الأسرى الفلسطينيون

أصدرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، الاثنين، تقريرًا بمناسبة "يوم الأسير الفلسطيني"، والذي يصادف السابع عشر من نيسان/إبريل في كل عام.

ويتضح من التقرير أن عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يصل إلى 6500 أسير، بينهم 24 أسيرة، و 200 قاصر، و 480 أسيرًا حكموا بالسجن المؤبد.

كما يتضح من التقرير أنه منذ العام 1967 وحتى نهاية نيسان/أبريل دخل سجون الاحتلال أكثر من 850 ألف فلسطيني، بينهم 15 ألف امرأة.

وأشار التقرير بداية إلى أن المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية كان قد أقر في عام 1974، خلال دورته العادية يوم السابع عشر من نيسان/أبريل، يوماً وطنياً للوفاء للأسرى وتضحياتهم، باعتباره يوماً لشحذ الهمم وتوحيد الجهود، لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية، يوماً لتكريمهم و للوقوف بجانبهم وبجانب ذويهم، يوماُ للوفاء لشهداء الحركة الوطنية الأسيرة.

ومنذ ذلك التاريخ كان ولا يزال 'يوم الأسير الفلسطيني' يوماً ساطعاً يحييه الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ويشاركه في إحيائه أحرار العالم في العديد من العواصم العربية والأوروبية، بوسائل وأشكال متعددة.

ومع حلول الذكرى السنوية لمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، لا تنفك سلطات الاحتلال الإسرائيلية ومؤسساتها وأجهزتها المختلفة، التي لا تمت للإنسانية بصلة، بمواصلة مسلسل اعتقال الفلسطينيين في كل مكان وزمان، ولتطال كافة شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني، لتتجاوز عدد الاعتقالات منذ العام 1967 وحتى نيسان 2015، نحو (850 ألف) فلسطيني، بينهم 15 ألف امرأة فلسطينية وعشرات الآلاف من الأطفال.

ووفقا لتوثيق هيئة شؤون الأسرى فإنه ومنذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 أيلول/سبتمبر 2000، ولغاية اليوم، سُجلت أكثر من (85) ألف حالة اعتقال، بينهم أكثر من (10,000) طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، ونحو (1200) امرأة فلسطينية، وأكثر من (65) نائباً ووزيرًا سابقًا، وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة (24) ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.

ولم تقتصر تلك الاعتقالات على شريحة معينة أو فئة محددة، بل طالت كل فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني دون تمييز، حيث شملت الأطفال والشبان والشيوخ، الفتيات والأمهات والزوجات، مرضى ومعاقين وعمالًا وأكاديميين، نوابًا في المجلس التشريعي ووزراء سابقين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وأدباء وكُتابًا وفنانين.

وتتم حالات الاعتقال وما يرافقها ويتبعها بشكل مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني من حيث أشكال وظروف الاعتقال، ومكان الاحتجاز، والتعذيب بأشكاله الجسدية والنفسية، إذ تفيد الوقائع وشهادات المعتقلين بأن (100%) من الذين مرّوا بتجربة الاحتجاز أو الاعتقال تعرضوا لأحد أشكال التعذيب الجسدي أو النفسي والإيذاء المعنوي والإهانة أمام الجمهور أو أفراد العائلة، فيما الغالبية منهم تعرضوا لأكثر من شكل من أشكال التعذيب.

ولاحظت هيئة شؤون الأسرى خلال متابعتها تصاعد استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال الأربع أعوام الماضية، إذ سجل خلالها اعتقال (3755) طفلًا، منهم (1266) طفلًا خلال العام المنصرم 2014، فيما لم تتوقف سلطات الاحتلال عن استهدافها المتصاعد للأطفال، وسُجل خلال الربع الأول من العام الجاري اعتقال أكثر من 200 طفل، دون مراعاة لصغر عمرهم وضعف بنيتهم الجسمانية، ودون أن تلبي احتياجاتهم الأساسية، بل عُوملوا بقسوة، وتعرضوا للتعذيب، وحرموا من أبسط حقوقهم الأساسية والإنسانية، وفرضت عليهم أحكام مختلفة بالسجن الفعلي والغرامة والحبس المنزلي، الأمر الذي يشكل خطرًا حقيقيًا على واقع الطفولة الفلسطينية ومستقبلها.

ويتوزع الأسرى الفلسطينيين، على قرابة ( 22) سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، أبرزها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، هداريم، جلبوع، شطة، المسكوبية، الرملة، الدامون، هشارون، هداريم، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو.

وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات خلال عملية الاعتقال لما يتعرض له الأسرى الذكور من ضرب وإهانة، والشتم والتحقير، وخلال عمليات النقل لا يتم إعلامهن إلى أي جهة سيتم نقلهن.

وخلال التحقيق يتعرضن لصنوف مختلفة من التعذيب والترهيب والتهديد والمعاملة القاسية والضرب والتعنيف والمساس بكرامتهن.

تستمر المعاناة من خلال عقوبات العزل الانفرادي أو الحرمان من الزيارة والكانتينا والخروج للفورة، عدا عن إجراءات التفتيش الاستفزازي والحرمان من العلاج اللازم أو التعليم الجامعي والتقدم لامتحانات التوجيهي.

ويوجد في سجون الاحتلال (7) أسيرات لهن أزواج وأشقاء في سجون أخرى، دون أن يسمح لهن بالالتقاء بهم أو التزاور أو حتى التواصل معهم.

