باريس - مارينا منصف
المحت السلطات الفرنسية الأحد، ان صلاح عبدالسلام المشتبه بتورطه في هجمات باريس في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي والذي القي القبض عليه في بلجيكا ، كان يخطط لتنفيذ هجوم آخر في بروكسل، قبل أن تنصب له الشرطة المسلحة شراكًا خداعية وتقتحم منزله المختبئ به بعد توصيل البيتزا
ووصفت اللحظات الأولى لإقتياد صلاح عبد السلام على أيدي قوات العمليات الخاصة من الشرطة في بلجيكا خلال مداهمة جرت يوم الجمعة بالتاريخية، حيث يرجّح أن عبد السلام قد خطط في الأصل لتفجير نفسه عند ملعب فرنسـا Stade de France في 13 من تشرين الثاني / نوفمبر، ليتم إدراجه طوال أربعة أشهرٍ ضمن أكثر الرجال خطورة في أوروبا حتى تم تتبعه إلى المنزل في حي مولنبيك Molenbeek الذي يقع في بروكسل.
وأكد وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز بأن عبد السلام إدعى إستعداده لتنفيذ شئ ما من بروكسل وفقا لما تناقلته صحيفة الهافينغتون بوست Huffington Post، مضيفًا بأن الشرطة عثرت على " الأسلحة الثقيلة " في تحقيقاتها مع عبد السلام، ويعتقد أيضًا بأنه قد شكّل شبكة إرهابية جديدة، وأخبر محاميه سفين ماري راديو وتلفزيون بلجيكا RTBF الأحد بأن جزءًا من المؤتمر الصحفي الذي عقد في وقتٍ سابق قبل موعده بيوم عن طريق المدعي العام في باريس فرانسوا مولاينس يمثل انتهاكًا وخطئًا لا يمكن السماح به من دون المنازعة فيه.
وكشف مولينز عن أن عبد السلام قد أخبر المسؤولين في بلجيكا عن رغبته في تفجير نفسه عند ملعب فرنسـا في هجوم إنتحاري خلال أحداث الثالث عشر من تشرين الثاني / نوفمبر، إلا أنه تراجه عن القيام بفعلته في اللحظات الأخيرة.
وتسعى فرنسا إلى تسليم عبد السلام للمحاكمة هناك، ولكن ماري قال بالأمس أنه سوف يحارب أي محاولة لتسليم موكله. وإعتاد عبد السلام أثناء تخفيه عن سلطات الإستخبارات البلجيكية التجول في شوارع مولينبيك مع شركائه، وحتى المرور من أمام مركز للشرطة، بحسب شهادة السكان في الحي.
وحاول عبد السلام البالغ من العمر 26 عاماً الإختباء من الشرطة المسلحة في خزانة للملابس خلال مداهمة يوم الجمعة التي جرت في حي مولينبيك الذي يقع في بروكسيل، قبل أن تطلق الشرطة عليه النار في ساقه وتلقي بالقبض عليه بعد أربعة أشهر من إدراجه في قائمة الإرهابيين الأكثر طلباً في العالم.
وحددت أجهزة الإستخبارات البلجيكية والفرنسية موقع إختباء الهارب المطلوب في أعقاب التنصت على المحادثات الهاتفية في جنازة إبراهيم عبد السلام، وهو شقيق صلاح، الذي فجر نفسه في هجمات باريس، وهو ما ساهم في تضييق الخناق على عبد السلام في مولنبيك حتى إلقاء القبض عليه.
وذكر المدعي العام في باريس فرانسوا مولاينس بأن عبد السلام قد لعب دورًا محوريًا في التخطيط لهجمات تشرين الثاني / نوفمبر التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً، مع إعلان تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم المتطرف.
