العسكرية الأميركية

رغم مرور أكثر من 3 سنوات على الحدث التاريخي الذي سطرته العسكرية الأميركية باغتيال قائد تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، إلا أنَّ تلك العملية لازالت، حتى الآن، الأكثر شهرة واهتمامًا من قِبل العامة والسياسيين وصُنّاع القرار في العالم، وباتت أخبارها الأكثر تداولًا في وسائل الإعلام الدوليّة.

وأخيرًا تمّ حل اللغز الأكبر؛ وهو كشف النقاب عن قاتل زعيم التنظيم بن لادن؛ حيث سيتحدث بطل البحرية روب أونيل، في مقابلة كاملة مع قناة فوكس نيوز الأميركية الشهر الجاري.

وروب أونيل، 38 عامًا، من قدامى المحاربين وعضو سابق في فريق القوات البحرية الخاصة "سيل"، المكوّن من ستة جنود، وهو واحد من أبرز الأعضاء في قوة النخبة، وقد استقال بعد فترة خدمة 16 عامًا، ولكنه الآن يواجه تجميدًا من الدوائر للكشف عن أسرارها الأكثر قربًا؛ فقد أكد الجندي أنه أطلق ثلاث رصاصات على رأس "بن لادن" من مسافة قريبة، وذلك في باكستان، في 2 مايو 2011، وكان الفريق مكوّن من ستة أشخاص.

وكشف توم أونيل والد روب عن هويته لصحيفة "دايلي ميل" البريطانية، في مقابلة حصرية، مضيفًا: "الناس يتساءلون إذا كنا قلقين من تنظيم داعش المتطرِّف ومهاجمته لنا نتيجة لما فعله روب والإعلان عن شخصيته، أود القول بإنني سأرسم هدفًا كبيرًا على باب المنزل الأمامي وأكتب تعالوا اقتلونا".

وأثيرت التساؤلات في السابق حول السرد الدقيق لعملية قتل بن لادن، على الرغم من إدعاءات أونيل بأنه قتل المتطرِّف وتركه غارقًا في جروحه، وبعدها أطلق اثنين من الجنود النار على صدره.

قرار أونيل بالتحدُّث أفقده بعض المزايا العسكرية؛ فقد استقال من فريق "سيل" بعد 16 عامًا من الخدمة، بالإضافة إلى خدمته في الجيش الأميركي لفترة 20 عامًا، ويمكن الكشف عن التفاصيل الآن من خلال سجِله العسكري الاستثنائي.

 

وتربى أونيل في مدينة بوتي في مونتانا، وهي المدينة المزدهرة سابقًا بتعدين النحاس والذي سقط الآن في أوقات صعبة، يعيش والده في منزله مع الحيوانات المحنّطة بما فيها الدب وحيوان الموظ والوعل الكبير والأغنام وعدد من قرون الغزلان، يمتلك دب محنّط يدعى كودياك له مكانة مرموقة في غرفة المعيشة، تم إطلاق النار عليه من قِبل رجلين.

وذكر أونيل إنَّ السبب الأساسي لانضمامه إلى فريق "سيل" هي رومانسية سن المراهقة التي ذهب في الطريق الخطأ؛ فحين بلغ 19 عامًا ذهب إلى مكتب البحرية للتجنيد في محاولة للتخلُّص من حُبِه الضائع.

ولكن والده سرد قصة مختلفة خلال لقائه مع "دايلي ميل"، وأوضح: "ونحن ذاهبون إلى الصيد، طلب منا صديق أخذ أحد رجال البحرية معنا، وقد توقعنا أنَّ يكون شخصًا طويلًا يبلغ طوله 6.8 قدم، والذي بإمكانه أنَّ يرفع المنزل بيديه العاريتين، ولكنه كان رجل عادي، استطاع أنَّ يلتحق بفريق "سيل"، ولذلك أونيل يمكنه أيضًا الالتحاق بنفس الفريق".

ويضيف توم: "ذهب أونيل إلى أكثر من 10 جولات لواجب القتال الفعلي، وفي أربعة مناطق حرب مختلفة، بما في ذلك العراق وأفغانستان، وفي أثناء تلك الجولات قام بأكثر من 400 مهمة قتالية منفصلة".

ويلفت إلى أنَّ ابنه حصل على 52 ميدالية، وتتضمن ميداليته اثنين من النجوم الفضية وأربع نجوم برونز خاصة بالشجاعة، وترك الفريق وهو أحد كبار الضباط، فضلًا عن خدماته المشتركة مع فالور، وثلاثة شهادات من وحدة الرئاسة، واثنين من البحرية، النجمة الفضية هي ثالث أعلى تكريم من الجيش، يمنح للبسالة الغير العادية في العمل ضد عدو الولايات المتحدة، أما البرونزية للجدارة والمشاركة المباشرة في عمل بطولي في العمليات القتالية، إنها الجائزة القتالية الرابعة للقوات المسلحة الأميركية وأعلى تاسع جائزة عسكرية.

