مجلس الوزراء الفلسطيني

حذّر مجلس الوزراء الفلسطيني خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها في رام الله برئاسة رامي الحمد الله اليوم الثلاثاء، من سياسة الحكومة الإسرائيلية التي تسابق الزمن لتنفيذ مخططاتها الاستراتيجية ومشاريعها الاستيطانية بإجراءات متسارعة تهدف إلى إنهاء القضية الفلسطينية، والحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، من خلال فصل قطاع غزة، وتفتيت الضفة الغربية إلى كانتونات ومعازل، وضم الكتل الاستيطانية وغور الأردن، وضم القدس وتهويدها وتغيير معالمها العربية والإسلامية.

وأكد المجلس، في بيان له، أن الحكومة الإسرائيلية تستغل الانقسام الفلسطيني، وانشغال العالم العربي بقضاياه الداخلية، وصمت العالم وتسليمه بواقع إسرائيل كدولة فوق القانون، في محاولة لتغييب القضية الفلسطينية وتنفيذ مخططاتها، مشيرًا إلى أن على المجتمع الدولي وعلى رأسه الإدارة الأميركية إدراك أن طريق السلام واضح المعالم، وهو يتمثل بتخلي إسرائيل عن احتلالها لأرضنا، وبفرض الوقائع على الأرض بقوة هذا الاحتلال، وإقرارها بحق شعبنا في تجسيد سيادته الوطنية على أرض دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وإطلاق سراح أسرانا الأبطال، وتمكيننا من السيادة على مواردنا الطبيعية، وهي جميعها حقوق أقرتها الشرعية الدولية، مؤكدًا أن جميع محاولات التغييب والالتفاف على القضية الفلسطينية ستبوء بالفشل، وأن الإقرار بحقوق شعبنا والعمل على تحقيقها هو الأساس لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وهو الأساس لحل القضايا الإقليمية، والذي سيمكن جميع شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام، مطالبًا المجتمع الدولي الوقوف بحزم أمام إصرار الحكومة الإسرائيلية على انتهاك قواعد القانون الدولي والإنساني، ومخالفة الشرعية الدولية وحقوق الإنسان، وتصعيد النشاطات الاستيطانية المكثفة في مدينة القدس والضفة الغربية، وارتكاب الجرائم العنصرية بحق أبناء شعبنا.

وأكد المجلس أن ملحمة الصمود التي جسدها شعبنا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، قد أثبتت للعالم إصرارنا على حماية وصون هويتنا الوطنية، وتكريس حقنا الطبيعي في الحياة على أرضِ وطننا الذي لا وطن لنا سواه، واسترداد حقوقنا الوطنية المشروعة كاملة غير منقوصة، مشددًا على أن دماء آلاف الشهداء والتضحيات التي قدمها شعبنا طوال مسيرته تستصرخنا جميعًا إلى تحقيق اللحمة وإنجاز الوحدة والمصالحة الوطنية، وتضافر كل الجهود لإفشال ومواجهة مخططات الاحتلال الهادفة إلى النيل من مشروعنا الوطني، والعبث بوحدتنا الداخلية، ويستدعي الارتقاء إلى أعلى درجة ممكنة فوق مصالحنا الضيقة نحو تحقيق المصالح الوطنية العليا لشعبنا، والالتزام بتحقيق رؤية فلسطينية فعالة ومؤثرة تدعم الجهود الوطنية والنضالية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا، والتخلص من الاستيطان وجدار الفصل العنصري، وتحرير أسرانا الأبطال، وإنجاز حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشريف.

ونعى المجلس، الأمتين العربية والإسلامية والعالم، وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود بن فيصل بن عبد العزيز آل سعود، الذي خسر العالم العربي والإسلامي برحيله دبلوماسيًا بارعًا، وفارسًا عربيًا وإسلاميًا فذًا مناصرًا لقضايا الحق والعدل والسلام، والمعروف بحكمته ومناصرته للقضية الفلسطينية وللقضايا العربية، ومواقفه الأخوية الشجاعة الدائمة تجاه فلسطين والقدس، وتقدم المجلس بأحر التعازي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والأسرة الحاكمة وللشعب السعودي الشقيق وإلى عائلة الفقيد الراحل بأصدق التعازي والمواساة، سائلًا الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته ورضوانه ومغفرته، ويسكنه فسيح جنانه.

ووجه المجلس تحية إكبار واعتزاز إلى الأسير المحرر خضر عدنان بمناسبة الإفراج عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد أن أجبر بصموده الأسطوري وإضرابه المتواصل عن الطعام لمدة 55 يومًا نظام الاحتلال على الانصياع لحقه في الحياة والحرية، وأثبت بإرادته الصلبة عدم مشروعية الاعتقال الإداري، ونجح على نطاقٍ عالمي في فرض قضية الاعتقال الإداري الذي تُمارسه الحكومة الإسرائيلية تجاه أسرانا، الذين أمضى بعضهم سنوات في الأسر دون تهم ولا محاكمات، ووضع مجددًا قضية ومعاناة الأسرى برمتها أمام المحافل الدولية.

وشدد المجلس على أهمية تكامل الجهدين الشعبي والرسمي مع المجتمع الدولي وكافة المؤسسات الدولية، ومؤسسات حقوق الإنسان لتسليط الضوء على ما يعانيه آلاف الأسرى داخل سجون الاحتلال، من إهمال طبي، وعزل، ومعاملة قاسية، وعلى ضرورة إلزام إسرائيل بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأهمية متابعة حشد المزيد من الدعم الدولي للإقرار بحقوق الأسرى التي تضمنها لهم كافة المواثيق

والمعاهدات الدولية وفي مقدمتها اتفاقيتا جنيف الثالثة والرابعة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بالإضافة إلى اتفاقية لاهاي واتفاقية مناهضة التعذيب.

ورحب المجلس بمطالبة الجامعة العربية أجهزة الإعلام في الدول الأعضاء بتفعيل قرار مجلس وزراء الإعلام العرب الأخير، الذي يدعو وزارات الإعلام أو الجهات المعنية بالإعلام في الدول الأعضاء إلى تعزيز البرامج والمشروعات الخاصة بدعم القدس، ودعوة الإعلام العربي لتخصيص أسبوع لدعم القدس وأهالي المدينة المقدسة، وتوضيح ما تتعرض له المدينة من أخطار التهويد وتغيير طابعها التاريخي ومعالمها الحضارية والثقافية. وأكد المجلس على أن حشود ورباط عشرات آلاف المصلين في القدس خلال شهر رمضان المبارك تؤكد الأهمية الدينية والتاريخية للقدس أولى القبلتين بالنسبة للشعب الفلسطيني، وأهمية القضية الفلسطينية عموماً وقضية القدس والمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية، ودعا المجلس كافة وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية إلى تكثيف حملاتها وتركيز برامجها على المدينة المقدسة وعلى الانتهاكات الإسرائيلية السافرة، الهادفة إلى سرقة الإرث الإسلامي والمسيحي والتاريخي والحضاري للمدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك.