غزة – محمد حبيب
تحاول سلطات الاحتلال الاسرائيلي شرعنه جرائمها التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية، من خلال اتخاذ قرارات صارمة، تهدف لوقف الهبة الجماهيرية الحالية.
ومن المقرر أن تناقش اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الكنيست الاسرائيلي، الأحد مشروع قانون ينص على فرض حكم "الاعدام" بحق الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات قتل لإسرائيليين، حيث أكدت الاذاعة العبرية، إن مشروع القانون ينص على ان كل فلسطيني أدين بقتل اسرائيلي خلال عملية يحكم عليه بالإعدام.
المختص في الشأن الاسرائيلي حاتم ابو زايدة، أكد أن هناك قرارًا غير معلن لدى قيادة الاحتلال يشرعن الاعدامات الميدانية، وما يدلل على ذلك استمرار عمليات قتل الفلسطينيين بدعوى تنفيذ عمليات طعن.
وأوضح أبو زايدة، إن قيادة الاحتلال العسكرية والسياسية مازالت عاجزة عن ايجاد حلول من شأنها وقف الهبة الجماهيرية الجارية،" لذلك يلجؤون لاستخدام أساليب رادعة"، على حد تعبيره، مشيرًا إلى أن هذا القرار يأتي ضمن الاجراءات التي تتخذها اسرائيل لترهيب الفلسطينيين ومن يحاولون تنفيذ عمليات ضد جنود الاحتلال، مستبعدًا أن يوافق الكنيست على مشروع القرار في العلن، من أجل ايصال رسالة للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، بأن اسرائيل لا تريد قتل الفلسطينيين، وأنها تسعى لتحقيق السلام.
وفي المقابل، فإن اسرائيل لا تحترم القوانين الدولية وتعتبر نفسها فوق القانون، ولم تتوانى في الإمعان بقتل الفلسطينيين خاصة في ظل تصاعد الهبة الجماهيرية واستمرار العمليات في مدن الضفة، وفق أبو زايدة. ويخالف أكرم عطاالله الكاتب والمختص في الشأن الاسرائيلي، ما ذهب إليه أبو زايدة، متوقعاً أن يوافق الكنيست على القرار، خاصة انه يضم الأحزاب اليمينية المتطرفة المعادية للفلسطينيين.
واعتبر عطاالله أن القرار هو بمثابة "الاعلان عن السياسة التي تتبعها اسرائيل على أرض الواقع"، مشيراً إلى أن الاحتلال يتبع سياسة الاعدامات الميدانية منذ بدء الهبة. وذكر أنه من المحتمل وجود اكثر من سيناريو أمام الكنيست فيما يتعلق بالقرار، وهما أما القبول بالقرار وهو الأرجح، أو رفضه مع الاستمرار بتنفيذه دون الاعلان عنه. ورجح عطاالله أن يتجه الكنيست للسيناريو الأول، مستدلاً على ذلك انه وافق على اجراءات أكثر عنصرية منذ اندلاع الهبة الجماهيرية في شهر أكتوبر الماضي.
المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، هاني أبو سباع، رأى أن التخطيطات والممارسات الإسرائيلية على الصعيد الأمني والسياسي، "لن تتوقف" بما يعرقل انتفاضة القدس، ويخمد جذوتها.
وقال أبو سباع: إن الأيام الأخيرة حملت فعليا قرارات إسرائيلية للالتفاف على انتفاضة القدس، وخنقها ذاتيا، وذلك بعد سلسلة من الإجراءات والممارسات الميدانية التي رأت أنها فشلت في قمع الانتفاضة منذ انطلاقها"، موضحًا أن هذه الخطط تسير باتجاه سياسة التخفيف من حدة الضغط على الفلسطينيين في الضفة والقدس، كالسماح للعمال والأطباء وغيرهم من العمل داخل الاراضي المحتلة عام 1948 ومنحهم تسهيلات في جوانب الحياة المختلفة.
وأكد على أن هذه الإجراءات أو الخطط الإسرائيلية لن تفلح في ما ترمي إليها من أهداف، مشددا على أن انتفاضة القدس اندلعت في سياقات مختلفة ومترامية، تتعلق أبرز جوانبها في الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات، وحالة الاذلال والقهر التي تمارس بشكل يومي بحق الفلسطينيين، منبّهًا أن الانتفاضة اندلعت "بوقود ذاتي، وعمل وقرار فردي"، وأن هذا الطابع لن يفتت قواه أي تخطيط أو استراتيجية إسرائيلية، مشيرا إلى أن الانتفاضة ألحقت إيذاء كبيرا وواسعا في أركان الدولة العبرية.
وكان وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينت، طرح الجمعة، خطة لمواجهة الانتفاضة، ووقفها، عبر محاور ما وصفه بمنع التحريض، وتشكيل أداة ردع لعائلات منفذي العمليات الفدائية، ومنع وصول الأموال إليهم، ودفن المنفذين في مقابر مجهولة.
واتفق المحلل السياسي فرحان علقم، مع سابقه أبو سباع، إذ أكد أن انتفاضة القدس، أصبحت "الشغل الشاغل" لسلطات الاحتلال، لما تلحقه من أضرار على كافة الأصعدة داخل الدولة العبرية، مشيرا إلى أن مخططات "عميقة" تدور لوأد هذه الانتفاضة، مضيفًا : "هذه المخططات تجاه انتفاضة القدس مهما كان لونها "فسوف تفشل"، لأنه لا أحد اتخذ قرار إشعال الانتفاضة، بقدر ما أنها كانت انتفاضة شعب في وجه العنصرية والعنجهية الإسرائيلية، مؤكّدأ أن الممارسات الإسرائيلية من صلف وعربدة وقتل وقمع على الأرض هي وقود لهذه الانتفاضة، وأن التحسينات الاقتصادية والتسهيلات التي من الممكن أن تعمل عليها سلطات الاحتلال "لن تخفي هذه الحقيقة".
وأشار علقم إلى أن العمليات الفدائية لن تتوقف، وأن الدلائل والقرائن على ذلك كثيرة ومتعددة، أولاها أنه لا يخلو يوم من عمل فدائي يقوم بها شبان فلسطينيون، ضد جنود ومستوطني الاحتلال، وأن هذه الحالة لا يمكن وقفها إلا "بمنع الموت من طالبي الشهادة".
ونبه إلى أن عمليات الشبان الفلسطينيين تغذي وتزيد من لهيب انتفاضة القدس، وقد باتت حتى قلب المستوطنات شديدة الحراسة غير آمنة من هذه العمليات، مؤكدا أن الاحتلال من الممكن أن يلعب بعيدا عن العمل الميداني لمواجهة الانتفاضة بطرق سياسية وإيهام السلطة بأمور لا يجني عبرها أي خير للفلسطينيين.