ويعتقد المحققون بأن عبد السلام إستأجر غرفاً في منطقة باريس حتى يتم إستخدامها من قبل المهاجمين، وكذلك السيارة التي إستخدمها لتوصيلهم إلى ملعب فرنسا قبل الإختباء في الدائرة 18 في شمال العاصمة. وبعد أيام من وقوع الهجمات، تم العثور على حزام ناسف مفخخ في باريس في منطقة حيث أشارت فيه شبكة الهاتف المحمول تواجدعبد السلام.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأن عبد السلام على علاقة مباشرة بالإعداد والتنظيم للمشاركة في إرتكاب هذه الهجمات. وقال محاميه سفين ماري بأنه سوف يقاتل تسليمه إلى القضاء الفرنسي، ولكن الخبراء القانونيون يرجحون بأن التأخير في الإجراءات لن يحول دون تسليمه إلى السلطات الفرنسية، في الوقت الذي ذكر فيه وزير العدل الفرنسي جان جاك أوفيوس يوم السبت بأن بلجيكا سوف تقوم بتسليم عبد السلام إلى فرنسا في غضون ثلاثة أشهر.
وأشاد القادة في أوروبا والولايات المتحدة بإعتقال عبد السلام في حي مولينبيك في بروكسل، في حين قال وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوفا بأن عملية القبض وجهت ضربة قاسمة للجهاديين الذين ينفذون هجماتٍ في أوروبا. ولكن وزير الداخلية حذر من أن مستوي التهديد يبقي مرتفع للغاية، فيما تقوم فرنسا بتكثيف الإنتشار والتواجد الأمني على حدودها من أجل إحكام السيطرة عقب مناقشات مع الإنتربول.
ومن المرجح بأن يكون عبد السلام هو الناجي الأخير في الفريق المكون من عشرة جهاديين قاموا بتنفيذ هجمات باريس، بينما هناك إثنين من المطلوبين الآخرين مطلوبين على إثر علاقتهم بوقائع القتل وهم محمد عبريني الذي أصبح صديقًا لعبد السلام وقت أن كانوا مراهقين إضافةً إلى الهارب الآخر الذي يعرف فقط بإسم سوفيان كيال الموجود على الوثائق المزورة.
وتري الصحافة البلجيكية بأن عملية القبض تعد إستعادة لكرامة البلاد التي تعرضت للتشويه بسبب أخطاء أجهزة الإستخبارات والشرطة المحيطة بالهجمات، والتي يبدو على نحو متزايد بأنه قد تم التخطيط والتنسيق لها في بروكسل، فيما زعم أحد السكان المحليين بأن الجميع كانوا يعلمون تواجد كلاً من عبد السلام ومحمد عبريني في بروكسل، والذين كانوا يجوبون الشوارع في ثقة وسط الحشود مرتدين قبعات التزلج من أجل التخفي، حيث أشار أحد السكان بأن الثنائي كان يسير في الشوارع خلال الأسابيع الأخيرة من دون إرتداء قبعات.
ويبقي السؤال مطروحًا حول السبب وراء إستغراق أجهزة الأمن البلجيكية أربعة أشعر للعثور على صاحب حانة سابق، في عدة مناسبات، تمكن عبد السلام من عبور نقاط تفتيش الشرطة أثناء هروبه من فرنسا بعد وقت قصير من هجمات 13 من تشرين الثاني / نوفمبر، وفي إحدي المرات، تمكن عبد السلام من الإفلات من مداهمة الشرطة بعد الإختباء داخل خزانة جري نقلها ضمن ممتلكات من قبل رجال الإزالة.
وشارك عبد السلام ضمن خلية إرهابية لتنظيم داعش في هجمات تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، والتي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً في مناطق عدة داخل باريس، حيث حفل موسيقي الروك و ملعب كرة القدم والعديد من المقاهي. ووفقاً لمحاميه سفين ماري، فإن عبد السلام تعاون مع الشرطة عقب توجيه الإتهامات إليه بإرتكاب جرائم إرهاب. إلا أنه يعارض تسليمه إلى فرنسـا، والذي من المتوقع بأن يتم في غضون 90 يوماً بحسب تأكيدات المدعي العام.
