طرابلس - فاطمة السعداوي
تواصلت الاشتباكات في مدينة "الزاوية" القريبة من طرابلس بين مسلحين منتشرين في المدينة، وتركزت في شارعي عمر المختار و جمال عبدالناصر، فيما أفاد مصدر مطلع بأن مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، قامت باختطاف مدير شركة "الراحلة" للنفط عبد العاطي عبدالجليل، وأن الخاطفين طلبوا فدية مالية قدرت بحوالي خمسة مليون دينار ليبي مقابل إطلاق سراحه.
وأعلن مصدر امني آخر من مديرية أمن "أجدابيا " عن قيام قوة تابعة للمديرية تتمركز في بوابة منطقة "البيضان" والواقعة على الطريق الصحراوي الرابط بين مدينتي اجدابيا وطبرق، من توقيف سيارتين أحدهما نوع ” مرسيدس” والأخرى ” تويوتا” قادمتين من اتجاه الشرق، كان على متن السيارتين خمسة اشخاص من عناصر الهجرة غير الشرعيه يحملون الجنسية المصرية ، واثناء التفتيش ضبط معهم مبلغ مالي يقدر ب ” 13720 دينارليبي ” ، و12 هاتف نقال، وتم فتح محضر ضبط من قبل مناوب التحقيق ، ثم الحالتهم الى جهاز الهجرة غير الشرعيه فى اجدابيا .
وكُشف الليلة الماضية عن أن أحد أبرز قادة تنظيم "داعش" في ليبيا يحتمل أن يكون في بنقردان التونسية. ونقلت قناة "سكاي نيوز" عن مصادر أمنية تونسية قولها إن القيادي الداعشي في ليبيا، محمد كردي، يرجح أن يكون بين المسلحين في بن قردان. وأمس قام العقيد فرج المهدوي رئيس أركان القوات البحرية بزيارة تفقدية لميناء المريسة ببنغازي. وأوضح المنذر الخرطوش من مكتب الإعلام بكتيبة 309 المقاتلة بالمحور الغربي، أن العقيد المهدوي تباحث مع آمر كتيبة 309 حول كيفية تأمين ميناء المريسة، مضيفا أن البحرية ستفاجئ المواطنين بأخبار سارة خلال المستقبل القريب.
يذكر أن كتيبة 309 وبعض الكتائب المساندة لها حررت ميناء المريسة ببنغازي خلال الفترة الماضية من قبضة التنظيمات الإرهابية التي كانت تسيطر عليه. سياسياً، تعقد دول جوار ليبيا اليوم الإثنين وغداً الثلاثاء اجتماعاً لها في تونس لمناقشة التطورات الليبية وسبل تنفيذ القرارات الدولية والاوروبية بشأن المصالحة وتسليم السلطة الى حكومة فايز السراج الشرعية. ويحبس الليبيون وجيرانهم أنفاسهم قبل لحظة اختبار ما أعلنه السراج عن دخول حكومته إلى طرابلس في غضون أيام. وسواء تم هذا الأمر بالسرعة التي تحدث عنها السراج أم لا، فإن المؤكد أن عجلة القرار حول ليبيا لن تعود إلى الوراء، إذ حسم هذا الأمر نهائياً في كل مستوياته الدولية، في انتظار أن يُستكمل ليبياً. ويبقى التأكد فقط من شكل تطبيق هذا القرار، وإذا ما كانت كلفته ستكون باهظة أم لا، بعد أن أعلنت حكومتا طبرق وطرابلس رفضهما لحكومة الوفاق.
ويُعتبر احتمال حصول مقاومة لدخول الحكومة إلى طرابلس فرضية ممكنة، لم يغفل عنها المجتمع الدولي المساند لمسار حكومة "الوفاق"، ولا تستبعد مصادر تونسية رفيعة المستوى، تحدثت لـ"العربي الجديد"، إمكانية استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يتيح اللجوء إلى القوة لفرض سيطرة الحكومة في حالة واجهت هذه الحكومة مقاومة منعت سيطرتها على الأرض. وهو ما يفهم منه بإمكانية اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وكان مجلس الأمن قد دعا منذ أيام إلى عدم التعامل مع حكومتي طرابلس وطبرق، معتبراً أن حكومة "الوفاق" هي الممثل الشرعي الوحيد لليبيا. وكانت مصادر قد سرّبت معلومات عن تحضيرات لعرض مشروع قرار في مجلس الأمن يفرض عقوبات على معرقلي عمل حكومة السراج. كما كان مجلس الأمن قد شدد في بيان على أن العاصمة طرابلس يجب أن تكون مقراً لحكومة "الوفاق الوطني" بعد أن يتم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الأمن فيها.
وفي سياق هذه الأحداث المتواترة، يأتي اجتماع دول جوار ليبيا (تونس والجزائر ومصر والسودان والتشاد والنيجر) في تونس لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، إذ تحتضن العاصمة التونسية اليوم الإثنين اجتماعاً تحضيرياً على مستوى كبار الموظفين، يسبق اجتماع وزراء خارجية هذه الدول غداً الثلاثاء لبحث السبل الكفيلة بدعم العملية السياسية وجهود إعادة الأمن والاستقرار. وسيشهد هذا الاجتماع مشاركة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وممثلي الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
ولفت وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، إلى الأهمية الكبيرة التي توليها تونس لهذا الاجتماع الذي ينعقد في وقت حساس للغاية، وقال في تصريح إذاعي إن "تونس تنتظر الكثير من هذا الاجتماع". من جهته، قال المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، الذي سيشارك في المؤتمر، إنه سيتم بحث مسار المفاوضات وتمكين حكومة الوفاق الوطني من عملها، مشيراً إلى أنه تم توجيه الدعوة إلى فائز السراج للمشاركة في الاجتماع وإيجاد الحلول والاقتراحات التي تساعد حكومة الوفاق على عملها من طرابلس في أقرب وقت.
