الرياض - عبد العزيز الدوسري
يبدأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود زيارته الرسمية الأولى للقاهرة اليوم الخميس، ويستقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مطار القاهرة، حيث ستشهد الزيارة التوقيع على 24 اتفاقيات ومذكرات تفاهم حول مجالات التعاون المختلفة، فضلا عن مناقشة القضايا الإقليمية خاصة في اليمن وسورية، ويلقي كلمة له في مجلس النواب المصري الأحد المقبل.
ويعتبر المسؤولون المصريون الزيارة بمثابة "التاريخية" لما تحمل من معاني ورسائل وتزيح أي شائعات حول العلاقات بين البلدين، وتعزز زيارة الملك سلمان من العلاقات بين مصر والمملكة السعودية تقوية حائط الصد السعودي في وجه كاقة الحملات التي حاولت استهداف مصر بعد ثورة 30 يونيو التي أزاحت الإخوان عن حكم مصر، وهي السياسة التى استمر عليها الملك سلمان بعد توليه الحكم في البلاد، كما تعزز الزيارة سبل التعاون الاقتصادي بين البلدين فى الفترة المقبلة، كما أنها تفتح المجال أمام ترجمة مبادرة الملك سلمان بدعم مصر المتمثلة فى زيادة الاستثمارات السعودية في مصر عن 30 مليار ريال، والإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة 5 سنوات مقبلة.
وأكدت مصادر دبلوماسية لـ "فلسطين اليوم" أن زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الى القاهرة سوف تشهد توقيع 24 اتفاقية بين مصر والسعودية خلال الإجتماع السادس والأخير من المجلس التنسيقي بين البلدين، مشيرة الى إنه سيتم توقيع 12 اتفاقية تعاون بشأن تنمية شبه جزيرة سيناء، منهم 4 مذكرات خاصة بإقامة مشروعات مشتركة لإنتاج الدواجن في سيناء باستثمارات تصل إلى 10 مليار جنيه.
وأوضحت المصادر أن هناك اتفاقيات أخرى سيتم توقيعها بشأن تطوير مستشفى القصر العيني ومذكرة تعاون أخرى لتطوير عمليات النقل البحري، وهناك مذكرة تفاهم لمشروع إنشاء ميناء جاف بالإسماعيلية باستثمارات 1.5 مليار جنيه، ومذكرة تفاهم لتأسيس شركتى فرص محور السويس وفرص مصر باستثمارات تتجاوز ٢ مليار جنيه، مؤكّدة أن هناك اتفاقيات أخرى سيتم توقيعها مع وزارات الكهرباء والاستثمار والاتصالات خلال جلسات المجلس التنسيقي بين البلدين في القاهرة، ويتولى الوزراء في البلدين التوقيع على الاتفاقيات المشتركة.
وقد استعدت القاهرة لاستقبال الملك سلمان بترتيبات مُدققة، واستقبلت أمس وفداً يضم أكثر من 120 مسؤولاً سعودياً للإشراف على الترتيبات النهائية لجدول الزيارة، التي تلقي اهتماماً رسمياً وإعلامياً وشعبياً غير مسبوق.ورحب مجلس الوزراء المصري في بيان له، بزيارة العاهل السعودي، مؤكداً أن الزيارة تجسد عمق العلاقات الاستراتيجية الوطيدة بين القيادتين والشعبين المصري والسعودي، وأعرب، وفق بيان أصدره أمس، عن التطلع إلى أن تساهم الزيارة في الدفع بمستويات التعاون القائمة بين البلدين إلى آفاق أرحب تتناسب مع ما لدى الدولتين من إمكانات متميزة وروابط أخوية وطيدة.
وأشاد رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل، وفقاً للبيان ، بآلية المجلس التنسيقي المصري السعودي التي أكدت اجتماعاتها الدورية في مصر والسعودية على ما يوليه الجانبان من أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الثنائية، مشدداً على أن مصر تفتح زراعيها للتعاون المصري السعودي في كل المجالات، وبما يدعم الروابط بين مصر والمملكة، وهما جناحا الأمن القومي في العالم العربي.
وأوضح البيان أن اجتماع الحكومة استعرض إجراءات السير في الحصول على تمويل ميسر لمشاريع تنمية شبه جزيرة سيناء بقيمة 1.5 بليون دولار، والذي كان تم التوقيع عليه بين وزارة التعاون الدولي والصندوق السعودي للتنمية خلال الاجتماع الخامس لمجلس التنسيق المصري السعودي الذي عقد في الرياض 20 الشهر الماضي، وأوضح البيان أن من بين تلك المشاريع مشروعاً لإنشاء تسعة تجمعات سكانية في سيناء بتكلفة تبلغ نحو 120 مليون دولار، ومشروع طريق محور التنمية بطول 90 كم بتكلفة تبلغ 80 مليون دولار لخدمة التجمعات السكانية الجديدة في شرق قناة السويس وربطها بالدلتا غرب القناة.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن زيارة خادم الحرمين الشريفين مصر تأتي في توقيت مهم جداً، من أجل تنسيق الرؤى حول مختلف قضايا القضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين، اللذين يتمتعان بثقل كبير على مستوى تحقيق الأمن القومي العربي. واعتبر أن العلاقات بين السعودية ومصر علاقات «خاصة ومميزة ووثيقة».
