المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس

يُهدد تجدد التراشق الإعلامي بين حركتي "فتح" و"حماس" بتفجر المصالحة الفلسطينية التي ما زالت توصف بالهشة جرَّاء سيطرة "حماس" الأمنية على غزة وتلكؤ حكومة الوحدة الوطنية التي تتلقى تعليماتها من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في اتخاذ إجراءات حازمة لبسط سيطرتها المطلقة على القطاع.

وفي ضوء تشكيك "حماس" بجدية حكومة الوحدة الوطنية في سرعة إعادة إعمار قطاع غزة بسبب العراقيل التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي على دخول المواد الأساسية لإعادة بناء ما دمره العدوان الأخير على القطاع، تجدد الخلاف ما بين "فتح" و"حماس"في الأيام الماضية بشأن انعقاد المجلس التشريعي كخطوة سبق وأن اتفق عليها في اتفاق القاهرة وبعده الشاطئ الذي وقع قبل أشهر بين وفد "منظمة التحرير" و"حماس" ويقضي بتشكيل حكومة التوافق وعقد جلسة للتشريعي بعد شهر من تشكيل تلك الحكومة.

ورغم مرور أشهر عدة على تشكيل تلك الحكومة، لم يجر عقد جلسة للتشريعي الأمر الذي اعتبرته "حماس" إخلال من قبل "فتح" باتفاق الشاطئ الذي أفضى إلى تشكيل حكومة الدكتور رامي الحمد الله.

وأكد النائب عن "حماس" الدكتور صلاح البردويل، أنَّ حركة "فتح" غير جدية في جهود تفعيل التشريعي وتمتنع عن الرد أو الاجتماع في إطار الجهود المبذولة لذلك، والذي نص عليه اتفاق القاهرة وحدد 15 تشرين الأول/ نوفمبر الجاري سقف لذلك، وأنَّ الرئيس محمود عباس "لا يريد أن يأخذ الأمور بجدية ويراهن بشكل كبير جدًا على حرق الزمن ويعتمد على المتغيرات في المنطقة للانقضاض على "حماس" وعلى المصالحة الفلسطينية".

وأوضح البردويل في تصريح صحافي "السيد محمود عباس يعيش حالة من الصمت السلبي ولا يريد أن يفعل شي، فلا دعا المجلس التشريعي ولا دعا لاجتماع القيادي لمنظمة التحرير ولا هو حتى يعطي حكومة الوفاق الحرية في أن تباشر عملها في قطاع غزة".

وأضاف "تمَّ التوافق مع حركة فتح في آخر اتفاق في القاهرة على أن يكون 15 تشرين الأول/ نوفمبر هو سقف الاتفاق واجتماع المجلس التشريعي، يسبق هذه المدة مشاورات بين الكتل والقوائم البرلمانية، وبعد ذلك تقدم الكتل البرلمانية توصيتها أو اتفاقها للرئيس ليدعو فورا المجلس التشريعي للانعقاد، وهناك توقع بأن يأتي عزام الأحمد إلى غزة لهذا الغرض ولكن حتى اللحظة لم يأتي".

وأشار البردويل إلى أنَّه في حال فشلت تلك الجهود، فهناك تفكير لعقد جلسة طارئة وفقا لأحكام المادة 22 من النظام الداخلي للمجلس التشريعي لمناقشة الوضع السياسي بما يتعلق بعدة مصوغات، منها مستقبل النظام السياسي الفلسطيني في ضوء إصرار عباس بعدم الالتزام ببنود المصالحة، ومناقشة شرعية ولاية عباس وتحديد الموقف النهائي للمجلس التشريعي من هذا الموضوع ولاسيما بأنَّ شرعيته انتهت وأنَّ ما يثبته هو التوافق وهو ألان ينهي التوافق.

إضافة إلى مناقشة مخالفات حكومة التوافق ببنود اتفاق المصالحة وأحكام القانون الأساسي فهي لا تعمل من المجلس التشريعي ولا من أي قانون ولا حتى من العرف الذي يجري في كل العالم، موضحًا أنَّها تحرم قطاع غزة من كل الخدمات والموازنات، ومناقشة مستقبل عمل المجلس التشريعي في حال استمرار تمنع الكتل والقوائم البرلمانية وعلى رأسها حركة فتح عن المشاركة الحقيقية.