غير أن اجتماع تونس لن يكون بالسهولة التي قد يتخيلها البعض، إذ تسبقه اختلافات واضحة بين جيران ليبيا، وخصوصاً بين الجزائر وتونس من جهة، ومصر من جهة أخرى. وفي حين أكدت تونس مرة أخرى عبر رئيسها الباجي قائد السبسي أمس الأحد أنها لا تنحاز لأي طرف في ليبيا، وترى أن المصالحة الشاملة هي الحل، تميل مصر إلى دعم الجهة الشرقية وتطالب بدعم جيش خليفة حفتر، وهو ما عارضته إيطاليا أيضاً على لسان وزير خارجيتها باولو جينتيلوني، لأن الحل ليس بيد حفتر على حد قوله، وأنها تعتقد أيضاً أن المصالحة هي السبيل الوحيد لإخراج ليبيا من أزمتها.
ويبدو أن مسألة دخول الحكومة إلى طرابلس أصبحت مسألة وقت لا غير، إذ أشار السراج على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" إلى وصول عدد من أفراد المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس، وقد بدأوا في عقد اجتماع مع الضباط المكلفين بالترتيبات الأمنية. ولفت السراج إلى ما كان أعلنه سابقاً من إتمام الاستعدادات مع "القوى الموجودة على الأرض"، مضيفاً: "قمنا بالتنسيق مع جميع الوزارات داخل مدينة طرابلس بهدف التسليم والتسلم، والجميع وافق بالإضافة إلى مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، ولن تكون في ليبيا إلا حكومة واحدة، لقد انتهت الفوضى".
وشهدت الأيام الأخيرة تحركات رفيعة المستوى للسراج، تشير إلى عزمه الواضح على الإمساك بزمام الأمور، والتصرّف كرئيس حكومة فاعلة، وتدل في الوقت ذاته على اعترافات متتالية من عدة دول بحكومته كسلطة شرعية وحيدة ممثلة لليبيا. وتبدو تونس على رأس هذه الدول، إذ التقى السراج رئيس الحكومة التونسية الحبيب الصيد، الذي أكد دعم تونس "الكامل واللامحدود للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني"، وترحيبها بإعلان حكومة الوفاق الوطني بدء عملها من العاصمة الليبية طرابلس، مؤكداً أن بلاده ستدرس إعادة الرحلات الجوية بين المطارات الليبية ومطار قرطاج الدولي.
غير أن الاختبار الحقيقي سيكون شعبياً ودولياً أيضاً، إذ عارضت فئات متعددة من الأحزاب والجهات الليبية دخول حكومة الوفاق إلى طرابلس، بينما خرجت تظاهرات ضمت مجموعات من الشباب وأهالي مدن عديدة، من بينها طرابلس ومصراتة، تأييداً لحكومة الوفاق الوطني وداعية للبدء في بناء الدولة. ويبدو هذا الانقسام جلياً في هاتين المدينتين بالخصوص، اللتين تمثلان الغرب الليبي، وربما أراد السراج إنهاء هذا الانقسام بفرض الأمر الواقع، خصوصاً أنه يلقى دعماً شعبياً هاماً من فئات كثيرة أتعبتها الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة، ويحاول اقتناص هذه اللحظة المهمة التي تعتبر ظرفاً سياسياً ملائماً قد لا يتكرر لطرح بديل عن فشل غرب وشرق ليبيا في إيجاد صيغة سياسية تنهي حالة الفوضى.
وحذّر الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر، من توسع نفوذ "داعش" بشكل كبير في ليبيا العام الماضي، مؤكدًا أنها تستطيع شنّ هجمات ضد مصر التي تصل حدودها مع ليبيا إلى 1800 كيلو متر، واصفًا الوضع في ليبيا بالفوضوى. وأعرب كوبلر عن رضائه من مستوى تعاون الحكومة المصرية لحل الأزمة الليبية التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالسيطرة على الوضع الأمني هناك، وإحداث تقارب بين الأطراف المعنية في ليبيا والعمل على استقرار البلاد وعدم تفكيكها.
وأكد كوبلر أن تنظيم "داعش" الذي يُسيطر حاليّا على سرت يتوسع في اتجاه الجنوب ولديه خلايا متطرفة نائمة في طرابلس وأماكن أخرى، إضافة عن جماعات متطرفة أخرى، وهي "القاعدة" و"أنصار الشريعة" اللتان تنفذان هجمات في شرق وغرب ليبيا، مشيرًا إلى أنّ التقديرات حول أعداد المتطرفين تصل إلى ما بين 3 إلى 6 آلاف متطرف في ليبيا. وشدد على أهمية تشكيل جيش ليبي موحد حتى يتسنى له الحصول على استثناء من حظر التسليح الذي فرضته الأمم المتحدة، وأن يشتري السلاح لمحاربة التطرف.
وأشار الممثل الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا إلى أن قوات "حفتر" التي تقاتل في بنغازى تحاول منع توسع المتطرفين في شرق البلاد ومليشيات أخرى مثل الجماعة المسلحة. ولفت كوبلر إلى أن محاربة داعش وغيره من الجماعات المتطرفة ليست مسؤولية المجتمع الدولى، وإنما مسؤولية الشعب الليبي، وذلك عند تولي حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز سراج مهام منصبها وانتقالها إلى طرابلس العاصمة، مؤكّدًا أن الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة الوفاق الوطني هو الطريق الوحيد لمحاربة "داعش".