، مبينا أن عدم وقوف السلطة في وجه العلمية لا يعني أنها من ورائها.
وكانت تقارير إسرائيلية أخيرة، لفتت إلى أن منفذي عملية نابلس من نفس المدينة وينتمون إلى أحد التنظيمات الإسلامية، وأن الحادث نفذ على يد مجموعة عميقة وقديمة.
أما الخبير الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة فأوضح أنه جرت العادة عندما يحدث عملية ترحب بها حماس والجهاد وفصائل أخرى ، لكن هنا الاختلاف فالرئيس لم يندد بالعملية وهذا مؤشر ايجابي، موضحا عدم تنديد الرئيس جاء بفعل القسوة التي تتبعها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
أما المحلل السياسي أكرم عطا لله قال: " شعور حركة فتح بأن نتنياهو يدير ظهره للقيادة الفلسطينية، هذا ما دعاها للتحرك ، فهناك تحرك على كل المستويات من حركة فتح، ونوع من الرفض للواقع القائم، فالرئيس كان عائدا إلى رام الله وتحدث بذات اللغة التي كان يتحدث بها الرئيس الراحل ياسر عرفات ".
المخابرات الإسرائيلية واستخبارات الجيش يدعون أن هناك اتجاهات بالتحقيق فيما يتعلق بهوية منفذي عملية إطلاق النار شمال الضفة الليلة الماضية والتي قتل فيها ضابط من هيئة الأركان وزوجته.
وتقول بعض الصحف العبرية إن قوات كبيرة ومخابرات عديدة تقوم بمسح المنطقة وجمع البيانات من أجل إلقاء القبض على المنفذين، فيما يقول رئيس الأركان الإسرائيلي موشي يعالون إن التحريض الفلسطيني هو السبب وراء سفك الدماء، على حد قوله.