طالب عضو اللّجنة المركزية لحركة "فتح" الأسير مروان البرغوثي، الخميس، بدعم المقاومة الفلسطينية، معتبرًا أنَّ الاحتلال الإسرائيلي لا يفهم لغة المفاوضات، ومعنى السلام، إلا عندما يتحوّل الاحتلال والاستيطان إلى عبء ثقيل لا يمكن احتماله.

وكتب القيادي البارز في حركة "فتح"، الأسير الملقب بـ"أبو القسام"، من زنزانته رقم 28 في سجن "هداريم" الإسرائيلي مقالًا حمل عنوان "لكي تبقى راية فلسطين مرفوعة"، في الذكرى الـ33 لاستشهاد القائد الوطني ماجد أبو شرار
 
وأضاف البرغوثي "يشرفني أن أشارك أبناء شعبنا العظيم عامة، لاسيّما أبناء حركة فتح، في إحياء الذكرى الـ33 لاستشهاد القائد الوطني والفتحاوي الكبير ماجد أبو شرار، وأذكر للمناسبة أنني كنت في قسم العزل في سجن طولكرم عند استشهاده في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1981، حيث وقع هذا الخبر وقع الصاعقة على الأسرى، لما كان للشهيد القائد من حب وتقدير واعتزاز في صفوف المناضلين وأبناء شعبنا، وقد قرأت رواية الشهيد أبو شرار (الخبز المر) في ذلك الوقت".
 
وأردف "عبر متابعتي للمسيرة النضالية للقائد الشهيد، عرفت أننا أمام هامة كبيرة وعالية ومتميزة، شكلت ظاهرة خاصة في حركة فتح وقيادتها، وهذا المثال الأبرز للمناضل المثقف المنتمي، مثال للمناضل الذي ينخرط في صفوف الثورة ولا يكتفي بتقديم المواعظ والإرشادات من برج عاجي أو من مقهى على رصيف شاطئ هذه المدينة أو تلك، لأنَّ المثقف الثوري هو ذلك الذي يقدم إنتاجًا علميًا وفكريًا وثقافيًا وسياسيًا وإعلاميًا، وفي الوقت ذاته يقاتل بسلاحه في صفوف شعبه من أجل الحرية والعودة والاستقلال".

وتابع "لقد قدّم لنا أبو شرار مثالًا وقدوة للمثقف الثائر والفدائي المخلص الوفي المؤمن بقضية شعبه والمستعد للتضحية في سبيله، وقد كان أبو شرار مثالًا للجيل الشاب والتغيير في حركة فتح، فهو الرجل الذي آمن بضرورة تسليح الرأس قبل تسليح الأيدي، والذي آمن بروح العمل الفدائي عبر سلوكه الثوري، واليد النظيفة التي تتعفف عن مد يدها على مال الثورة والشعب، والتي تعيش حالة من التقشف، لأن حياة المناضلين يجب أن تكون بعيدة عن كل مظاهر البذخ والترف والحياة المرفهة، فهذا قدر الثوار والمناضلين الذين يختارون طريق الثورة والمقاومة وطريق الاستشهاد والتضحية، طريق الفداء والنضال والكفاح، والذين يكرّسون حياتهم كاملة لقضية شعبهم ووطنهم.
قدم أبو شرار لأبناء "فتح" نموذجًا وقدوة، وواصلنا السير على خطاه وخطى كل شهداء شعبنا العظيم، يتقدمهم أبو عمار وأبو جهاد وأبو أياد وسعد صايل وأبو صيري وغسان كنفاني والشقاقي وأحمد ياسين وأبو علي مصطفى والجعبري وثابت ثابت ورائد الكرمي ومهند أبو حلاوة ووفاء إدريس ودلال المغربي وآيات الأخرس وغيرهم".

واستطرد "إننا نحيي هذه الذكرى لا لذرف الدموع، ولا لنستذكر الشهداء فقط ونترحم عليهم، بل من أجل أن تكون مناسبة لتجديد العهد والوفاء لذكرى الأعظم والأكرم منا جميعًا، هؤلاء الشهداء الذين يمثلون ضمير وروح هذا الشعب وهذه الأمة، وبغية أن نجدد القسم بالسير على خطاهم فأنبل تكريم للشهداء هو مواصلة طريقهم، طريق النضال والمقاومة، طريق الحرية والشهادة، طريق النصر القادم لا محالة".

وأشار إلى "إننا نحيي ذكرى القائد الكبير أبو شرار في وقت خاض فيه شعبنا قبل أسابيع قليلة واحدة من أعظم معاركه الوطنية، حيث سجل شعبنا في قطاع غزة صمودًا أسطوريًا، وقدمت المقاومة أداءً قتاليًا رفيعًا، يجعلنا أمام معركة الكرامة الجديدة، حيث فشلت حكومة الإرهاب الصهيوني في حربها وعدوانها على قطاع غزة، وتكبدت خسائر بشرية ومادية ومعنوية وأخلاقية غير مسبوقة، وأنَّ هذه المعركة تؤكد صحة خيار المقاومة، وأهمية تدعيم وتعزيز إمكانات المقاومة في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأنَّ هذا العدو لا يفهم لغة المفاوضات، ومعنى السلام، إلا عندما يتحول الاحتلال والاستيطان إلى عبء ثقيل لا يمكن احتماله، وهذا لا يتحقق إلا عبر استراتيجية فلسطينية شاملة، تقوم على وحدة الشعب والقضية والوطن، ووحدة الفصائل والسلطة، وتعزيز ومساندة حكومة الوفاق الوطني، وإنهاء كل مظاهر الانقسام، وإطلاق أوسع حملة دولية لمقاطعة إسرائيل وعزلها، وفرض عقوبات سياسية واقتصادية عليها، وإطلاق أوسع مقاومة شاملة في الضفة والقدس، تحظى بمساندة شعبنا في الشتات والمنافي وبلاد الاغتراب، والاستناد كذلك إلى وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، باعتبارها وثيقة القواسم السياسية والنضالية المشتركة، ولاعتبارها البرنامج الجامع لكل فصائل شعبنا، والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية، ولعضوية المجلس الوطني، وبغية تطوير وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، الذي يعيش حالة من الوهن والعجز في الأعوام الأخيرة".

وأردف "مرة أخرى نجدّد العهد والقسم لشهداء شعبنا في كل مكان أن تبقى راية المقاومة وراية فلسطين التي سقط الشهداء وهم يحملونها، أن تظل مرفوعة عالية خفاقة في أيادينا، وأن نواصل نضالنا على هدى مبادئهم وأفكارهم، وأنا على ثقة بأن دماء الشهداء الطاهرة ستعبد الطريق إلى القدس وإلى الحرية والعودة والاستقلال، وأنَّ مسيرة شعبنا ستنتصر طال الزمن أم قصر، وأن زوال الاحتلال بات مسألة وقت، وأنَّ مصيره كما النازية والفاشية والعنصرية والاستعمار إلى مزبلة التاريخ".

واختتم الأسير المناضل مروان البرغوثي مقاله بالقول "في النهاية أقول في ذكرى شهيدنا وقائدنا الكبير والمعلم ماجد أبو شرار، لقد كتبت بيان نعيك للمناضلين في السجن في 9 تشرين الأول/أكتوبر 1981، وها أنا أكتب اليوم، بعد مرور 33 عامًا هذه الكلمة في زنازين الاحتلال الصهيوني، وهذا يؤكد أننا نوفي بالعهد، وأن الأجيال لن تفرط بالحقوق التاريخية الأصيلة في بلادنا أرض الآباء والأجداد".