ولكن والده يتعجب من أنَّ ابنه لم يفز أبدًا بجائزة واحدة من قِبل القلب الأرغواني، مضيفًا:" هذا لأنه لم يكن أبدًا في عملية حيث تم قتل أو جرح زميله".

وتحول ثلاث من أهم مهامه القتاليّة إلى أعمال سينمائية في هوليوود؛ لقد كان أونيل القائد الرئيسي على "ذي مايرسك ألاباما" السفينة التي استولى عليها القراصنة الصوماليين، والتي تحوّلت قصتها إلى فيلم "كابت فيليبس" الحائز على جائزة الأوسكار، حيث يذكر والده بفخر:" لقد كان أول رجل خارج الطيور".

وساعد كذلك في إنقاذ ماركوس لوتريل، أحد أعضاء فريقه والذي فشل في مهمة إلقاء القبض على زعيم حركة طالبان في أفغانستان، وقد تحوّلت القصة إلى فيلم "لون سيرفيفور"، ويؤكد والده أنَّ أونيل لايزال ودودًا مع ماركوس، فقد تناولا العشاء سويًا في اليوم السابق.

ومن ثم أخر فيلم وهو "زيرو دارك ثيرتي" والذي ترشَّح لجائزة الأوسكار، حيث يحكي قصة قتل بن لادن.

وسوف يتحدث عن دوره في هذا العمل لاحقًا خلال هذا الشهر في خلال الجزء الأول من مقابلته مع فوكس نيوز، والتي تتضمن جزئين، ولكن قرار حديثه أثار جدلًا كبيرًا؛ حيث عملت رسالته على تفاقم الأوضاع في الماضي والحاضر، حيث من الواضح أنَّ الصمت يظل أحد أهم مبادئ الحياة لدى فرقة سيل، حسبما أعلنها رئيس القوة "مايكل ماجراسي" والأميرال "ريل آدم" و"براين لوسي".

وكتب كل من لوسي وميجراسي: "شعار شركتنا هو، ألا أعلن عن طبيعة عملي، ولا أسعى للاعتراف بأعمالي، ومن يخالف تلك القواعد لن يكن وضعه جيدًا داخل الفريق ولا من أحد الأعضاء الذين يمثلون الحرب البحرية الخاصة، نحن لا نلتزم بالتجاهل المتعمد والأنانية لقيمنا الأساسية في مقابل السمعة السيئة في العام أو تحقيق المكاسب المالية، مما يقلل فقط من الخدمة والمشرفة، وعلى خلاف ذلك نلتزم بالشجاعة والتضحية".

ومن الواضح، أنَّ قرار أونيل للتحدث للعامة يدخل تحت ويلات العار الخاصة بالفريق، وقد يواجه إجراءات قانونية؛ حيث كتبا: "المعلومات السرية محمية بموجب القانون، ومن يفصح عن معلومات سرية من جميع الأعضاء لديه التزام بحماية المعلومات، بغض النظر عن ما قد ينعكس في وسائل الإعلام بدقة أو غير ذلك، سنسعى لمقاضاة الأعضاء الذين ينتهكون القانون عمدًا، فهم يضعون رفاقنا وعائلاتنا والعمليات المستقبلية المحتملة في خطر".

بينما يرى والد أونيل أنَّ ما فعله ابنه لا يستحق كل هذه الضجة، حيث قال:" غير مسموح له بالحديث ولكنه لم يستخدم ذلك البوق الكبير لإسكاته، أنا أدعمه في كل ما يفعله، لسنا خائفين من داعش، فقد أنجبت زوجتي السابقة رجلاً، لذلك لا ينبغي علينا أنَّ نرتعد من الخوف".

وعلى الرغم من أونيل تحدث في السابق عن دوره في قتل بن لادن، إلا أنَّ هويته ظلّت سرًا، والإعلان الآن عن نفسه قد يفقده مكانته الوطنية، إنَّ كونه بطلاً لم يكن كافيًا، ففي سيرته الذاتية أوضح أنه أنقذ الرهائن في ولاية مونتانا، وقد قرأ والده: "في معظم حياته المهنية كان داخل عباءة سرية، كان الرجل على الأرض الذي لم نسمع عنه قط، ولكن نعرف أنه موجود، كان واحدًا من المهنيين الهادئيين الذين أدوا المهام في أصعب الظروف، ومسيرته رائعة في ظل الحفاظ على أمن أميركا من خلال هذه العملية".

وافق أونيل على إجراء مقابلة مع قناة فوكس نيوز بعنوان "الرجل الذي قتل أسامة بن لادن"، وسوف يتحدث عن تدريبه والتفاصيل المهمة لإخراج زعيم تنظيم القاعدة، وهي تتبع مقابلة مجلة "اسكواير" في العام الماضي بقلم شارون ستون زوجة فيل بونشتاين السابقة، والتي خلالها احتفظ بهويته سرًا، وقدّم نفسه باسم "الرامي".