وِشدَّد البردويل على أنَّه في حال فشلت جهود تفعيل المجلس التشريعي، فلابد من وقفة جادة أمام النظام السياسي الفلسطيني، متسائلًا هل هنالك نظام سياسي فلسطيني أم هنالك ديكتاتورية يقودها محمود عباس ولا تعترف بأي مؤسسة فلسطينية ولا يعترف بقضاء ولا يعترف بالتشريعي ولا يعترف بالغالبية البرلمانية، فلابدَّ أن توضع علامات استفهام لمستقبل هذا التوافق وهذه الحكومة.

وبيّن أنَّ قطاع غزة خارج موازنة حكومة التوافق، ووزاراتها تعيش حالة من الحصار والقطيعة بقرار من محمود عباس قائلًا "قطاع غزة بلا حكومة، فالموازنة وضعت للضفة الغربية ولم توضع لغزة، الموازنة التشغيلية للوزارات في غزة صفر، والوزارات تعمل بالقصور الذاتي ولم تتلقَ من الحكومة أي شيء وكأنها تعيش في حالة من الحصار والقطيعة كل ذلك بقرار من الرئيس محمود عباس الذي لا يتقدم خطوة إلا بعلم الاحتلال ، ويحاول أن يدخل في مفاوضات جديدة ويساعد الاحتلال في حفظ الأمن ويمكن الاحتلال من اقتحام المسجد الأقصى دون أن يحرك ساكن".

ولفت البردويل إلى أنَّ النظام السياسي الفلسطيني في مهب الريح وأنَّ عباس رئيسًا بالتوافق وانقضاضه على التوافق يلغي شرعيته مضيفًا "السيد محمود عباس ليس شرعيًا انتهت ولايته وإنما تمدد له هذه الولاية بسبب التوافق وهو الآن ينقض على التوافق فلا يكون له شرعية، فهو انقض على المجلس التشريعي وانقض على منظمة التحرير".

واختتم البردويل على أنَّ حركته لن تترك الشعب الفلسطيني ولا القضية الفلسطينية ولا النظام السياسي الفلسطيني رهنًا لمزاج محمود عباس الذي تعامل مع الاحتلال في كل شيء، ويهيئ له كل الظروف التي تمكنه من الاستيطان ومن قمع الشعب الفلسطيني.

وسرعان ما رد الناطق باسم حركة "فتح" أحمد عساف على تصريحات البردويل، وطالب حركة "حماس" بوقفه عن تلك التصريحات وإلا انفجرت المصالحة.

وتساءل عساف في تصريحات صحافية "هل من يتحدث عن الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، يدلي بهذه التصريحات!؟ هل من يدعي أنَّه حريص على تحرير فلسطين يتلفظ بهذه التصريحات ضد رئيس الشعب الفلسطيني ورئيس حركة فتح؟".

ووصف تصريحات البردويل بـ"البذيئة"، مشيرًا إلى أنَّ تلك التصريحات تؤكد موقف حركة "حماس" من المصالحة وعدم نيتها إنهاء الانقسام، مضيفًا "إنَّ قيادات حركة حماس متضررة وتبحث عن مصالحها الشخصية"، قائلًا "يبدو أنَّ من يموّل حركة حماس أمرها بإفشال الوفاق الوطني وتفجير الوضع الحالي"، متسائلاً "هل يوجد مواطن فلسطيني لديه ذرة وطنية يتحدث عن الرئيس بهذه الطريقة".

وأشار عساف إلى أنَّ البردويل يعتبر "محمد مرسي" رئيسه و"محمد بديع" مرشده العام، وهذا ما يفسر حديث البردويل بهذه الطريقة على الرئيس عباس على حد قوله، موضحًا "مرسي رئيسهم وأي جهة تموّل حماس تصبح رئيسها وولي نعمتها ,فخالد مشعل الذي يقيم بالقرب من قواعد العديدية والسيلية بحماية المارينز يعتبر حلف الناتو وليًا له ورئيسًا".

وأكد على أنَّ حركة "فتح" ستعتبر تصريحات البردويل موقفًا لحركة "حماس" في غزة، إلى أن يخرج أحد قيادات "حماس" للاعتذار وينفي ما وصفه بـ"البذاءات"، مشيرًاً إلى أنَّ صمت "حماس" يعني أنها معنية بتفجير المصالحة محملًا اياها مسؤولية النتائج التي ستترتب على تصريحات البردويل.

وأضاف عساف "مضحك من يتحدث عن شرعية رئيس الشعب الفلسطيني، ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف لمن لا يمتلك الشرعية الوطنية والمنتمي إلى الإخوان المسلمين أن يتحدث عن الشرعية، مضيفًا "الرئيس أبو مازن رئيس الشعب الفلسطيني ورئيس حركة فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية وعمره النضالي أكبر من أعمار قيادات حركة حماس"