كما وجهت إتهامات أيضاً بإرتكاب جرائم إرهاب إلى مونير أحمد العاج، والذي عرف كذلك بإسم أمين شكري وهي الأسماء التي قال المحققون بأنها تظهر على وثائق مزورة. أما الرجل الثالث الذي تم إلقاء القبض عليه في مداهمة الجمعة داخل نفس المنزل ويدعي عابد، فقد تم توجيه الإتهامات إليه بكونه عضو في منظمة إرهابية وقام بالتحريض وتقديم المساعدة للمجرمين.
وتعهد الرئيس الفرنسي أولاند بمواصلة مكافحة الإرهاب، محذرًا من إجراء المزيد من الاعتقالات. كما شدد على ضرورة مواصلة المجهودات المبذولة نظراً لأنه لا تزال هناك إتصالات تقود فرنسـا إلى سورية، حيث يريد تنظيم داعش تنظيم هذه الهجمات. فيما أشار إلى أنه طلب من بلجيكا تسليم عبد السلام إلى بلده، مضيفاً بأنه ينبغي التحقيق معه ومعاقبته في فرنسـا.
وأكدت السلطات الفرنسية بأنه تم إكتشاف العديد من الأسلحة والذخيرة داخل المبني المحاصر، بينما أشاد رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل بحملة الإعتقالات واصفاً إياها بالنجاح في مكافحة الإرهاب. ولكنه أبرز التساؤلات الخطيرة حول كيفية تهرب عبد السلام من السلطات لفترةٍ طويلة.
وإستغل عبد السلام الحماقات التي إرتكبتها الشرطة البلجيكية، ليتمكن من الهروب من الإعتقال لمدة 126 يومًا، كما أنه كان قد ألقي القبض عليه مساء يوم هجمات 13 من تشرين الثاني / نوفمبر، ولكن تم إطلاق سراحه نظرًا لأنه لم يكن مشتبه به، وفي يوم الثلاثاء، إستطاع عبد السلام الهرب عقب مداهمة الشرطة لإحدي الوحدات السكنية في حي فورست Forest الذي يقع في بروكسل والذي وجدت بداخله بصمات له.
ومن الممكن تقديم قضاة مكافحة الإرهاب في فرنسا ملف طلب التسليم نهاية هذا الإسبوع مع الإدعاء البلجيكي، إستنادًا إلى إتفاق عام 2002 بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والذي يسرع من عملية التسليم. كما تساعد اللغة الفرنسية المشتركة بين فرنسا وبلجيكا على جعل عملية التسليم تجري بشكل أكثر سلاسة.
وتحث سامية مكتوف وهي محامية فرنسية للعديد من الناجين وأقارب ضحايا الهجوم الذي وقع في باريس على سرعة التسليم، وتري بأنه وبإستثناء ظروفه الصحية، فلا يوجد ما يؤجل عملية تسليمه. جاء ذلك خلال حديثها إلى صحيفة الأسوشيتد برس، حيث قالت بأن عائلات الضحايا تشعر بالأسي بسبب فرار العديد من المشتبه بهم الذين ينتمون إلى تنظيم داعش.
وأوضح المدعي العام البلجيكي إريك فان دير سبت بأن عبد السلام لم يكن مسلحًا وقت مداهمة الشرطة لمحل إقامته في مولنبيك، ولكنه لم يمتثل للأوامر سريعًا، أما وزير فرنسا للجوء والهجرة ثيو فرانكين، فقد أعلن عن القبض على عبد السلام عبر الفيديو الذي ظهر فيه خلال إقتياد الشرطة له، وأعقب عملية الإعتقال سلسلة من الإنفجارات وإطلاق النار في المنطقة، لتقوم بعدها الشرطة بتمشيط المكان بحثاً عن مشتبه بهم.
وذكر المتحدث بإسم البيت الأبيض جوش إرنست بأن البيت الأبيض إستخدم موارده وقدراته الكبيرة لمساعدة السلطات الفرنسية والبلجيكية، والتي قال بأنها إتخذت خطوات لمحاولة حماية بلدهم. مضيفاً بأن الولايات المتحدة سوف تستمر في التعاون الوثيق معهم.