وفي المقابلة التي نشرت في آذار/ مارس 2013،رفع المخاوف بشأن قدامى المحاربين، بما فيهم نفسه، وكيفية التعامل معهم، ولكن اللقاء معه بدأ في نيسان/ أبريل 2012، حين كان يستعد لمغادرة القوات البحرية، ولكنه كان قلقًا من فقدان مزايا الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية لأنه ترك الخدمة في وقت مبكر.

وقرار تحدثه يفاجئ البعض؛ ففي مقابلة أعربت زوجته عن مخاوفها بشأن هجوم انتقامي: "شخصيًا أشعر بتهديدات هجوم متطرِّف انتقامي محتمّل على مجتمعنا أكثر مما كنت عليه منذ ثماني سنوات".

والحالة الاجتماعية للزوجين غير واضحة، وسط تلك الخلافات، وقد أوضحت زوجته أنها تسعى لتغيير أسمها وأسماء الأطفال، لأسباب تتعلق بالسلامة، مؤكدة أنهما لايزالان يحبان بعضهما.

وصف نيل التعليمات التي أصدرها لزوجته حول كيفية حماية أطفالهم، فهناك حقيبة جاهزة حال اضطروا للفرار في أي وقت.

وخلال المقابلة مع المجلة، أوضح أونيل أنه على الرغم من خدمته 16 عامًا في القوات البحرية، فقد قدموا له وظيفة العمل مقدم بيرة في ميشيغان، والتي قارنها بحماية شهود انتهازيين في المافيا، ولكنه بدلًا من ذلك أصبح محاضرًا لتحفيز الجماهير بالحديث عن سيرته الذاتية والحافلة بالانجازات، كما أضاف أنه حصل على سلسلة من التعاقدات من أنحاء الولايات المتحدة منذ أن ترك الجيش، بالإضافة إلى إشادة المنظمات بنوعية خطابه.

ولفت إلى أنه خلال حديثه في الذكرى الثانية لمقتل بن لادن في 2 مايو 2013، ولم يكن حينها معروفًا بأنه قاتل زعيم تنظيم القاعدة، قال له أحدهم "ليبارك الله أميركا".

وأونيل الآن هو ثاني أعضاء "سيل" الذي سيكشف عن شخصيته للجمهور، من بين 23 شخصًا مشاركين في الغارة؛ حيث كان الشخص الأول هو ماثيو بيسونتي، والذي كتب عن الحساب الداخلي لمهمة قتل بن لادن، وصدر كتابه المثير للجدل تحت عنوان "يوم غير سهل في 2012"، تحت اسم مارك أوين، ولكنه واجه فورًا حفيظة وزارة الدفاع الأميركية وفرقة سيل.

وذكر بيسونتي، هذا الأسبوع لشبكة "سي بي إس" الإخبارية، إنَّ الأوضاع سيئة جدًا، ويود أنَّ يقاتل بنفسه تنظيم داعش: "أود أنَّ أسافر عبر البحار للتعامل وقتال داعش وجهًا لوجه".

وتبدو تصريحات بوسونتي غريبة، كما استمر في الدفاع عن نفسه ضد الادعاءات بتعريض زملائه في سيل للخطر، حتى أمن الولايات المتحدة ككل من خلال الكشف عن معلومات سرية: "ليس هذا على الإطلاق ما انتوي فعل؛، فهؤلا إخواني عملت معهم لسنوات، وحين نشرت الكتاب تصرفت تمامًا في إطار القانون".

ويوضح أنه رغم ذلك يتبع نصيحة محاميه في الوقت الذي اختار فيه التخلي عن تقديم نسخة لوزارة الدفاع الأميركية قبل طباعة الكتاب، كما يؤكد أنه يحاول الابتعاد بنفسه، حتى أنه لا يرغب أحد في معرفة أين يعيش، حفاظًا على سلامته، وهو الآن يستعد لنشر تكملة لمجلده الخطير، وقد كشف محاميه عن نسبة الأرباح التي قد تغطي الغرامات الواسعة من قِبل وزارة الدفاع، حيث إنه وافق على التنازل عن جزء من الأرباح في مقابل التسوية.

وفي العام الماضي تحدث في نادي الغولف في أتلانتان؛ حيث صدرت تعليمات للزوار بإيداع هواتفهم عند الباب ومنعوا تدوين الملاحظات، تم ضبطه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 يتبادل معلومات سريّة مع أحد صناع اللعبة الشعبية المحاربون.

وقصته الثانية حول رد فعله الخاص بفيلم "زيرو دارك ثرتي"، حيث يتعارض سرده مع عديد من عناصر القصة، وفي رأيه أنها القصة التي تريد "سيل" إخبارها.