وشدد على أن هناك تكاملاً بين البلدين وتطابقاً في وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية، ومنوهاً بأن التطابق هو في الأهداف مع بعض المتغيرات في المنظور التكتيكي.
ووصف سفير السعودية في مصر أحمد عبد العزيز قطان من جهته، الزيارة بأنها «تاريخية وغير مسبوقة»، وأكد في بيان أن «المملكة ومصر ركيزتا وجناحا هذه الأمة، وبهما سيعود الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط». وكتب قطان في حسابه على موقع «تويتر»: «المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً تقف بجوار شقيقتها مصر في مواجهة كل ما يحاك ضدها».
ومن المنتظر أن يزور خادم الحرمين الشريفين "الأزهر"، حيث يستقبله شيخ الأزهر أحمد الطيب وأعضاء هيئة كبار العلماء، لتفقد أعمال الترميمات التي تتم في الجامع الأزهر وبعض المشاريع الأخرى التي تُنفذ بتمويل سعودي.كما يزور خادم الحرمين الأحد المقبل البرلمان (مجلس الشعب) المصري، في زيارة وصفت بأنها «استثنائية». وقال وكيل البرلمان سليمان وهدان: «من المُحتمل أن يلقي خادم الحرمين خطاباً في البرلمان خلال تلك الزيارة التاريخية والاستثنائية التي تأتي تجسيداً حقيقياً للعلاقات القوية بين البلدين». ومن المنتظر أن يتفقد الملك سلمان بعد البرلمان في وسط القاهرة، أعمال تطوير مستشفى قصر العيني الفرنساوي التي تتم بتمويل سعودي.
و يذكر أن الرياض والقاهرة شهدتا على مدار العامين الماضيين، زيارات متبادلة بين القيادات المصرية والسعودية بما يدلل على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، حيث مثلت 10 زيارات متبادلة حيث بدأت أول زيارة، في 24 يناير 2015 حين قام الرئيس عبد الفتاح السيسي على رأس وفد رفيع المستوى بزيارة للسعودية لتقديم واجب العزاء فى وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ثم قام مقرن بن عبد العزير آل سعود ولي عهد المملكة السابق بزيارة لمصر في 13 مارس 2015 لحضور مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، واستقبله الرئيس السيسىي على هامش المؤتمر، وفي 27 مارس 2015 قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة لمصر، لحضور القمة العربية فى دورتها الـ 26، حيث استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسىي ولم تكن زيارة رسمية للبلاد، وبعد شهرين من زيارة الملك سلمان، قام الرئيس السيسي بزيارة للسعودية، التقى به خادم الحرمين وعقدا مباحثات عكست قوة ومتانة العلاقات التاريخية والوثيقة التى تجمع بين البلدين، كما تم استعرضا مستجدات الأوضاع على الساحتين العربية والإقليمية ، لاسيما فيما يتعلق بالتطورات الجارية في اليمن وسبل الحفاظ على وحدة هذا البلد وسلامة أراضيه ومؤسساته الشرعية، فضلاً عن أهمية تكاتف جهود المجتمع الدولى لعدم السماح بالمساس بأمن البحر الأحمر وتهديد حركة الملاحة الدولية.
وزار شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء المصري السعودية في الثاني من ديسمبر الماضي على رأس وفد وزارى ضم كلا من وزيرا الدفاع الفريق أول صدقي صبحي والخارجية سامح شكري، ووزراء الكهرباء والاستثمار والإسكان والتعاون الدولي والبترول للمشاركة فى الاجتماع الأول للجنة التنسيقية المصرية – السعودية المشتركة، وبعد أسبوعين رد الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي ولي العهد الزيارة لمصر، واستقبله الرئيس السيسي، وبحثا نتائج اجتماعات مجلس التنسيق المصري السعودى المشترك، كما تطرقا إلى التحالف الإسلامي الذي يهدف إلى تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة من خلال تشكيل آلية للتنسيق المشترك وتبادل المعلومات وبحث احتياجات الدول التى تواجه الإرهاب
وفي 10 مارس/اذار الماضي قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بأخر زيارة للسعودية لحضور البيان الختامي لمناورات "رعد الشمال" 2016، بمدينة الملك خالد العسكرية بمنطقة حفر الباطن فى السعودية، بحضور العاهل السعودي وعدد من زعماء الدول العربية والإسلامية، وشارك فى التدريب نحو 300 ألف عسكرى من 14 دولة عربية و6 إسلامية، وتعد أضخم مناورة في تاريخ المنطقة، بهدف رفع جاهزية القوات من الأفرع الرئيسية المختلفة، برا وبحرا وجوا، وزيادة التنسيق بينها في المهام المشتركة.