وأكد مصدر مقرب من جهات التحقيق الفرنسية بأن الحزام الناسف الذي تم العثور عليه داخل صندوق للقمامة في ضاحية مونتروجMontrouge جنوبي باريس في 23 من تشرين الثاني / نوفمبر لم يكن يحمل الحمض النووي لعبد السلام.
وتحدث الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند عن إلقاء القبض على 11 شخصًا على صلة بمرتكبي الهجمات ، مع إيداع ثمانية في السجن وذلك منذ منصف تشرين الثاني / نوفمبر. وفي الوقت نفسه، تم الكشف الأحد عن أن الجزائري محمد بلقايد البالغ من العمر 35 عامًا ممن كانوا مدرجين في قائمة المنتمين لتنظيم داعش التي تم تسريبها الإسبوع الماضي ويعيش بصورة غير قانونية في بلجيكا، قد لقي مصرعه خلال مداهمة قوات مكافحة الإرهاب في بروكسل هذا الإسبوع وفقاص للتقرير الذي تناقلته القناة التليفزيونية الهولندية VRT. إلا أن المدعي الاتحادي البلجيكي رفض التعليق على التقرير.
وبحسب التقرير، فإن بلقايد حارب في سورية بدايةً من 19 نيسان / إبريل لعام 2014 إلى جانب الجهاديين من تنظيم داعش، وحمل إسم حركي وهو أبو عبد العزيز الجزائري، وعقب عودته من سورية، فإنه يعتقد مروره عبر السويد، وقد لقي بلقايد مصرعه على يد قناص الشرطة، بينما كان يحاول اطلاق النار على الشرطة خلال اشتباك مسلح في فوضي يوم الثلاثاء في حي الغابة الهادئ جنوبي بروكسل
أصبح صلاح عبد السلام أكثر الرجال المطلوبين في العالم في أعقاب هجمات باريس التي جرت أخداثها في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي. وكان البلجيكي المولد الذي يحمل الجنسيتين المغربية والفرنسية والبالغ من العمر 26 عامًا قد نشأ في مدينة مولنبيك في بلجيكـا.
وعمل عبد السلام لمدة عامين في السكك الحديدية حيث إمتهن الميكانيكا، كما كان له العمل الخاص به بما في ذلك الحانة التي أسسها شقيقه إبراهيم، ومن المرجح بأن يكون عبد السلام قد ربطته في الصغر صداقة مع عبد الحميد أباعود وهو العقل المدبر لهجمات باريس، كما قضي الثنائي بعض الوقت في السجن بتهمة السطو المسلح، وهو المكان الذي يعتقد بأنهم أصبحوا فيه متطرفين،وعندما حاول شقيقه إبراهيم السفر إلى سورية، فقد تم إيقافه، بينما خضع عبد السلام للإستجواب من قبل الشرطة، وأقر الادعاء العام البلجيكي في وقتٍ لاحق بأنهم كانوا يدركون تطرفه، ولكنهم لم يكونوا يشكّون في كونهم يمثلون تهديدًا أمنيًا لفرنسا.
ووُصف عبد السلام بأنه مدير الخدمات اللوجيستية ومتعهد تنظيم محل الإقامة والذخيرة، وكان له دور في أحداث الهجوم على باريس الذي أسفر عن مقتل 130 شخصًا عندما أقل الجهاديين مستخدمًا السيارة التي إستأجرها إلى المواقع المختلفة لإستهداف الضحايا.
وبدأت عملية مطاردة عبد السلام حينما تنبهت السلطات البلجيكية إلى إختباؤه في مولنبيك في بروكسل، وهو الحي الذي يأوي الجهاديين من أوروبا، وفي الأيام التي أعقبت هجمات باريس، شنت قوات الأمن البلجيكية عدة مداهمات في منطقة مولينبيك بروكسل، حيث كان يقطن عبد السلام. إلا أنه إستطاع البقاء هاربًا لأكثر من أربعة أشهرٍ.