ويعاني أكثر من (1500) أسير في السجون الإسرائيلية من أمراض مختلفة، جراء الظروف الحياتية والمعيشية ورداءة الطعام وتلوث البيئة المحيطة والمعاملة القاسية وسوء الرعاية الصحية والإهمال الطبي، من بينهم 16 أسيرا يقيمون بشكل شبه دائم في ما يسمى مشفى سجن الرملة بأوضاع صحية غاية في السوء، ويعانون من أمراض خطيرة، منهم مصاب بالشلل ومقعد ويحتاجون إلى رعاية صحية خاصة، ومنهم من يحتاج لعمليات جراحية عاجلة في الوقت الذي يمنع أطباء من الخارج من زيارة المرضى ومعاينتهم أو تقديم العلاج لهم، كما يوجد في السجون الاسرائيلية أكثر من (80 ) حالة مرضية مزمنة وخطيرة للغاية، عدا عن وجود (24) حالة مصابة بالسرطان وعشرات المعاقين (إعاقات جسدية ونفسية وحسية).

ويصاب الأسرى بالعديد من الأمراض النفسية والجسدية بسبب سوء ظروف الاحتجاز والأوضاع المعيشية الصعبة وانتشار الحشرات وسوء التغذية وانعدام النظافة وسوء التهوية والرطوبة والإنارة الضعيفة والاكتظاظ داخل الغرف، إضافة إلى اعتقال بعضهم بعد تعرضهم للإصابة بالرصاص من قبل قوات الاحتلال، وتعرضهم للتعذيب والضرب مكان الإصابة وأثناء التحقيق لإجبارهم على الاعتراف.

وتنتشر الأمراض الجلدية والالتهابات الصدرية وأمراض القرحة والأورام السرطانية والفشل الكلوي والديسك والجلطة والروماتيزم وآلام العمود الفقري والضغط والسكري وضعف البصر وآلام الأسنان، عدا عن الأمراض النفسية.

وبحسب التقرير فإن الأسرى المرضى يتعرضون للعديد من الانتهاكات والضغوطات، وتصبح أجسادهم حقل تجارب للأطباء الصهاينة ولشركات الأدوية الإسرائيلية.

ويأتي الاعتقال الإداري هو العدو المجهول الذي يواجه الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا تهمة، يحتجز المعتقل بموجبه دون محاكمة، ودون إعطائه أو منح محاميه أي مجال للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى "الملف السري" الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية الإسرائيلية.

وتتراوح أحكام الاعتقال الإداري ما بين شهر حتى 6 شهور، يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي مستندين إلى العديد من الأوامر العسكرية المتعلقة بالخصوص، وفي مرات كثيرة يتم تجديدها لمرات عدة تصل أحيانًا لأكثر من عشرة مرات، وليمضي المعتقل الإداري أكثر من خمسة أعوام دون تهمة أو محاكمة وبذريعة الملف السري.

وشمل الاعتقال الإداري جميع فئات المجتمع الفلسطيني وعلى مختلف الأجناس والأعمار، امرأة ورجلا، صغيرًا وكبيرًا، كما أن العديد من المعتقلين الإداريين هم من أصحاب الرأي والكفاءات العلمية والأطباء والمهندسين والأساتذة والصحفيين، وكذلك نواب المجلس التشريعي.

والأوضاع الحياتية والمعيشية داخل سجون الاحتلال غاية في القسوة والصعوبة، خاصة وأننا نتحدث عن قائمة طويلة من الانتهاكات، كالتعذيب وسوء الأوضاع الصحية والإهمال الطبي والعزل الانفرادي والحرمان من الزيارات، وابتزاز الأطفال وسوء الطعام واقتحام الغرف والتفتيش الليلي، وفرض الغرامات المالية وعمليات التنكيل المستمرة.. إلخ.

وحسب ما هو موثق لدى هيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن (206) أسيرًا استشهدوا داخل سجون الاحتلال بعد الاعتقال منذ العام 1967. ومن هؤلاء الشهداء (71 معتقلاً) استشهدوا نتيجة التعذيب، و(54 معتقلاً) نتيجة الإهمال الطبي، و(74 معتقلاً) نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و(7) أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من قبل الجنود والحراس وهم داخل السجون، بالإضافة الى عشرات آخرين استشهدوا بعد خروجهم بفترات وجيزة نتيجة أمراض ورثوها من السجون أمثال هايل أبو زيد، مراد أبو ساكوت، فايز زيدات، أشرف أبو ذريع وزكريا عيسى وسيطان الولي وزهير لبادة وحسن الترابي وغيرهم. وتعمد سلطات الاحتلال إلى إطلاق سراحهم بعد تدهور حالتهم الصحية لدرجة ميؤوس منها، ليتوفوا خارج السجون في محاولة منها للتنصل من مسؤولياتها. كما حصل مؤخرا مع الشهيد الأسير المحرر جعفر عوض من بلدة بيت أمر في الخليل.

وتهيب هيئة شؤون الأسرى والمحررين بكافة أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وبأبناء الأمتين العربية والاسلامية وكافة أحرار العالم، للمساهمة الفاعلة والمؤثرة في نصرة الأسير الفلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والمشاركة في إحياء يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف في 17 من نيسان/أبريل من كل عام، وفاء لتضحياتهم ونضالاتهم ودعمًا وإسنادً لقضيتهم العادلة وحقهم بالحرية، وللضغط على المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية، ومطالبته بتحمل مسؤولياته والتحرك الفوري لتوفير الحماية القانونية والإنسانية للأسرى الفلسطينيين باعتبارهم مناضلين من أجل الحرية، وإلزام حكومة الاحتلال على احترام القانون الدولي في تعاملها معهم، كخطوة على طريق إطلاق سراحهم جميعًا كشرط أساسي لاستقرار الأمن والسلام في المنطقة.

واختتم التقرير بالقول إنه 'لا حياة مع الاحتلال، ولا أمن واستقرار في ظل الاحتلال، ولا سلام في ظل استمرار السجون وبقاء الآلاف خلف جدرانها'.