حركة "فتح" تحسم أمرها لعقد مجلس وطني بعيدًا عن أيّ صيغة توافق وطني

حسمت حركة "فتح" التي تتولى قيادة السلطة ومنظمة التحرير أمرها لعقد مجلس وطني، بعيدًا عن أي صيغة توافق وطني توحي بأنّ المجلس ذو أطياف مختلفة كما هو متعارف عليه، لكن ما يطفو على السطح أنّ الذهاب باتجاه عقد هذا المجلس بهذا الشكل اللامبالي، يضع علامات استفهام بشأن طبيعة المواضيع التي سيناقشها، والقرارات التي سيتخذها.

لطالما دعت الفصائل الفلسطينية مجتمعة إلى تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، ودعت لعقد فوري له، إلا أنّ هذه النداءات لم تلق آذانًا مصغية من رئيس السلطة محمود عباس ومن رئاسة المنظمة كذلك، الأمر الذي استدعى الجبهة الشعبية (أبرز مؤسسي منظمة التحرير) إلى رفض حضور جلسة المجلس المقرر عقدها في رام الله في 30 إبريل/نيسان الجاري.

حركة "حماس" ثمنت موقف الجبهة الشعبية الرافض لعقد المجلس الوطني دون توافق فلسطيني، وعدته موقفًا "تاريخيًّا يأتي استجابة للمسؤولية الوطنية والحرص على مسيرة الوحدة الوطنية الفلسطينية".

ودعت حماس، الفصائل الفلسطينية والشخصيات الوطنية والمؤسسات الأهلية إلى اتخاذ "موقف مماثل" في رفض المشاركة في جلسة الوطني، وعدّت الحركة أن الرفض يأتي "استشعارًا بالمآلات الخطيرة لعقد المجلس الوطني دون توافق، وأهمها تأبيد الانقسام وتعزيز فرص تمرير المؤامرات، وفي مقدمتها ما يسمى بصفقة القرن".

ودعت السلطة الفلسطينية وحركة فتح إلى "التقاط رسالة الإجماع الفلسطيني الرافضة لحالة التفرد بالقرار" والعمل على وقف "سياسة التفرد" وفي مقدمتها قرار عقد المجلس الوطني.

مؤتمرات موازية
المحلل السياسي صالح النعامي، أكّد أنّ ذهاب "حماس" والفصائل الفلسطينية إلى تنظيم مؤتمرات وطنية موازية للمجلس الوطني، "يؤسس لتحول تاريخي يسهم في تجفيف البيئة الداخلية التي يعمل فيها عباس، الذي يصر على مواصلة نهجه الهادف إلى تدمير سقف التطلعات الوطنية عبر خوض معارك ثانوية يفيد منها أعداء الشعب والقضية".

وقال النعامي: "تحسن حماس صنعًا في حال عمدت فورًا وبالتعاون مع جميع الفصائل وكل الوطنيين الفلسطينيين إلى الإعداد فورًا لتنظيم هذه المؤتمرات".

ودعا إلى الاستنفار الفوري، والعمل الجاد في الداخل والشتات لتنظيم هذه المؤتمرات ولو بشكل مبسط في البداية، "بحيث يتم الاتفاق خلالها أيضًا على تشكيل لجان تحضيرية لصياغة برنامج وطني شامل يتضمن الحد الأقصى من القواسم المشتركة التي بالإمكان التوافق عليها" كما قال.

كما دعا "حماس" تحديدًا للاستعداد لتقديم أقصى التنازلات اللازمة من أجل تحقيق هذا الهدف الوطني، مبينًا أنّ هذه الخطوة تمنح حراك مسيرات العودة سقفًا سياسيًّا وطنيًّا.
ونبه بأنّ بعض الفصائل يمكن أن ترفض المشاركة في البداية بهذه الخطوة لاعتبارات كثيرة، "ولكن الانهيارات التي يتسبب بها عباس ستقنع الجميع في النهاية بالالتحاق بهذه الخطوة" بحسب قوله.

دعوة لرفع الشرعية
"رفع الشرعية عن المجلس الوطني بصورته الحالية إعلاميًّا وسياسيًّا، وأنّه مجلس فئوي غير  توافقي لا يمثل الكل الفلسطيني".. هذا ما ذهب إليه المحلل السياسي إبراهيم المدهون، الذي يعتقد أنّ مخرجات هذا المجلس لن تلبي رغبات وتطلعات الشعب الفلسطيني.

ووافق المدهون في حديثه لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" نظيره النعامي، الرأي بالذهاب إلى عقد مجلس وطنية مماثلة، مبينًا أنّ ما يدعم ذلك هو أنّ هناك تكتلا فلسطينيا عريضا وصلبا وقويا يمثله حركتا حماس والجهاد الشعبية، وربما تيارات عديدة في فتح أيضًا.

ودعا المحلل السياسي، إلى أنّ يشكل هذا التكتل ورقة ضغط، إما الاعتماد على ورقة بيروت واتفاقها أو الذهاب إلى مؤتمر موازٍ آخر يفرز قيادات فلسطينية تعبر عن الحالة الوطنية الفلسطينية بعيدًا عن هيمنة محمود عباس.

ولفت المدهون إلى أنّ عقد مؤتمر وطني بديل قد يواجه عقباتٍ عدة، "فهو يحتاج إلى دعم دولي وإقليمي، وهذا الخيار ربما يكون مطروحا بقوة، إذا ما رغبت القاهرة بالتحديد في ذلك، وحماس علاقاتها بالقاهرة قوية يمكن أن تمهد لشيء من هذا القبيل".

مؤتمر واجب
الكاتب والمحلل السياسي عصام شاور، أبدى تأييده لذات الفكرة بضرورة عقد مؤتمر موازٍ للمجلس الوطني، ولكنه أكد على ضرورة أن لا يكون ذلك كجسم مواز، وأضاف: "تشكيل جسم مواز سيخلق ذرائع لا حاجة لقطاع غزة بها، ولكن المؤتمر الرافض للتهرب من استحقاقات اتفاق القاهرة والمصالحة واجب".

ودعا شاور في حديثه لمراسلنا إلى ضرورة أن تقنع "حماس" الفصائل بتشكيل إدارة جديدة لقطاع غزة، وضرورة الإصرار على عقد الانتخابات بناء على اتفاقية القاهرة واتفاقيات لاحقة، "وأقصد تحديدًا انتخابات المجلس الوطني والإصرار على تفعيل الإطار المؤقت لمنظمة التحرير" كما قال.​