غزة - كمال اليازجي
أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية عن رفضهما القاطع لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم مؤكدا أن الشعب الفلسطيني لن يسمح بالمساس بحقوقه التي ناضل من أجلها لعقود طويلة وقدم التضحيات الجسام لإنجازها وشدد عباس في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية وفا على أن هذه الدعوات تمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وأن السلام والاستقرار في المنطقة لن يتحققا دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو عام الف وتسعمائة وسبعة وستين وذلك على أساس حل الدولتين
وأضاف الرئيس الفلسطيني أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أرضه وحقوقه ومقدساته مشددا على أن قطاع غزة هو جزء أصيل من أرض دولة فلسطين إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة كما أكد عباس أن الحقوق الفلسطينية المشروعة غير قابلة للتفاوض مشيرا إلى أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والمؤتمنة على ثوابته وأنها صاحبة القرار الفلسطيني المستقل ولا يحق لأي طرف اتخاذ قرارات بشأن مستقبل الشعب الفلسطيني نيابة عنها
وأشاد عباس بالمواقف العربية الراسخة ضد التهجير والضم والتمسك بتجسيد الدولة الفلسطينية كمطلب أساسي لتحقيق السلام في المنطقة وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية مثمنا موقف مصر والأردن الرافض للتهجير والمساس بالحقوق الفلسطينية المشروعة كما أثنى على موقف السعودية الرافض للاستيطان والضم والتهجير والذي يؤكد التمسك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس
ودعا عباس الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهما والتحرك العاجل لحماية قرارات الشرعية الدولية والعمل على الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مشددا على ضرورة حماية حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم والبقاء على أرضهم كما طالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية وأكد أن القيادة الفلسطينية ملتزمة بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي تنص على تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية عاصمتها الأبدية
وفي سياق متصل انتقد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والسيطرة الأمريكية على القطاع بعد الحرب واصفا هذا الطرح بأنه ليس منطقيا وأكد الرئيس البرازيلي في مقابلة إذاعية أن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض وهم وحدهم من يجب أن يقرروا مصير غزة وليس أي طرف آخر
من جانبه رفض وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس اقتراح ترامب بتهجير سكان قطاع غزة والسيطرة عليه لإنشاء ما أسماه ريفييرا الشرق الأوسط مؤكدا أن غزة هي أرض الفلسطينيين وسكانها يجب أن يبقوا فيها وأضاف ألباريس أن غزة يجب أن تكون جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية التي تدعمها إسبانيا مشددا على أهمية التعايش السلمي الذي يضمن ازدهار الفلسطينيين وأمن إسرائيل
وأثارت تصريحات ترامب ردود فعل دولية غاضبة حيث رفضت كل من السعودية وتركيا والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وفلسطين هذه الخطط وحذرت من تداعياتها على استقرار المنطقة
وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي خلال زيارته إلى أوكرانيا أن الفلسطينيين يجب أن يكون لهم مستقبل في وطنهم مشيرا إلى أن الحل يجب أن يكون على أساس قيام دولتين تعيشان بسلام جنبا إلى جنب كما أكدت الخارجية الفرنسية أن تهجير الفلسطينيين قسريا يمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي ويشكل عقبة رئيسية أمام تحقيق السلام في المنطقة
بدورها انتقدت روسيا تصريحات ترامب حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن ما سماه ثقافة الإلغاء أصبح واضحا في التعامل مع القضية الفلسطينية مؤكدا أن مجلس الأمن الدولي سبق وأن أقر قيام الدولة الفلسطينية كضرورة لتحقيق السلام في المنطقة وأضاف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن مؤكدا أن بلاده ترفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريا
من جانبه اعتبر القيادي في حركة حماس عزت الرشق أن تصريحات ترامب تعكس تخبطا وجهلا عميقا بفلسطين والمنطقة مؤكدا أن غزة ليست أرضا مشاعا ليقرر أي طرف مصيرها بل هي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة وأضاف الرشق أن أي حل يجب أن يكون قائما على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضمان حقوق الشعب الفلسطيني وليس على عقلية القوة والهيمنة
كما شددت السعودية على موقفها الراسخ من قيام الدولة الفلسطينية ردا على تصريحات ترامب التي زعم فيها أن المملكة لا تطالب بدولة فلسطينية مقابل اتفاق سلام مع إسرائيل وأكدت وزارة الخارجية السعودية أن هذا الموقف غير قابل للتفاوض أو المزايدة مشيرة إلى أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شدد بشكل واضح وصريح على أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون تحقيق دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية
وفي ظل هذا الجدل السياسي أعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على قطاع غزة بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى مشيرا إلى أن غزة قد تصبح ريفييرا الشرق الأوسط وأضاف أن واشنطن ستعمل على إزالة الذخائر غير المنفجرة وإعادة تطوير القطاع ليصبح منطقة مزدهرة اقتصاديا
ورغم الانتقادات الحادة التي واجهتها تصريحاته قال ترامب إنه يتوقع أن يلقى الفلسطينيون دعمه في هذا المخطط مؤكدا أنه ناقش الفكرة مع قادة المنطقة وحصل على تأييدهم لكنه لم يقدم أي تفاصيل بشأن كيفية تنفيذ هذه الخطة وما إذا كانت هناك موافقة فعلية من الدول المجاورة مثل مصر والأردن اللتين رفضتا في السابق أي خطط لإعادة توطين الفلسطينيين على أراضيهما
وفي ظل هذا التصعيد حذرت منظمات حقوقية دولية من أن تنفيذ هذه الخطة سيؤدي إلى انتهاك القانون الدولي ويهدد استقرار المنطقة كما رفضت الأمم المتحدة أي محاولة لتهجير الفلسطينيين قسريا مؤكدة أن الحل يجب أن يكون عبر مفاوضات سياسية تضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
وفي النهاية يبدو أن تصريحات ترامب قد خلقت موجة من الرفض الدولي حيث أكدت العديد من الدول التزامها بحل الدولتين ورفضها لأي محاولات لفرض سيطرة أمريكية أو إسرائيلية على قطاع غزة ويبقى التساؤل قائما حول ما إذا كانت هذه التصريحات مجرد محاولة للضغط السياسي أم أنها تعكس سياسة جديدة ستسعى الإدارة الأمريكية إلى تنفيذها في المستقبل
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الرئيس الفلسطيني يستقبل رئيسة الصليب الأحمر الدولي لبحث الأوضاع الإنسانية في غزة